بمبادرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً حيث تم «بحث العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين، وتطورات الأوضاع في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى بحث الشراكة الاستراتيجية للقرن الحادي والعشرين بين البلدين، وأهمية الارتقاء بالتعاون الاقتصادي والأمني والعسكري بينهما». إن كانت العلاقات الاستراتيجية السعودية - الأميركية عميقة بتاريخها ومستوياتها، فإن مبادرة الرئيس ترامب بالتواصل مع خادم الحرمين الشريفين تعني أن هذه العلاقات الاستراتيجية أعمق وأكثر تجذراً مما كان يتوقع.. ففي الوقت الذي كان البعض يتوقع تباعداً سياسياً بين السعودية والولاياتالمتحدة قياساً على فترة الرئيس السابق باراك أوباما، نجد أن الرئيس ترامب يبادر بالتقارب مع المملكة العربية السعودية ويبدي رغبة الولاياتالمتحدة بتعزيز العلاقات والعمل مع السعودية على جميع المستويات التي تحقق الأمن والسلم والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. وإذا أردنا أن نعرض لبعض الأسباب التي تجعل الولاياتالمتحدة تتطلع لتعزيز علاقاتها مع المملكة العربية السعودية على جميع المستويات، فيمكن النظر للعوامل التالية: أولاً: ثبات واستمرارية السياسة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز حتى الآن.. فعلى مدى العقود الماضية نجد أن مبادئ السياسة السعودية القائمة على دعم الأمن والسلم والاستقرار لم تتغير على الرغم من الأحداث الإقليمية والعالمية. ثانياً: مركزية المملكة في السياسة الإقليمية والعربية والإسلامية جعلها محل اهتمام العالم أجمع وجعل من عاصمتها عاصمة رئيسية في السياسة الدولية. فالمملكة لها ثقلها السياسي إقليمياً وعربياً وإسلامياً ولها وزنها الاقتصادي والمالي عالمياً مما جعل العالم يتطلع لتعزيز علاقاته مع المملكة. ثالثاً: نجاح السياسة السعودية في مواجهة التحديات الأمنية وقدرة أجهزتها الأمنية في القضاء على التنظيمات الإرهابية في وقت قياسي جعل منها نموذجاً عالمياً لمن أراد أن يحارب الإرهاب وينجح في مواجهته. رابعاً: حزم وعزم السياسة السعودية وقدرة قواتها المسلحة في مواجهة التحديات الإقليمية التي تعبث بالسلم والأمن والاستقرار وتدعم الإرهاب. فالعالم احترم قرار المملكة المتمثل بعملية «عاصفة الحزم» التي تهدف لتعزيز أمن وسلم واستقرار دولة اليمن. خامساً: احترم العالم مبادئ وقيم السياسة السعودية الخارجية المتمثلة بدعم الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.. فالدول التي تثبت في قراراتها السياسية وتعبر عنها بحكمة تجد الاحترام من العالم أجمع على الرغم من وجود وجهات نظر أخرى لدى بعض هذه الدول نظراً لدعمها إسرائيل. سادساً: تخطط المملكة لأن تكون من الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية.. فرؤية 2030 أعطت رسالة للعالم بأن المملكة دائماً تنظر للمستقبل وتسعى للتحديث والتنمية وتوظف قدراتها ومواردها لغرض البناء وخدمة الإنسان وعمارة الأرض. فمثل هذه العوامل تجعل من الرئيس الأميركي، وغيره من رؤساء الدول الرئيسية والصناعية والاقتصادية، يتطلع للعمل مع قادة المملكة ويسعى لتعزيز العلاقات الاستراتيجية لتكون أكثر عمقاً وتنوعاً في مستوياتها.. فالشراكة مع المملكة حتماً تعود بالنفع على الجميع لأنها سياسة بناء وتنمية وتحديث، وهذا ما أثبته التاريخ.. وهنا نقول بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اختار أن يذهب لمستقبل السلم والأمن والاستقرار سياسياً، ومحاربة الإرهاب إقليمياً وعالمياً، والبناء والتحديث والتنمية اقتصادياً واستثمارياً.