لعبة نيوتن "Newton's Game" إحدى الألعاب الرقميّة التي خلقت مناخا جاذبا للتلاميذ، وحفزت قدراتهم الذهنية ومهارات البحث العلمي لديهم، مع قياس للكفاءات الفكرية المعقدة التي يصعب على الاختبارات التحصيلية قياسها مباشرة، وفيها يحدث هجوم على أحد المولات التجارية، حيث استطاع شخصٌ ما تدمير نظام الأمان به والخروج عن الجاذبية، وباستخدام "قانون نيوتن" يجب على اللاعبين الدفاع عن أنفسهم خلال انعدام الجاذبية في المكان باستخدام عدد من الأسلحة المتاحة، والتعرض لمشاهد درامية معقدة تتطلب قدرا من التفكير وتتميز بالمتعة والإثارة معاً! اللعبة أعلاه، مثالٌ حي لأسلوب وطريقة تقييم الشبح (Stealth assessment)، والذي استطاع فيه كل من عالميّ النفس بجامعة فلوريدا، فاليري شوت وماثيو فينتورا، التحقق من "منهج" يتضمن تقييم الأداء من خلال الألعاب الرقمية، فقد احتج العالمان بأن استخدام الألعاب المنظمة جيداً كآلات لقياس وتطوير التعلم يساعد على إنماء روح المتعلمين الإيجابية، ويقاتل نفورهم من تقليدية البيئة المدرسية، يوفر أدوات ديناميكية ومستمرة لقياس عمليات التعلم ومخرجاتها، ويمنح المتعلمين فرص تطبيق هذه الكفاءات المعقدة كالإبداع، وحل المشكلات والإصرار والعمل التعاوني. إن تضميين أسلوب التقييمات خلال الألعاب الرقمية يقدم طريقة لمراقبة تقدم اللاعبين في هذه الكفاءات المراد قياسها، والحصول على معلومات جادة لدعم عملية التعلم. وهذا ما لاتستطيع الوسائل التقليدية الوصول إليه كما في الأسئلة المفتوحة، والاختيار من متعدد، واستعراض الحجج ونقدها! إن كثيرا من المتعلمين لا يحبون بيئة الاختبارات التقليدية، وأنظمة الامتحانات والدرجات، وقد يشعرون بالرهبة والارتباك وضيق الوقت، لذا يفضل إشراكهم في البيئات الرقمية الثرية التي يمكن تطبيقها، من تحفيزهم واستثارة قدراتهم الكامنة، وتحقيق نوع من أنوع التقييم غير المزعج والخفي لعمليات التعلم الخاصة بهم. لذا نجد أن تقنيات التقييم تعتمد من خلال الألعاب الرقمية على متابعة أدوار اللاعبين، وجمع البيانات باستمرار حول تحركاتهم وما حققوه من تقدم أو إخفاق، من أجل الحصول على استنتاجات حول أهداف اللاعبين واستراتيجياتهم وأنماط تفكيرهم، وحيلهم لمواجهة التحديات الفكرية المعقدة خلال اللعب. كما يمكن جمع بيانات حول أخلاقيات الطالب، وطريقة تفاعله مع بيئات اللعب المختلفة التي تتشابه بشكل أو بآخر مع حدود الواقع المعيش. وفي المنعطف نفسه، يجري حاليا دراسة فكرة تضمين أسلوب طريقة "تقييم الشبح"، وتوسيع مدى استخدامها لتشمل المدارس والجامعات، وفي مناهج مثل العلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا واللغات. ورغم أن آلية التقييم عبر ألعاب الفيديو والإنترنت تستخدم على مجال واسع في أنظمة التعليم الأجنبية لقياس مخرجات التعلم، والكفاءات العقلية التي يصعب ملاحظتها من خلال وسائل التقييم التقليدية الجافة، فإننا نلحظ قصوراً بل إهمالاً كبيراً بخصوص تفعيلها في عالمنا العربي وأنظمته التعليمية. عموماً وباختصار، المسألة بسيطة للغاية وغير مكلفة في أدواتها وإجراءاتها، المطلوب فقط من المعلم أن يجهز حاسوباً خاصاً وعدداً من الألعاب التي تعمل على تنشيط القدرات العقلية، ويقول لطلابه: دعونا نلعب!