كشف الدكتور حسن راضي مدير مركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية بأن تداعيات عاصفة الحزم وما تبعها من عملية إعادة الأمل مازالت تلقي بظلالها على النظام الإيراني في الداخل والخارج سياسيا واقتصاديا، مبينا في حوار مع "الرياض" بأن المعطيات الإيجابية للحملة العسكرية التي تقودها المملكة لإعادة الشرعية في اليمن كان لها مردود فعال على نضال الشعوب غير الفارسية في إيران، حيث ضاعفت تلك الشعوب من نضالها وصعدت من مقاومتها العسكرية ضد طهران ومراكزها الامنية والعسكرية في تلك المناطق، وشهدت الأحواز وكردستان وبلوشستان عمليات عسكرية متصاعدة ومتنوعة تزامنا مع عمليات عاصفة الحزم وبعض تلك العمليات والاحتجاجات العلنية، جاءت تأييدا لها. وأكد بأن النظام الإيراني يسعى بعد انتكاسته في اليمن إلى التغلغل في داخل دول الخليج العربية من خلال استخدامه لأداة التنظيمات الإرهابية في محاولة لزرع الفتنة وشق الصفوف للوصول لهدفهم بإحداث فوضى في داخل تلك البلدان، فإلى نص الحوار: * ما هي التأثيرات التي خلفتها عاصفة الحزم على إيران ؟ - مثل ما غيرت عاصفة الحزم موازين القوة الاستراتيجية في المنطقة لصالح الدول العربية وضربت المشروع الفارسي في العمق، خلقت قناعة في قدرة الردع العربي الصارم، والتصدي لأي مشروع يستهدف الأمن القومي العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص. كان لعاصفة الحزم الأثر البالغ على إيران بشكل عام وعلى مشروعها التوسعي بشكل خاص، فلقد أنفقت إيران مليارات الدولارات على تدريب المليشيات وتسليحها في اليمن وكانت تتوقع أن تحصد ثمرة تلك الجهود، لكن كان الرد العربي الحازم والحاسم بالمرصاد، فقضى ذلك الرد على أحلام إيران التوسعية في اليمن وقد كشف عن عوراتها وحقيقتها التي لم تتمكن من الدفاع عن تلك المليشيات الحوثية، رغم صراخها وتهديدها الذي صدع رؤوس الجميع في قدراتها العسكرية وحتمية تدخلها المزعوم، وفي نفس الوقت شكلت عاصفة الحزم نكسة نفسية ومعنوية كبيرة لمليشيات إيران في المنطقة وأخذت الدرس بعد ما بلعت طعم الخداع الإيراني وادعاءاتها في الدفاع عنها في حال تعرضها لأي تهديد من قبل اي جهة. وأدى نجاح عاصفة الحزم وما تبعها من إعادة الأمل إلى حدوث تأثيرات مهمة في العمود الفقري للنظام الإيراني، حيث بدأ التصدع والصراع بين التيارات السياسية والدينية والعسكرية يتوسع ويخرج إلى العلن، أكثر مما كان عليه قبل عاصفة الحزم. طهران تستخدم التنظيمات الإرهابية لزرع الفتنة في الخليج.. وتجند المليشيات لمهام خبيثة * ما أسباب الانتفاضات المتتالية للشعوب في إيران؟ -هنالك سبب رئيس لتلك الانتفاضات وهو احتلال تلك الشعوب من قبل الدولة الفارسية التي تسمى اليوم "إيران"، وإسقاط سيادتها ودولها التي كانت تتمتع باستقلال حتى عام 1925 ميلادية، لم تهدأ تلك الشعوب منذ عقود وقامت بانتفاضات وثورات عديدة وهي تطور من أدواتها وتصعد من مطالبها ومقاومتها ضد التواجد الإيراني، لكن هناك أسباب موضوعية أخرى لتلك الانتفاضات وهي انتهاك حقوق الشعوب غير الفارسية من قبل طهران على جميع الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، مثل الإعدامات الجماعية