لم يكن الفنان خميس النعيمي يتخيل أن أعماله سترى النور. التشكيلي السعودي الذي بقي يرسم بصمت حتى نهايات الخمسينيات من عمره، أقام أخيراً معرضه الشخصي الأول "التلمس البصري" في صالة عبدالله الشيخ بجمعية الثقافة والفنون بالدمام. القصة بدأت من الفيسبوك، عندما لاحظ مدير الجمعية الشاعر أحمد الملا رسوم النعيمي ودعاه ليخرج من عزلته البصرية ويواجه الجمهور في معرض شهد تنوعاً فنياً في الأعمال المعروضة إن كان على مستوى المدارس الفنية أو الموضوعات المختارة. "التلمس البصري" هي الفكرة التي انطلق بها النعيمي من أجل دفع المتلقي لعبور جدار اللوحة شعورياً والإحساس بالأشياء المقيمة بداخلها. فالتلمس هنا بالبصر، كما يؤكد النعيمي الذي يتذكر معنا بدايته قائلاً: "بدأت الرسم من المرحلة المتوسطة"، مشيراً إلى أن ما منعه من عرض أعماله كان "انشغالات الحياة والعمل". إلى أن أخرجه "أحمد الملا" من مرسمه على حد قول الفنان السعودي الذي يعلق معترفاً: "لم أكن لأخرج لولاه، فهو الذي أصر على أن أخرج من "عزلتي" بعد أن رأى أعمالي منشورة في صفحتي على الفيسبوك". وقال إن الجمعية تكفلت بكامل المعرض كونه المعرض الأول وتشجيعاً منها لتقديم التجربة، معبراً عن سعادته بإنجاز معرضه الأول وهو في نهاية الخمسينيات العمرية. في المقابل رافق المعرض جلسة نقدية للناقد يوسف شغري أدارها د. مبارك الخالدي، أشار فيها الناقد إلى عمق اختيار عنوان المعرض وبأنه لم يأت اعتباطاً بل عبّر الفنان عنه في بعض أعماله وخاصة المتقدمة منها. مضيفاً "العين لا تتلمس فعلياً إلا بالمعنى المجازي وقد استعمل الفنان المجاز ليعبر عن البحث الذي يجريه البصر للوصول إلى متعة التصوير". ورأى شغري "أن مقولة التلمس البصري كانت غاية الفنان عندما أثارت اهتمامه الآثار والبقايا التاريخية التي اطلع عليها ومنها الأسد حارس الموتى ولوحة أخرى اكتشفت في نجران وغيرها من بقايا الحضارات". كما رأى الناقد أحمد شغري أن "هناك مجموعة من اللوحات التمهيدية سبقت هذه اللوحات الناجحة نفذها الفنان قبل الوصول إلى الحالة التجريدية الخالصة مثل اللوحات التي يرسم فيها الأسماك والتي يضعها ضمن دائرة بينما يترك بقية مساحة اللوحة خارج الدائرة للون ساكن وفي أحيانٍ كثيرة يكون معتماً وقريباً من الأسود". مضيفاً بأن "الاشتغال على اللون والمساحات اللونية من اللوحة عند الفنان خميس النعيمي يدل على مقدرة قوية بتلمس الحالات البصرية والنغم الموسيقى للألوان حتى في بعض اللوحات المنسوخة عن صور فوتوغرافية والتي كنتُ اتمنى أن لا يعرضها الفنان". وختم شغري ورقته بدعوة الفنان النعيمي "أن يركز جهوده على توسيع تلمسه البصري ليصل إلى لوحة تجريدية خالصة تعتمد على العلاقات اللونية البصرية، وأن يطور مقدرته على إضافة اللمسات على بعض المساحات الساكنة، وأن يبتعد عن نسخ الصور الفوتوغرافية ليصل إلى الاستخدام الأمثل لإمكانياته اللونية الغنية وثقافته البصرية الممتازة ليقدم لنا إبداعات مدهشة وغير متوقعة في معارضه القادمة".