سجل جنيف 4 عدة نقاط حيوية لصالح الحل السياسي للأزمة السورية، أولها طرح المبعوث الدولي دي مستورا مبادرته التي تتضمن الانتقال السياسي، والدستور والانتخابات، وطلب تشكيل لجان ثلاث لمناقشة محتواها، وفرص تطبيقها من حيث الوقت والموضوع، فهذه المبادرة لم تكن أمرا دبر بليل، وغاب عن عيون الروس الداعمين الرئيسين للنظام السوري، فالموافقة الروسية على مضمونها مستوحاة من التسريحات التي ادلت بها المعارضة السورية قبل يوم من بداية محادثات جنيف 4 : " الروس ليسوا متمسكين ببشار، ولكن تمسكهم فقط في الدولة السورية " ومبادرة دي مستورا تتجه نحو المحافظة على الدولة، من حيث الانتقال السياسي، والدستور، والانتخابات ، ونجاح المبادرة يتوقف على أوراق الضغط التي بيد واشنطنوانقرة، التي سوف تخلق مبرراً قوياً لرضوخ روسيا للمبادرة .. النقطة الايجابية الأخرى، هي امتناع وفد النظام عن مصافحة المبعوث الدولي بعد أن ألقى كلمة، تحت مبرر انه قام بمصافحة اعضاء وفد المعارضة قبل وفد النظام، ففي المؤتمرات الدولية، عدم مصافحة الوسيط موقف اتخذ ضده، قد يكون بسبب خطأ بروتوكولي كما قال وفد النظام : ان المبعوث الدولي بدأ بمصافحة وفد المعارضة قبل وفد النظام، لأن النظام معترف به دولياً والمعارضة ليس كذلك، إلا ان المبرر البروتوكولي لا يمكن الأخذ به وفقا لمعطيات المحادثات، أولها الاعتراف الدولي بوفد المعارضة، واعتراف النظام السوري بأنه شريكهم في المفاوضات، وتمثيل المعارضة للشعب السوري في المفاوضات يعد تمثيلاً شرعياً، وإلا لكان النظام رفض عقد مفاوضات معهم .. وهذا يجعل تفسير امتعاض وفد النظام من قضية أخرى، وليس بسبب خطأ في البروتوكول ، ولا توجد قضية انفرد بها المبعوث الدولي سوى المبادرة، فهي فقط ما أزعج بشار الجعفري وزملاءه، الأمر الذي يرشحها كعامل جديد في جنيف 4 وسوف ينتج عنها استحقاق مهم يلزم المفاوضين باتباعه .. هزائم داعش اصبحت متواترة، وارتباك النظام ممثلا بوفده في جنيف أمر واضح، فالنظام تكمن حقيقة شرعيته بوجود داعش، فمتى ما انتهى ينتهي معه النظام، مهما حال الروس، ومهما استماتت طهران لمنع سقوطه، فداعش هو من أمدَّ عمر النظام 5 سنوات، وبغيابه يزول الإرهاب، ويصبح المجتمع الدولي أمام نظام وحلفائه يقتلون شعباً يناضل من أجل الحرية والعدالة، فيبدو أن انقرة أجادت في إدارة الفصل الأخير من الأزمة السورية .