السياسة السعودية استطاعت حماية الدين الإسلامي من أن يختطف ومن أن يوظف توظيفاً سلبياً. لذلك رأت هذه التنظيمات الإرهابية ومن يدعمها ويمولها بأن مخططاتها الهدامة لن تتحقق إلا إذا تم استهداف أمن واستقرار المملكة العربية السعودية "العلاقة السعودية - الأميركية علاقة تاريخية امتدت لثمانين عاماً. كان العمل فيها إيجابياً للغاية بمجابهة التحديات التي تواجه العالم بأكمله. ومرت بمراحل تاريخية مهمة جداً. والتحديات التي نواجهها اليوم هي ليست أول تحدٍ نواجهه سوياً. اليوم نواجه تحدياً خطيراً جداً في المنطقة والعالم، سواءً من تصرفات النظام الإيراني المربكة للعالم والداعمة للمنظمات الإرهابية، أو التحديات التي تقوم بها المنظمات الإرهابية. نحن في السعودية في الخط الأمامي لمجابهة هذه التحديات. أي منظمة إرهابية في العالم هدفها في التجنيد وهدفها في الترويج للتطرف يبدأ أولاً في السعودية التي فيها قبلة المسلمين. إذا تمكنوا من السعودية، تمكنوا من العالم الإسلامي كله. لذلك نحن الهدف الأول، ولذلك نحن أكثر من نعاني. لذلك نحن نحتاج العمل مع حلفائنا وأهمهم الولاياتالمتحدة الأميركية قادة العالم. اليوم نحن متفائلين للغاية بقيادة الرئيس ترامب. ونعتقد أن هذه التحديات سوف تكون سهلة بقيادة فخامته". هذه الكلمات لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع جاءت خلال لقائه في واشنطن بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس وكبار مسؤولي إدارة الرئيس ترامب في 17 مارس 2017م. وضوح السياسة السعودية لم يكن في يوم من الأيام محل نقاش، وكذلك لن يكون في يوم من الأيام محل تأويل أو تفسير. فالأمير محمد بن سلمان كان مباشراً في كلماته وواضحاً في تعبيره ودقيقاً في موضوعات النقاش ومحدِّداً للمحاور التي يرغب في طرحها. ولأهمية ما تم طرحه على المستوى السياسي والأمني والعسكري، سأعيد استعراضه في المحاور التالية: المحور الأول: أن العلاقات السعودية - الأميركية هي علاقات تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وستكون كذلك في المستقبل كما كانت في الماضي علاقات تعمل أمام العالم. هذه العلاقات تشمل جميع المجالات التي تخدم المصالح المشتركة للدولتين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وغيرها من مجالات. كذلك استفاد من هذه العلاقات الإيجابية العالم أجمع وذلك من خلال العمل الكبير لمواجهة الكثير من التحديات السياسة أو الأمنية أو العسكرية أو الاقتصادية أو التجارية. المحور الثاني: بشكل مباشر، النظام السياسي الإيراني نظام إرهابي بسياساته وبتبنيه ودعمه للتنظيمات الإرهابية. فالسياسة السعودية حرصت على تسمية المسائل بمسمياتها الحقيقية لتكون بعيدة عن التأويل أو التفسير. هذه اللغة السياسية والدبلوماسية الواضحة تدل بأن صانع القرار السعودي يملك من الأدلة المادية المباشرة التي تثبت قيام النظام السياسي الإيراني بتنفيذ مخططات إرهابية وكذلك دعم وتمويل تنظيمات متطرفة وإرهابية على المستوى العالمي. هذا بالإضافة لمعرفة السياسة السعودية وكثير من دول العالم بأن النظام السياسي الإيراني منذ عام 1979م يقوم على تبني ودعم وتأييد الإرهاب سواءً بشكل مباشر أو بتبنيه لنظرية تصدير الفوضى التي أعلنها الخميني. المحور الثالث: الوضوح والشفافية المطلقة بأن المملكة العربية السعودية مستهدفة وبشكل مباشر من التنظيمات الإرهابية ومن يدعم هذه التنظيمات سواءً دولاً أو منظمات. هذا الاستهداف المباشر للمملكة سببه الرئيسي أن السعودية تقف وبصلابة في وجه هذه التنظيمات المتطرفة والإرهابية التي تريد نشر الفوضى والهدم والخراب في العالم. وأهمية موقف المملكة العربية السعودية أنها الدولة التي تمثل الدين الإسلامي الصحيح الذي جاء في الكتاب الكريم وفي السُنة النبوية الصحيحة والتي تتبنى الوسطية والاعتدال وتدعو للتعارف بين الشعوب، كما حث على ذلك الدين القويم. هذه السياسة السعودية استطاعت حماية الدين الإسلامي من أن يختطف ومن أن يوظف توظيفاً سلبياً. لذلك رأت هذه التنظيمات الإرهابية ومن يدعمها ويمولها بأن مخططاتها الهدامة لن تتحقق إلا إذا تم استهداف أمن واستقرار المملكة العربية السعودية التي تخدم الحرمين الشريفين. لذلك على العالم أجمع إدراك أن هدف الإرهاب ليس فقط استهداف أمن واستقرار المملكة وإنما هدم القيم والمبادئ الإسلامية العالمية. المحور الرابع: في رسالة مباشرة للحلفاء التاريخيين للمملكة العربية السعودية بأننا على استعداد للعمل سوياً لمجابهة التحديات التي تواجه الأمن والسلم والاستقرار العالمي. هذا الاستعداد السعودي قائم على معطيات مهمة تتمثل في ثقة المملكة بقدراتها السياسية والاقتصادية وبصلابة جبهتها الداخلية وبالتأهيل العالي جداً لجنودها البواسل وبالتلاحم الكبير بين الشعب والقيادة. أيضاً هناك رسالة مباشرة للإدارة الأميركية الجديدة بأن عليها أن تعود لممارسة دورها القيادي في السياسة الدولية. فالأوضاع السياسية العالمية تحتاج لسياسة أميركية فعالة تعمل مع حلفائها الموثوقين لصالح تعزيز الأمن والسلم والاستقرار العالمي. فبعزم وحزم السياسة السعودية كانت هذه اللغة المباشرة والمعلنة للعالم أجمع. فالمملكة العربية السعودية التي تحظى باحترام الدول العُظمى، كذلك يحظى قادتها بتقدير رؤساء وقادة هذه الدول العُظمى. لذلك كان الترحيب الكبير بالرجل الثالث في التراتبية السياسية في المملكة العربية السعودية من قِبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعلم مكانة المملكة على المستوى الإقليمي والعالمي، ويعلم مدى عمق وقوة ومتانة العلاقات الثنائية السعودية - الأميركية. وإذا كانت هذه الرسالة السياسية السعودية واضحة ومباشرة للعالم، فإنها أكثر وضوحاً وأكثر مباشرة على المستوى الإقليمي. فالمملكة العربية السعودية التي بنت مؤسساتها ومجتمعها خلال العقود الماضية، تملك من القدرات والإمكانات التي تجعل لغتها السياسية واضحة ومباشرة لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير. وفي الختام، من الأهمية القول بأن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي ذهبت بالأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد لواشنطن تهدف لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على المستويات الدولية وفي الوقت نفسه تتطلع لاستكمال نهضتها التنموية.