عاش المجتمع البشري في القرون الأخيرة ثلاث ثورات صناعية كبرى، بدأت بالثورة الصناعية الأولى في بريطانيا في أواخر القرن الثامن عشر مع ميكنة صناعة الغزل والنسيج، التي سمحت للمصانع الجديدة وقتها بالاستغناء عن مئات العمال، وتجويد العمل وتقليل التكلفة. بعد ذلك جاءت الثورة الصناعية الثانية في أوائل القرن العشرين، عندما بدأ الصناعي الأميركي هنري فورد فكرة خط التجميع المتحرك، مفتتحا بذلك عصر الإنتاج الضخم، مع أن هناك من يرجع الثورة الثانية الى تطور صناعة الصلب، واختراع توماس إديسون للمصباح الكهربائي وانتشار استخدامه عام 1880. أما الثورة الصناعية الثالثة، فهي التي يتقلّب العالم في نعيمها اليوم، والمتمثلة في توظيف تقنية المعلومات، وإشاعة استخداماتها في مختلف مناحي الحياة. أما ما يستعد له العالم في المستقبل القريب جدا، فهو المنافسة على التأهل لاستلام بطاقة عضوية نادي الثورة الصناعية الرابعة، التي بدأت بالفعل وان كانت ثمارها الكبرى لم تنضج بعد. هذه الثورة القادمة ستغير أشياء كثيرة مع تطور تطبيقات الروبوت الآلي، وتقنيات ربط الأشياء عن طريق الإنترنت، وإمكانات الهاتف الذكي، والطباعة ثلاثية الأبعاد. ويتوقع الخبراء أن يشهد عام 2025 زراعة أول كبد بشري باستخدام الطباعة الثلاثية، وربما قبل ذلك بعد تخطي عقبة بناء شبكة الأوعية المطلوبة لتوفير الأكسجين والمغذيات التي يحتاجها النسيج المطبوع. ويخطط الخبراء كي يكون هناك أكثر من مدينة في العالم بلا إشارات مرور، بحيث تسير فيها السيارات ذاتية القيادة بحسب برمجتها. وهكذا استخدمت الثورة الصناعية الأولى الماء والطاقة البخارية لمكننة الإنتاج، واستخدمت الثورة الثانية الطاقة الكهربائية التي دشنت ما يعرف بالإنتاج الضخم، وكانت الثورة الثالثة قد تشكّلت مع توظيف التقنية لأتمتة الإنتاج، وتأثر بذلك الإنسان العامل، ما أدى إلى ارتفاع مستوى البطالة في معظم الدول (الأوروبية) التي لم تتكيف مع هذه الأوضاع الجديدة. ويتوقع الخبراء أن تقوم روبوتات الثورة الصناعية الرابعة عام 2025 بأداء 45% من مهام التصنيع، بالمقارنة مع 10% تقوم بها اليوم، خاصة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتضاعف الأجهزة المتصلة بالإنترنت، التي سيتضاعف 5 مليارات مرة بحلول عام 2020. وحيث اتضحت ملامح المستقبل وبدأ السباق، فإن الرهانات تقول بأن لا مكان في نادي المستقبل لأي مجتمع، ما لم يحجز مقاعده مبكرا. * قال ومضى: غداً يبدأ مستقبلك، فاصنع في القادم أجمل أيامك..