يجمع كثيرون على أن لعبة كرة القدم أصبحت صناعة، وأن الاحترافية العالية باتت تمثل المؤشر الرئيسي على تطورها في أي بلد بالعالم فضلاً عن أنها العامل الأساسي الذي يرفع مستوى اللاعبين على الصعيد الفردي، وفي العالم هناك العديد من الأمثلة مثل أكاديمية لاماسيا الخاصة بنادي برشلونة الإسباني التي نجحت بتخريج كوكبة من أشهر لاعبي الكرة في العالم، وفي المملكة يكاد العمل في الأكاديميات يكون خجولاً عدا عن بعض المبادرات التي لا ترقى لمستوى طموحات الجماهير العاشقة لكرة القدم. السلوة: هيئة الرياضة مطالبة بالدعم اللوجستي المدرب الوطني والمحلل الفني حمود السلوة يرى أن الأكاديميات أصبحت من أهم موارد الأندية للحصول على لاعبين مميزين، خصوصاً وأنهم يتمتعون بالمهارات الأساسيات في كرة القدم وقال: "الأكاديميات يمكن أن تكون عنصراً فاعلاً في الكرة السعودية وهي مجال واعد لو حظيت بدعم الأندية وأعضاء الشرف الذين يفضل غالبيتهم دعم الفريق الأول باعتباره يحظى بتغطية إعلامية كبيرة، وحتى نكون منصفين هناك أكاديميات تبناها أعضاء شرف داعمون وعاشقون لأنديتهم ولا يفضلون الظهور إعلامياً، وهناك منشآت متكاملة ومنظمة وأنا وقفت على مرافقها من ملاعب وصالات تدريب وأجهزة وغرف علاج كما أنها تهتم بالجوانب التربوية والسلوكية وسخرت التقنية لمتابعة اللاعبين مع عائلاتهم وإبلاغهم عند حضور أبناء للأكاديمية وخروجهم منها". المفيريج: المدرب الضعيف لا ينتج لاعباً مميزاً وطالب السلوة هيئة الرياضة بدعم الأكاديميات مادياً ولوجستياً من خلال المساهمة في توفير الأراضي والبنى التحتية، متابعاً: "رؤية نتائج عمل الأكاديميات على أرض الواقع تحتاج للكثير من الصبر خصوصاً أن بروز اسمين أو ثلاثة في كل موسم أو موسمين يعد أمراً رائعاً، هي استثمار طويل المدى لا يمكن أن تظهر نتائجه سريعاً، ولا بد من أن تتبنى الأندية فكرة الأكاديميات وتدعمها وتصبر عليها". كميخ: مطلوب إشراك القطاع الخاص لصناعة النجوم لا يوجد موارد قال مدير إدارة الفئات السنية في الشباب ورئيس رابطة فرق أحياء الرياض فهد المفيريج: "برأيي أن السبب الرئيسي خلف ضعف مخرجات الأكاديميات الرياضية والفئات السنية هو ضعف الموارد المالية، والميزانية التي ترصد للفئات السنية والإدارات تنظر للأكاديميات وفرق الناشئين والشباب نظرة دونية ومن الأسباب ايضاً عدم وجود استراتيجية اصلاً، من خلال اللاعبين وكيفية تصعيدهم وتطويرهم، ومن خلال عملي في الفئات السنية اشرفت على بعثات سافرت للبرازيل والبرتغال وقابلت العاملين في الاكاديميات، وشرحوا كيفية العمل، الذي يبدأ برسم خطة تمتد إلى ثمانية اعوام باجتماع مدرب الفريق الأول مع مدربي الفئات، ويكشف لهم الاحتياج في جميع المراكز، بالتالي يكون التركيز منصبا على هذه المراكز التي ستصعد للفريق الأول، حتى التصعيد لا يكون عشوائيا، وهو مبرمج ومفيد، ومن الأسباب ضعف الكوادر العاملة سواءً الفنية أو الادارية، وقلة المال تؤدي إلى اختيار مدرب ضعيف، والمدربون في الفئات السنية هم الاضعف