زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للكويت وعمان تُقرأ في سياق الخروج من عزلتها السياسية، ومحاولة استباق الضغوطات الأميركية عليها بمزيد من الحوار الإيراني الخليجي، إلى جانب إعادة التوازن في تلك العلاقات بعد التقارب الخليجي التركي في مواجهة أزمات المنطقة. إيران تتراجع، وتنحني استعداداً للعاصفة التي يبدو أنها ستكون قوية، ويطول معها الانحناء، حيث لم تكن تجربة إطلاق الصواريخ الباليستية مجدية لاستعراض القوة والمكانة كثورة؛ فعادت إلى السياسة والحوار لعلها تجد مخرجاً كدولة. الأشقاء في الكويتوعمان يدركون تماماً ما هو مطلوب من إيران لتعود إلى رشدها، وتم إبلاغ الرئيس الإيراني بالشروط المسبقة قبل أي حوار، وأهمها أن تتخلى طهران عن دعم الإرهاب، والمليشيات والأحزاب المأجورة، والتدخل في شؤون المنطقة الداخلية، وتتوقف عن مشروعها الطائفي، وتبحث عن مصالح المنطقة نحو الأمن والاستقرار، وهذه الشروط المعلنة ليست خافية على إيران، حيث سبق لوزير الخارجية الكويتي أن طرحها في رسالة رسمية الشهر الماضي؛ بناء على اتفاق خليجي بعد ختام قمة المنامة، ولكن التعاطي معها في هذه المرحلة مرتبط بالدرجة الأولى بالموقف الأميركي المتصاعد تجاه إيران، وخشية أن يتعرّض اتفاقها النووي لأي محاولات تعثّر في تطبيق بنوده، أو مصالحها واقتصادها لأي عقوبات محتملة، إلى جانب -وهذا أمر مهم- مستوى التنسيق بين دول الخليج للتصدي للمشروع الإيراني، وتحديداً بعد إعلان عمان موقفها من الانضمام إلى التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، والمناورات العسكرية والأمنية بين دول الخليج، والتعاون الأمني لمواجهة جرائم إيران وتدخلاتها، وكان آخرها القمة السعودية البحرينية برئاسة ولي العهد في البلدين الشقيقين، وما ترجمته من تنسيق وتعاون للتصدي لأي محاولات اختراق أو تهديد استقرار البحرين. المملكة أعلنت في أكثر من مناسبة أن عودة العلاقات مع إيران مرهون بتلك الشروط، يضاف إليها الاعتذار الرسمي عن الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، ومنح إيران فرصة ليس وهي منحنية للعاصفة، ولكن ما بعدها لإثبات صدق النوايا، وحسن الجوار، وتحديداً من الموقف في سورية والعراق ولبنان واليمن، حيث تعد هذه القواعد الأربع مرتكزاً لسلوك إيران في المنطقة، وقياس توجهاتها تبعاً لذلك. التحرك السياسي الإيراني تجاه دول الخليج لا تزال نتائجه مبكرة، والحكم عليه مرهون بتطورات أزمات المنطقة، وتحديداً في سورية، واليمن، والحرب على داعش، حيث لا تزال تلك الأوراق معلقة بلا مكاسب إيرانية واضحة، أو مضمونة، وبالتالي المملكة لن تتحاور مع إيران قبل انتهاء تلك الأزمات الثلاث؛ لتعرف إيران كيف تنحني قبل أن تمد يدها معتذرة.