في الآونة الأخيرة بدأ البعض يُطالب بزيادة إنتاج البترول وتحويل إيراداته إلى ما يسمونه الصناديق السيادية بحجة أن العالم سيستغني عن البترول ويستشهدون بالاستغناء عن الفحم. آخر هذه الاستشهادات وأكثرها إثارة للجدل تصريح معالي وزير التجارة في غرفة تجارة جدة قائلا بالنص: "من كان يتوقع سابقا أن يستغنى العالم عن الفحم" (عكاظ الأحد 12 فبراير/2017). هذه العبارة من معاليه عن الفحم تدل دلالة قاطعة أن معاليه لديه معلومات ناقصة (مبتورة) عن تفاصيل التطورات التي تحدث في أسواق الطاقة. سندخل مباشرة في الصفحة السادسة من آخر تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية (IEA) بعنوان (Key WEI لعام 2016) حيث يقول التقرير: إن نسبة استخدام الفحم في إجمالي الطاقة كانت عام 1973 (قبل 44 سنة) تساوي 24.5 % (أي ربع) إجمالي الطاقة المستخدمة في العالم وزادت هذه النسبة تدريجيا إلى أن أصبحت 28.6 % في عام 2014. بمعنى أن الفحم عام 2014 هو المصدر الثاني للطاقة بعد البترول الذي تبلغ نسبته 31.3 % بينما الغاز الثالث ونسبته 21.2 %. ثم تأتي المصادر الأخرى كالتالي: الوقود الأحيائي 10.3 %، والنووية 4.8 %، والمائية 2.4 %، والمتنوعة 1.4 %. لكن الشيء الأهم هو أن الفحم ستزداد أهميته مستقبلا حيث سيلجأ العالم إلى تسييله عندما ترتفع تكاليف استخراج المتبقي من البترول التقليدي بعد عام 2020 (المرجع الصفحة 22 من رسالتي للدكتوراه عام 1988) سيقول القارىء رسالتك قبل 30 سنة والأوضاع تغيرت الآن. الحق مع القارىء لذا سأترك الجواب لإدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) في تقريرها الأخير بتاريخ 12/ مايو/ 2016 عن توقعاتها حتى عام 2040، يقول التقرير: سينمو استهلاك الفحم بمعدل 0.6 % سنويا إلى عام 2040 حيث سيكون الفحم ثالث أكبر المصادر للطاقة الأساسية وسيكون نصيبه 20.85 % (بعد البترول 30.6 % والغاز 27 %). قد يكون معاليه متأثرا بما نشرته صحيفة النيويورك تايمز مؤخرا بتاريخ 10/يونيو/ 2016 عن انخفاض مستوى استهلاك الفحم مؤقتا (أكرر مؤقتا) في أميركا إلى مستويات لم تحدث منذ 35 سنة. سأختم بملاحظة: منذ بدء الخليقة بدأ الإنسان البدائي باستخدام الخشب (الحطب بمعناه الواسع) كمصدر للطاقة وحرارة الشمس ومجاري المياه وهبوب الرياح، ولم يستخدم الإنسان الفحم الحجري إلا في بداية عصر الصناعة. ثم استخدم الإنسان البترول والغاز والنووية، وإلى يومنا هذا لازال يستخدم الإنسان نفس المصادر جميعها لم يستغني عن أي مصدر من مصادر الطاقة كالحطب والمخلفات.. فكيف يبلغ بنا التفكير بأنه سيأتي يوم يستغني الإنسان عن البترول أنبل مصادر الطاقة والوحيد الذي تتنوع مُنتجاته التي لا تُعد ولا تُحصى.