بالنادي، والمفروض يكون العكس، لانه هي المصنع، ولا يمكن أن تنتج الأكاديميات لاعبا مميزا بمدرب ضعيف". واستطرد قائلا: "اختيار مدربي الفئات السنية للأسف على مستوى الاندية والاكاديميات ضعيف جداً، تجد خبرته قليلة او يعمل لأنه يبحث عن التدرج من الفئات السنية حتى يصل للأول وهذا خطأ، بالنسبة للاداريين فهناك مواصفات خاصة من ناحية التأهيل الاكاديمي والتربوي تفتقد لها الأكاديميات إضافة إلى عدم وجود مختصين في التغذية والأمور الاجتماعية والنفسية، لا توجد شمولية في العمل، لا يوجد مختصين يساهمون في بناء شخصية اللاعب، ومنهج تدريبي واضح، يفترض يكون مخطط له من الفرق او الاتحاد السعودي حتى تكون السياسة موحدة، كل ناد له سياسة مختلفة، على غير المعمول به في اليابانواستراليا". وتطرق المفيريج للأكاديميات الرياضية الربحية بقوله: "تعاني من المشاكل ذاتها، الهدف منها استثماري فقط، بالتالي الأندية لا تلتفت لمخرجاتها ولا تستفيد منها على الرغم من أن عددها وصل إلى ألف اكاديمية، لان المشرفين الفنيين والاداريين لديهم ضعف كبير، والاكاديميات والفئات السنية تحتاج نظرة قوية من اتحاد القدم لأنها السبيل الوحيد للعودة إلى قوة الكرة السعودية، ولنا في تجارب استراليا والمانيا برهان على ذلك، وصناعة الفريق البطل تبدأ من الاكاديميات وفرق الفئات السنية". واختتم بقوله: "نعاني في الفئات السنية عموماً من ضعف الاحتكاك الخارجي وعدم وجود بعثات للدول المتقدمة خاصة على صعيد الفئات السنية، الفوائد التي نجنيها من الاحتكاك فنية وسلوكية من ناحية الانضباط وقضاء البرنامج اليومي، تحتاج الاندية أن تأخذ اللاعبين المميزين وتتجه بهم إلى الدول المتقدمة مثل البرازيل واوروبا للاستفادة من المدارس والاحتكاك، بالنسبة للمنهج هناك الان في كندا واسكتلندا برنامج (بول ماستري) وهو عبارة عن كيفية الاستحواذ على الكرة، من بداية التأسيس إلى اتقان جميع مهاراتها واساسياتها". اللاعب لا يستوعب يؤكد المدرب الوطني والمهتم بأكاديميات الفئات السنية علي كميخ ضرورة أن يفهم الجميع أن الأكاديميات أصبحت بمثابة البديل لملاعب الحواري التي كانت تنتج اللاعبين للأندية في السابق ويقول: "الأكاديميات تقوم بنفس دور ملاعب الحواري التي كانت تنتج اللاعبين بغزارة، تطور المنتج وضاقت المساحات داخل المدن، فبحث الناس عن أماكن منظمة داخل النطاق العمراني وتكون جاذبة، فكان الحل الأكاديميات التي تطبق مفهوم تعليم كرة القدم، وباتت تشكل مصدرين مهمين جداً في صناعة كرة القدم، الأول أنها مصدر لإنتاج اللاعبين ومداخيل الأندية، مثلما يحدث في أرسنال الإنجليزي الذي لا يحقق الكثير من البطولات لكن إيراداته عالية جداً والأكاديميات درجات، فمنها من تتبنى فكرة الإيواء ويعيش فيها اللاعب حياته كاملة وهذه موجودة خارج المملكة، ومنها الأكاديمية المعنية بتنمية وتطوير وصناعة اللاعب فقط، وهو ما أميل إليه لأمور عدة، أهمها أن يعيش اللاعب حياته الطبيعية، وهناك نوع يعتمد على إقامة تدريبات خاصة مثل العضلات أو إقامة مناورات في مساحات