يقوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بزيارة إلى دول شرق آسيا وتبدأ هذه الزيارة بدولة ماليزيا، فالصين، واليابان، وإندونيسيا، وبروناي كرسالة مهمة للعالم، وإلتفاتة عين ثاقبة لأهمية دول شرق آسيا، وتقوية للتعاون المشترك، من هنا تعتبر زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا حدثا تاريخيا كونها الثانية من نوعها على مدار أكثر من أربعين عاما. ولعل تواجدي الحالي بماليزيا للتفرغ العلمي بالجامعة الإسلامية العالمية مازال يوقفني على الحراك الإعلامي، والدبلوماسي الذي ينشط استعدادا لهذه الزيارة، والاستعدادات من سفارة المملكة لاستضافته - حفظه الله - في أول زيارة رسمية له إلى ماليزيا وعيونه تنظر لأفق إستراتيجي لمكانة التعاون معها مستقبلا، وأجد حرف شعري معهم يسابق العين فرحا لأقول: ماذا أسطّر في (سلمان) من فرح تسمو القصيدة لمّا أحمل القلما الشعر عيناه، يا الله كم لغتي تصير أعذب لو في وجهها ابتسما فمنذ الستينات دوّن التاريخ بداية العلاقات الدبلوماسية بين المملكة ومملكة ماليزيا، وذلك بفتح السفارات بين البلدين مطورة أوجه التعاون الثنائي الذي يشهد تطورا، فالسنوات الماضية شهدت توقيع عدة مذكرات تفاهم واتفاقيات عدة في مجال التعاون الاقتصادي والتعليمي والعسكري، واليوم تهدف الزيارة إلى توطيد العلاقات بمّد جسور جديدة من التعاون المتبادل، وغربلة الاتفاقيات الماضية بين البلدين في شتى المجالات متضمنة السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، وحين أقول: العسكرية فإني ألفت النظر لأفق علاقات إستراتيجية وتاريخية قادمة، فعلى الرغم من البعد الجغرافي بين البلدين إلا أن أواصر العلاقات الثنائية تزداد متانة بمرور السنين، فالتعاون العسكري اليوم يشهد مجالات من التعاون، أثمر عن فتح أحدث ملحقية عسكرية سعودية وإنجازاتها المحققة لقفزات في أوجه التعاون عبر مشاركة ماليزيا لشقيقتها المملكة في عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي ومناورات رعد الشمال، بالإضافة للإتفاقيات العسكرية التي تمت مؤخرا ونجحت بتبادل الخبرات من خلال دورات تدريبية مكثفة، ودورات الأركان، والدفاع الوطني وبرامج نوعية تهم الأمن الوطني، بالإضافة لمشاركات المملكة بخبراتها العسكرية في معرض التسليح الذي تعقده الحكومة الماليزية سنويا باستضافة كبريات الشركات العالمية المتخصصة بمجال تجارة السلاح والتكنلوجيا العسكرية المتقدمة، خاصة والعالم الإسلامي يثق ويتكئ على وزن المملكة إسلاميا وعالميا. أما العين الأخرى فيتمثل بتوثيق المشتركات الدينية ودعم متعلمي اللغة العربية، من هنا قامت المملكة بدورها المعهود بماليزيا وإندونسيا تحديدا لما تشكله إندونيسيا خاصة من أهمية إستراتيجية خاصة في العالم الإسلامي، وحليف إسلامي قوي في آسيا كونها البلد الأول من حيث عدد السكان، وما المعاهد والمدارس المختلفة في أرخبيل الملايو، وافتتاح معهد العلوم الإسلامية واللغة العربية بجاكرتا إلا تأكيدا لدور المملكة الريادي في ذلك، وسدّا لمنافذ التوغل الباطني، بالإضافة إلى ما تتمتع به إندونيسيا كونها أكبر جالية للحجاج سنويا، وعلاقات تجارية وثيقة، ففي العام الماضي بلغ حجم التبادلات التجارية بين البلدين ما يزيد عن 11 مليار ريال تضمنت الكثير من الصادرات الطبيعية والصناعية كالمواد البيتروكيماوية من النفط والغاز وصناعات المنسوجات وعقود الخدمات، كل ذلك شواهد عملية تضع لهذه الزيارة ثقلا أكبر ومستقبل أوثق، لذا يتنبأ المراقبون لحصد ثمار كبيرة لهذه الزيارة التي تحقق ريادة وثقلا سعوديا قادما ومزيدا من الحلفاء، ونظرة عين إستراتيجية استباقية للملك سلمان - حفظه الله -. * أكاديمي وإعلامي