دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المملكة للتعاون لحل النزاعات في اليمن وسورية، تعد تدليساً دبلوماسياً مكشوفاً، لكسب تأييد المجتمعين في منتدى دافوس -الذي عادة ما يحضره مجموعة من المهتمين في ترسيخ الأمن والسلم في العالم- وتقديم دولته بوجه إنساني وحضاري يعبر عن سياسه متعاونة تنبذ العنف والدمار.. ولكن في تفحص التصريح يتضح منه السعي لقبول السياسة التوسعية الإيرانية في المنطقة.. التعاون الذي يطلبه وزير الخارجية الإيراني هو في ملف البحرين واليمن، الدولتين اللتين رمت المملكة بكل ثقلها بهما لحمايتهما من الاختراق الإيراني، فالوزير ظريف يطلب الاعتراف بتدخل دولته في شؤون الدول المجاورة، وإن قبلت المملكة ذلك انتهى التوتر بينها وبين طهران، إيران التي ساعدها كثيراً الرئيس أوباما في التوسع بالمنطقة وإنشاء مليشياتها الطائفية التي تقتل على الهوية، تريد تأمين هذه المكاسب الاستراتيجية وتضمن بها استمرار دورها في تحديد المستقبل السياسي والأمني في المنطقة، ففي البحرين قواعدها سياسية والثورية موجودة، وفي اليمن خادمها الحوثي، إضافة لحزب الله، وكذلك اليسار العربي، فالتعاون مع طهران يعتبر انقلاباً حقيقياً على كل الاعتبارات العربية من ثقافية واجتماعية وسياسية، طهران تريد أن تستخدم العرب عدة استخدامات ومن بينها أن يكونوا ورقة مساومة بيدها تستخدمها ضد تركيا والتعاون في محاربة الإرهاب مع أميركا، وتشجيع الروس على التعاون معها لتحقيق مصالحهم.. دفعت المملكة الكثير من الجهود للمحافظة على التماسك العربي وعدم انفراط عقده أمام الضرب الإيراني على أهم حلقاته: الشعور بالانتماء لهوية عربية واحدة، وقد نجحت في ذلك عبر تعزيز العاطفة المذهبية، فالشيعة العرب في أغلبيتهم يرون أن الدور الإيراني التوسعي جاء لمصلحتهم لتحقيق انتصار مذهبي تاريخي، والظروف مناسبة لتحقيق هذا النصر المذهبي، سياسة المملكة التي ترى أن العرب قومية واحدة تضم جميع المذاهب وجميع الخلفيات الاجتماعية والثقافية، هي ما تسعى طهران لإزالته، وللأسف كثيراً ما ساعدها بعض العرب على ذلك، فالمطلوب ليس سياسة عربية موحدة تجاه المطامع الإيرانية فهذا الطلب أصبح من المستحيلات، فالنجاح في مواجهة إيران يعتمد على الدول الخليجية وقدرتها على بناء تحالفات مع الدول الكبيرة لمواجهة مشروع الملالي، وقد بدأته الدول الخليجية فعلياً مع بريطانيا..