ضيقة أو تطبيق طرق تدريبية متقدمة، وهو ما لا يجب أن يحدث إذ من المهم أن يلعب اللاعب كرة القدم بطريقتها البسيطة ويأتي دور العاملين في الأكاديمية لتطويره وتوجيهه وتدريبية، ولا يمكن للاعب أن يستوعب فكرة مثل تلك المتعلقة بالمحاضرات والكلام النظري، لأن اللاعب في هذا السن يريد أن يلعب كرة القدم ولديه نهم وتعطش للعب بحرية وهذا جيد لكن المهم أن يتم احتواؤه وأن يتم تدريبه دون أن التأثير على تعطشه ورغبته باللعب وهذه هي المعادلة الصعبة". وطالب كميخ القطاع الخاص بتبني الأكاديميات الرياضية والاستثمار فيها مضيفا: "تبني ودعم الأكاديميات في المملكة سيكون ذا مردود فني ومالي كبير جداً، نحن لدينا المواهب بأعداد كبيرة، هناك دول تبني أكاديميات توفر الأساسيات والكماليات، لكن في المقابل لا يوجد منتج للاعب كرة قدم حقيقي إلا عبر التجنيس، نحن لا نحتاج هذا النوع من الأكاديميات على الأقل في المرحلة الحالية، نريد أن يكون هناك تبنٍ للأكاديميات القائمة والتوسع في هذا النشاط الذي سيصب في مصلحة الكرة السعودية وسيكون مصدراً لرفع إيرادات المستثمرين في هذا القطاع". وعاد كميخ للتأكيد على أن البيئة جاذبة، وأردف: "لدينا وفرة باللاعبين الصغار الذين يريدون كرة القدم، ولو قارنا الأمر بدول أخرى لوجدنا أن اللاعبين الأفارقة المنتشرين في دول العالم والذين حصدوا النجومية ولا زالوا جاؤوا من أكاديميات لأن لديهم النهم والرغبة والتعطش للعب كرة القدم، في حين نجد أن هناك عددا كبيرا من الأكاديميات التي تهتم بالجوانب النظرية والتثقيفية في سن مبكرة جداً لم تنجح لأن المهم هو احتواء اللاعب وصقله ومن ثم البدء بتثقيفه وصناعته من الناحية الاحترافية، أيضاً من المهم لا بد من تجاهل استخدام التقنية في التدريبات من حيث نوعية التدريب وعدم تقييد اللاعبين، هؤلاء اللاعبون يحتاجون لتعامل وأسلوب خاص في تكوين شخصياتهم، وكذلك لا بد من تحفيزهم وتكريمهم جميعاً من دون استثناء وإشراك عائلاتهم حتى يشعرون بوجود الدعم". وشدد كميخ على ضرورة مراعاة الظروف المعيشية للاعبين، ومطالباً اتحاد الكرة بدعم الأكاديميات وقال: "من المهم أن نعرف أن ظروف اللاعبين الصغار تختلف فمنهم من يسكن في أحياء بعيدة ومنهم من لا تساعده الظروف الاقتصادية على الالتحاق بالأكاديميات فضلا عن عدم قدرة كل أسرة على توفير المواصلات، وهذه كلها عوامل تحد أحياناً من إنتاج وصناعة اللاعبين بكفاءة وفاعلية عالية، وهذا ما يدفعني للمطالبة بدعم المدربين الوطنيين وتحفيزهم للعمل في الأكاديميات لأنهم خير من يفهم الواقع الاجتماعي والنفسي لصغار السن، وأطالب اتحاد الكرة الذي قدم العديد من المبادرات مثل مسابقات البراعم، بتكثيف الدعم لهذه النشاطات، فالأكاديميات هي المكان الأهم لصناعة لاعب كرة القدم في الأعوام الأخيرة، وكذلك لا بد من تكثيف الاهتمام من هيئة الرياضة، وحتى أكون منصفاً فالأمير عبدالله بن مساعد من أوائل من تبنوا الأكاديميات ودعمها حين تواجدت في المملكة قبل أعوام". حمود السلوة فهد المفيريج علي كميخ