عندما قررت أن يكون مقالي لهذا اليوم عن اليابان فإن أول شيء لفت نظري رسمان بيانيان مرسومان في تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA). الرسم البياني الأول يقول إن استهلاك اليابان للبترول بدأ ينخفض تدريجياً (بمعدل 2 % سنوياً) منذ عام 1998. حيث كان استهلاك اليابان للبترول 5.75 ملايين برميل في اليوم عام 1998 لكنه انخفض إلى 4.0 ملايين برميل عام 2016. بينما الرسم البياني الثاني يقول إنه خلال نفس الفترة بدأ استهلاك اليابان للغاز يرتفع تدريجياً من 3.0 تريليون قدم مكعب في اليوم عام 1998 إلى 4.8 تريليون قدم مكعب عام 2016. لكن هذا يجب أن لا يفسّر بأي حال (كما سأوضح أدناه) أن البترول يفقد أهميته سواء في اليابان (أو غير اليابان من الدول المتقدمة) فلا زال البترول -رغم محاولات الترشيد- هو المصدر الرئيس لاستهلاك الطاقة الأساسية في اليابان حيث إن مصادر الطاقة في اليابان عام 2015 كالتالي: 42 % البترول، 27 % الفحم، 23 % الغاز، 5 % المائية، 3 % المتجددة، أقل من 1 % النووية. معظم واردات اليابان للبترول (أكثر من 75 %) تأتي من دول مجلس التعاون كالتالي: 34 % المملكة، 25 % الإمارات، 16 % الكويت وقطر. بينما تأتي 8 % من روسيا و5 % من إيران. اليابان هي رابع أكبر الدول (بعد أمريكا، والصين، والهند) مستهلكة -وثالث أكبر الدول المستوردة- للبترول في العالم. ويلاحظ أن حادثة مفاعل فوكوشيما النووي عام 2011 أثرت تأثيراً واضحاً في تغيير تركيبة خليط استهلاك الطاقة الأساسية في اليابان لا سيما في توليد الطاقة الكهربائية. الذي يبدو لي -وأعتقد أنني على صواب- أن- من أسباب انخفاض معدل نمو الاقتصاد الياباني مؤخراً هو محاولة اليابان خفض اعتمادها على استهلاك البترول كوقود بإحلال مصادر الطاقة الأقل كفاءة كالغاز والفحم مما أدى إلى لحاق بعض الدول الآسيوية (كوريا كمثال) بالاقتصاد الياباني مُستفيدة من تفوق البترول في تأثيره على النمو الاقتصادي أكثر من مصادر الطاقة الأخرى. الخلاصة: اليابان شأنها شأن الدول الصناعية المتقدمة الأخرى تحاول أن تركز في استخدامها للبترول في صناعة المنتجات الصناعية والبتروكيماويات. فلقد زادت النسبة المستهلكة للصناعة إلى 30 % من إجمالي استهلاك اليابان للبترول عام 2013 مباشرة بعد النسبة المستهلكة للمواصلات 43 %. وهكذا يبدو واضحاً للعيان أن أهمية البترول تزداد يوماً بعد يوم في استخدامه كمواد خام لإنتاج المنتجات الصناعية ذات القيمة الاقتصادية العالية التي لا حصر لها ولا عد. وهذا هو الاتجاه الصحيح لاستخدام البترول المتزايد في المستقبل كمنتجات وليس تبديده كوقود.