والاعتقالات الواسعة وسياسات التطهير العرقي، وبناء المستوطنات بغية تغير ديموغرافية مناطق تلك الشعوب وتجفيف الأنهار وغيرها من السياسيات التي تعتبر جرائم بحق الإنسانية، لذلك ينبغي بأن يتم محاسبة إيران في محكمة لاهاي الدولية أو في المؤسسات الدولية الأخرى. وفي هذا السياق مازالت معطيات عاصفة الحزم لها تأثيرها الإيجابي على نضال الشعوب غير الفارسية في إيران. * ما أبرز التحركات السياسية والأمنية التي تقوم بها طهران في الآونة الأخيرة لإعادة الامور الى نصابها في الداخل والخارج؟ -منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم تحركت إيران سياسيا، وأرسلت وفودا لبعض الدول الإقليمية ومنها المشاركة في عملية عاصفة الحزم من أجل التأثير عليها، بغية تغيير مواقفها من تلك العمليات، وتواصلت مع بعض الدول الغربية لنفس الغرض، لكنها فشلت في ثني إرادة الدول المشاركة في عاصفة الحزم من جهة وتغيير مواقف الدول الغربية وتأييدها لعاصفة الحزم من جهة أخرى، وبعد ما انهارت المليشيات الحوثية، انهيارا دراماتيكيا أمام ضربات عاصفة الحزم بقيادة المملكة، تحركت طهران على صعيدين، الأول يتمثل في إنقاذ ما يمكن إنقاذه والحيلولة دون هزيمة الحوثيين في اليمن بشكل كامل، فطرحت مقترحات في إطار حلول سلمية للبدء في الحوار بين الاطراف اليمينة للوصول لتفاهمات وايقاف مسلسل الانهيار الحوثي وفشلت في هذا الامر والأمر الثاني هو محاولتها اقتحام بعض الدول العربية أمنيا من خلال تحريك خلاياها في تلك الدول، لضرب وحدة مجتمعاتها المنسجمة، فحركت الإرهابيين من "دواعش" صفوية وغير صفوية، للقيام بتفجيرات، لخلق فتنة طائفية في الدول العربية، لكن كان أمر الله اولا ويقظة الأمن ورجال دول الخليج العربية، ثانيا بالمرصاد لتلك التحركات الشيطانية وأخفقت قبل القيام بأي عمل، بعد اعتقال العشرات من الارهابيين التابعين للقاعدة "وداعش" وغيرهم في المملكة في الشهر الماضي والتفجير الذي حصل في "القديح" هو نموذج من تلك المحاولات الإيرانية وأذنابها في المنطقة. * كيف تقرأ الدور الذي لعبته ايران في دعم الجماعات الإرهابية؟ -هذا الأمر يرجع الى سنوات عديدة وبالتحديد عندما هربت القاعدة من أفغانستان على اثر سقوط وانهيار حركة طالبان على يد التحالف الدولي عام 2001عندها استقطب الحرس الثوري الإيراني قيادات من الدرجة الأولى والثانية في صفوف القاعدة وثم بنت إيران تحالفات معها ومولتها بهدف ضرب المجتمعات العربية، فتحولت القاعدة إلى أداة بيد طهران وأصبح هدفها الاول هو زعزعة أمن واستقرار الدول العربية وهذا ما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة العربية، وفي الجانب الآخر دربت وجندت إيران العشرات من المليشيات الصفوية، بهدف تحقيق الاهداف الايرانية العلنية والمباشرة في السيطرة على الدول العربية، وما قامت به المليشيات مثل عصائب اهل الحق، وعصاب العباس والفاطميين وقوات بدر والحوثيين وحزب الله وغيرها والذي يشرف على إرهاب تلك المليشيات فيلق القدسالايراني، نماذج كبيرة وواضحة تدل على الدور الكبير لإيران في دعم المنظمات الإرهابية في المنطقة. * في ضوء هذه العلاقة الحميمية بين طهران والقاعدة، كيف انعكست على علاقتها مع "داعش"؟ -يمكن رصد العلاقة بين إيران "وداعش" بسهولة وذلك من خلال اهدافهما المشتركة من جهة وعدم تعرض أي طرف للآخر من جهة أخرى، واليوم نرى أن الهدف الأول "لداعش" هو الدول العربية ومجتمعاتها، وهذا ما ينطبق على إيران وجميع مليشياتها التي قتلت ودمرت وفتكت في المجتمعات العربية دون سواها، رغم العداء المعلن بين إيران من جهة "وداعش" من جهة أخرى وتواجدهما في بلد واحد، لكنهما يصوبان إرهابهماً معا ضد القوى الثائرة في سورية والعراق. * في حال توقيع اتفاق نووي مع إيران ما المخاطر التي تتوقعها على المنطقة بعد أن تكون طهران قد أفلتت من العقوبات الاقتصادية للمضي في برامجها النووية؟ -هذا الأمر يرجع لطبيعة الاتفاق وبالتحديد في الجوانب السياسية والاقتصادية، إذا كان الاتفاق المزمع عقده في شهر يوينو القادم يضمن رفع العقوبات، فهذا سيعطي إيران زخما اقتصاديا ويوفر لها المزيد من الأموال لدعم مليشياتها الإرهابية في المنطقة وينذر بالمزيد من الخراب والدمار للمنطقة على يد تلك المليشيات، إذا ما تم دعمها وتسليحها من قبل إيران. وبالتالي ستخدم عملية رفع العقوبات، المشروع التوسعي الإيراني من خلال الإنفاق على أدواته بشكل أكبر في المنطقة. وفي الجانب السياسي يكمن الخطر في الصفقة المحتملة مع إيران وهو احتمال إطلاق يدها في المنطقة من جهة والضغط على الجهات الرافضة او المناهضة للتوسع الإيراني من قبل بعض الدول الغربية من جهة أخرى، لكن هذا الأمر يعتمد على الدور الذي ستلعبه الدول العربية في مراقبة ذلك الاتفاق واستخدام أدواتها وأوراقها الكبيرة والمؤثرة للدفاع عن نفسها من خلال توسيع التحالف العربي الخليجي واتخاذ خطوات جريئة على غرار عاصفة الحزم في حال تعرضها لأي ضرر من جراء ذلك الاتفاق النووي المحتمل. * من خلال مركز الدراسات الذي ترأسونه ما هي الخطط التي تم رصدها من قبلكم لما تحيكه ايران للمنطقة؟ -تتحرك إيران في إطار تحقيق مشروعها التوسعي في المنطقة العربية وذلك من خلال أدوات عديدة وبعض تلك الأدوات والتحركات الإيرانية واضحة ومكشوفة، وأخرى تتم بشكل سري داخل الأراضي الإيرانية وخارجها، ومن أهم تلك التحركات السرية هي التدريب العسكري والامني الذي يشكل جزءا مهماً من التحرك الإيراني لتحقيق أهدافها السياسية في المنطقة العربية، فمازالت المئات من المعسكرات الإيرانية، تدرب المليشيات وتجندها بمهمات عديدة ومعظمها في الدول العربية، ومن الخطط الايرانية الأخرى هي المحاولة لضرب مكانة المملكة بشكل عام وقيادتها الحكيمة بشكل خاص، وبالتحديد بعد عمليات عاصفة الحزم. * ماذا عن الحالة الاقتصادية في إيران؟ -يعاني الاقتصاد الإيراني من أزمات حقيقة نتيجة الفساد الإداري المتفشي في كل مفاصل الدولة والعقوبات المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولي، فالأرقام والإحصائيات تشير إلى وشك الانهيار الشامل، فالمصانع الإيرانية لا تعمل إلا بأربعين من إمكانياتها وثرواتها. والشعوب في إيران يعانون من الإهمال المتعمد ونهب ثرواتها من قبل النظام الإيراني وإنفاق تلك الأموال على حروبها في المنطقة وإرهاب مليشياتها التي تنفذ أجندة سياسية تخدم طهران بشكل مباشر.