أكد اقتصاديون أن مشروع مدينة «القدية» الثقافية والرياضية والترفيهية، هو نقطة تحول لصناعة الترفيه والسياحة في السعودية نحو الاحتراف في هذه الصناعة، ويوفر للسياح، سواء من الداخل أم الخارج مدينة سياحية متكاملة، مشيرين إلى أن المشروع الضخم هو بداية إنشاء مدن سياحية ترفيهيه في جميع أنحاء المملكة، تكون قادرة على خلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار، وبالتالي إسهامها في خفض معدلات البطالة، بخلق فرص وظيفية متعددة في المجال الترفيهي والسياحي. منوهين في الوقت ذاته بأن دخول صندوق الاستثمارات العامة بصفة مستثمر رئيس، يسهم في دفع المشروع إلى الأمام بجذب الاستثمار مستقبلاً في هذه الصناعة. وبين الاقتصاديون أن مجال السياحة في السعودية يسهم بمعدل ثمانية في المئة في الناتج المحلي، ومن المتوقع أن يتضاعف ليصل إلى ما بين 20 و26 في المئة في الناتج المحلي، مع توقعاتهم بارتفاع ذلك المعدل في السنوات المقبلة ليصل إلى ما يقارب 50 في المئة، كما قدر بعضهم. و«القدية» التي تعد أحد مشاريع الخطط الهادفة إلى دعم «رؤية 2030» من خلال تطوير مجال الترفيه والسياحة، الذي اعتبره المستثمر في مجال السياحة والترفيه عبدالمحسن الحكير «نفط السعودية الجديد». وقال الحكير ل«الحياة»: «إن الاستثمار في المجالات السياحة والترفيه أمر مهم، والتي ستكون رفداً اقتصادياً مهماً للدولة». واستطرد بالقول: «السعودية لديها عدد من المميزات في الجانب السياحي والترفيهي، والتي يمكن استثمارها بحيث تكون هي نفط السعودية في المرحلة الجديدة، والتي ستسهم في الناتج المحلي السعودي». في المقابل أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن مدينة القدية هي البداية لصناعة الترفيه المحترفة، من خلال المدن السياحية المتكاملة، وقال ل«الحياة»: «إن مدينة (القدية) وما يليها من مدن سياحة هي الأكثر قدرة على توفير خدمات سياحية وترفيهيه نوعية للمواطنين والزائرين، وقادرة على الارتقاء بصناعتها وفق المتطلبات العصرية، ما يجعلها قبلة للسائحين والزوار والباحثين عن البيئة السكانية المتكاملة». وأضاف: «إن المملكة تفتقر إلى المدن السياحية المتخصصة، وربما تكون «القدية» بداية الانطلاقة لإنشاء مدن متخصصة في مناطق المملكة. فالمدن المتخصصة قادرة على تحقيق التنمية النوعية وخلق الفرص الاستثمارية والوظيفية وجذب الاستثمارات الخارجية والمحلية، وتأسيس قاعدة صناعة الترفيه العصري المحقق لتطلعات الشباب». واستطرد بالقول: «إن مدينة (القدية) الترفيهية، في حال اكتمالها، ستسهم في جذب السياح والزائرين، وحفز السياحة المحلية وتوفير وجهة سياحية من الدرجة الأولى للمواطنين والمقيمين والخليجيين بوجه عام». مشيراً إلى أن أكثر من 6 ملايين نسمة يقطنون الرياض وما حولها، وبالتالي فعامل الطلب متوافر محلياً وفي شكل محفز للاستثمار. وقال: «إذا ما أضفنا إلى ذلك افتقار المنطقة إلى المشاريع السياحية الترفيهية الشاملة والمتكاملة، تصبح المدينة من أهم المشاريع النوعية القادرة على تلبية الحاجات وتحقيق التنمية، وتوفير العائد المالي المميز على الاستثمار». وزاد: «المدن السياحية من أهم أدوات التنمية الاقتصادية، ولعلي أستشهد بمدينة دبي، التي تشكل السياحة فيها محور التنمية الاقتصادية وأداتها الفاعلة». وأردف قائلاً: «إن التركيز على إنشاء المدن والقرى السياحية والترفيهية في جميع مناطق المملكة أمر مهم. البداية في الرياض، وهي بداية جيدة