د. عدي بن محمد الحضيف* الوحدة 8200 هي الذراع الإلكترونية الطويلة في الجيش الإسرائيلي، تقوم هذه الوحدة بكل ما يمكن فعله في عالم التقنية من عمليات تجسس ورصد المراسلات وتحليل البيانات الخاصة واختراقات تستهدف الجميع. تقارير عدة ذكرت أن أكثر من نصف المعلومات الاستخباراتية لإسرائيل كانت نتاج هذه الوحدة الإلكترونية، حتى أن كثيرا من المعلومات يتم استخدامها لأغراض الابتزاز لتجنيد مخبرين على الأرض أو حتى ابتزاز شخصيات قيادية بارزة. أبرز ما قامت به هذه الوحدة العسكرية هو الهجوم الإلكتروني على المفاعل النووي الإيراني عن طريق فيروس قام بتعطيل عدد كبير من الأجهزة الإلكترونية مما أدى إلى التأثير على أداء المفاعل بشكل واضح. الهجوم الإلكتروني على المفاعل النووي كان نقطة تحول للسياسة السايبرية الإيرانية حيث أقدمت على تدريب آلاف المحاربين الإلكترونيين التابعين لقوات الباسيج المتصلة بالحرس الثوري، تتمحور التدريبات حول عمليات هجومية وتخريبية وتجسسية ولم تكتف بالدفاع فقط، خبراء في المجال التقني والسياسي يؤكدون أن الجهود التخريبية السايبرية الإيرانية قد تكون مقلقة أكثر من برنامجهم النووي خلال الأعوام القادمة. وزارة الدفاع الأميركية قامت باستحداث عشرات الادارات المختصة في الحرب الإلكترونية موزعة على الجيش والقوات الجوية والقوات البحرية وقوات المارينز ووكالة الأمن القومي، تتولى عمليات الدفاع والهجوم والرصد وجمع البيانات وتحليلها وكذلك الاحتفاظ بمكتبة من الثغرات يتم استخدامها ضد الأعداء عند الحاجة. الجيش الروسي في عام 2014 أنفق ما يقارب 500 مليون دولار لمحاربة المخاطر السايبرية وأقدم الجيش على انشاء أقسام مختصة تسعى لاستقطاب الشباب الروسي المبدع في البرمجة والرياضيات والهندسة والتشفير، ليقدموا خدماتهم للجيش الإلكتروني الروسي في مراقبة البيانات المتجهة للأراضي والمصالح الروسية وشن عمليات الهجوم والدفاع، ولا نغفل عن دورها الإلكتروني في انتخابات دول منافسة لها. حتى أن الأنظمة المتهالكة والجماعات المتطرفة الإرهابية مثل نظام بشار الأسد وعصابات داعش والحوثي استشعروا أهمية التواجد الإلكتروني فكان لهم ذلك من خلال انشاء عصابات تشبههم على فضاء الإنترنت. لم تعد الجهود في أمن المعلومات على مستوى الحكومات تقتصر على الدفاع والتأكد من استمرارية الأعمال المهمة في حال الكوارث والاستعداد لها والتقليل من ضررها، بل زاد على ذلك جهود هجومية واستخباراتية، وانشاء تحالفات بين قوات حربية إلكترونية كما هو حاصل في التحالف الروسي الصيني السايبري. هذه القوات المسلحة الإلكترونية تهدف إلى تدمير البنى التحتية بكل شراسة والإضرار بما يمكن من مصاف نفطية ومفاعل نووية ومولدات كهربائية وبنوك مركزية وشبكات الاتصال والشبكات المرورية وحتى السدود المائية. القوات المسلحة الإلكترونية قادرة على شل الحياة المدنية المتقدمة والدفع بها لسنوات للخلف. * أكاديمي ومختص في تقنية المعلومات