أستطيع القول: إن الشبكات الاجتماعية استطاعت التفرد بمعظم الأشياء، وأصبحت البديل للمستهلك، المعوض لعدد من الاحتياجات، بما فيها الثقة، إلا المحتوى، فلا يزال عثرة في معظم الشبكات، وهي وإداراتها مدركة لهذه المشكلة، تحاول كثيراً دعمه، عبر نماذج متغيرة، لكنها لا تزال في طور النمو والتشكل. أعتقد أن "فيس بوك" هي الأكثر جرأة، في تجاربها لدعم المحتوى بمختلف أشكاله، ومحاولاتها لكي تكون المصدر المباشر للمعلومة، وليست المنصة الناقلة، لذلك طرحت فكرة نشر المقالات -بشكل أولي- من قبل الكتاب، وكذلك التعاون مع مؤسسات مثل "سنوبس" المتخصصة في مراجعة الحقائق و"إيه.بي.سي نيوز" و"أسوشييتد برس"، في مسعى للتأكد من مصداقية القصص.. لكنها فشلت في ذلك، كما أرى، ولا يتضح أي نضوج لهذه المشروعات، حتى الآن. هناك آراء مختلفة للتعاطي مع المحتوى، وقد يكون مكلفاً (مالياً/ وقتياً) محاولة بناء مؤسسة إعلامية جديدة، كأحد أهم وجهات النظر، إذا ما اعتبرنا المحتوى الإخباري والمعرفي هو الأبرز، كما أنه هناك صعوبة المنافسة مع المؤسسات المحلية في كل دولة، لخبرتها ومعرفتها، وقدرتها على الحصول على الأشياء الحصرية. ما البديل؟ أظن أن لدى الشركات التقنية، والشبكات الاجتماعية على وجه التحديد، فرصة عقد الشراكات المحلية النوعية، مع المؤسسات الإعلامية، لبث محتوى خاص لهذه الشبكات، بحيث تكون مصدر المادة والتفاعل في نفس الوقت، أو الاستحواذ ما لم تكن هناك اتفاقيات وشراكات. كما أفترض أن تقوم هذه المؤسسات -الرائدة منها- بالمبادرة، وتقديم خدمات المحتوى لهذه الشبكات، ما يضمن لها النمو والتمدد، والتوسع أيضاً، ومجابهة التحولات بذكاء. أمام المؤسسات الإعلامية، وأتحدث هنا عن الصحف بشكل خاص، فرصة التحول ل"مصانع محتوى"، ليس بالضرورة أن يكون منتجها إخبارياً، فالمحتوى التجاري والمعرفي، وغير ذلك، فرص مهمة للتحول، بمختلف أشكال التحول، مستفيدة من كافة العناصر لديها، من أرشيف ومركز معلومات وعلاقات وانتشار.. ليس بالضرورة أن يكون تحولاً كاملاً، استحداث أقسام متخصصة، على أقل تقدير. أخيراً، أستطيع التعريج على ما بدأت به، وما ذكرته عدة مرات في مقالات سابقة، لا يمكن أن تستمر هذه الشبكات ومحتواها يأتيها (فقط) من الصحف، هذا في معظم الأحايين، مع الأخذ بالاعتبار المبادرات الفردية، التي تفتقد للدقة غالباً، وللاستدامة أيضاً، وللموثوقية كذلك. والسلام..