بمثابة مؤشر إلى نجاح المشروع»، مطالباً بأن يكون هناك توجه للاستثمار العاجل في تطوير الجزر السياحية في الخليج العربي والبحر الأحمر. أسوة بالمدينة السياحية والترفيهية، وأضاف: «لتتشكل منظومة السياحة المحلية على أسس عصرية قادرة على جذب الاستثمارات وخلق الفرص الوظيفية والاستثمارية، وتنويع مصادر الاقتصاد والدخل والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين». في المقابل أشار الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة، في حديثه إلى «الحياة»، إلى أن مدينة القدية تعد عامل جذب كبير للسياح، سواء من الداخل أم الخارج، وقال: «إن السعودية من الدول التي يتمتع أفرادها بعدد من الإجازات خلال العام الدراسي، إضافة إلى إجازات الأعياد والصيف، ووجود أماكن ترفيه سياحة جاذبة للعوائل السعودية تسهم في خفض معدل سفرهم إلى الخارج، ولاسيما أن غالبية العوائل السعودية تقضي أجازتها القصيرة في الدول المجاورة والقريبة من السعودية». موضحاً أن وجود أماكن متعددة للترفيه العائلي في دبي جعل منها الوجهة الأولى للسعوديين في إجازاتهم، وزاد: «الاستثمار في المجال السياحي داخل السعودية يسهم في جذب العوائل السعودية بوجه الخصوص، ويرفع مساهمة قطاع السياحة والترفيه بالسعودية في الناتج المحلي، الذي من المتوقع ارتفاع مساهمته في المرحلة الأولى لمدن الترفيه، وهي القدية، إلى ما يقارب 20 في المئة. وتوقع باعجاجة أن يرتفع معدل إسهام مجال الترفيه والسياحة في الناتج المحلي السعودي إلى 50 في المئة، في حال الاستثمار في شكل كبير في هذا القطاع، وأضاف: «يعد القطاع السياحي من القطاعات التي توفر فرصاً وظيفية كبيرة للشبان والفتيات السعوديين، وإنشاء المدن السياحة يعمل على معالجة أزمة البطالة، التي وصلت إلى 12.5 في المئة، بحسب آخر الإحصاءات الرسمية». الخطيب: «السياحة» مصدر دخل وخلق وظائف قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور فاروق الخطيب، ل «الحياة»: «إن إنشاء أول مدينة ترفيهية «القدية» يعد من الخطوات الجديدة بالنسبة إلى المجال السياحي، والتي تدعم تهيئة الأماكن السياحة الداخلية، ورفع مستوى خدماتها والارتقاء بها». منوهاً بأن المدينة تدخل ضمن «رؤية المملكة 2030»، التي أشارت إلى التوجه إلى تطوير السياحة الداخلية وأماكن الترفيه، والاستثمار فيهما، بحيث يكونان أحد مصادر الدخل في السعودية قريباً. وقال: «إن أكثر ما ستسهم به هذه المدينة هو قدرتها على خلق وظائف عدة للسعوديين، الذي يمكن أن يكون أحد عوامل معالجة البطالة بين السعوديين، إذ يمكن أن توفر فرص عمل للجنسين، باعتبار أن غالبية السياح السعوديين يفضلون السياحة العائلية». وطالب الخطيب بإحلال السعوديين في الوظائف داخل القطاع الترفيهي والسياحي في السعودية، وقال: «إن إحلال السعوديين يقضي على التستر داخل هذا القطاع، كما حدث في قطاع الاتصالات، الذي أصبح يدار بأيد سعودية 100 في المئة، من الجنسين». مؤكداً في الوقت ذاته أن قطاع السياحة يعد من القطاعات الواعدة في السعودية، الذي يمكن أن يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي، ويمكن أن يصبح مصدراً مهماً للدخل في السعودية، وقال: «إن قطاع السياحة والترفيه في السعودية يساهم حالياً بمعدل ثمانية في المئة من الناتج المحلي، ومن المتوقع أن يرتفع المعدل بعد الانتهاء من إنشاء المدن الترفيهية والسياحية لتصل مساهمته إلى ما بين 25 و26 في المئة في الناتج المحلي».