كسر الرئيس اللبناني العماد ميشال عون العرف المتبع للرؤساء اللبنانيين بأن تكون الزيارة الأولى لهم هي إلى فرنسا.. مساء أمس اختار فخامة الرئيس -الذي اختاره اللبنانيون - رئيساً، المملكة لتكون محطته الأولى في رحلته التي يؤسس فيها لمرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية الخليجية وعلى رأسها السعودية. تتصدر ملفات العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية اجندة القمة السعودية اللبنانية اليوم، والتي تجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفخامة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون في الرياض. ويضم الوفد اللبناني عددا من الوزراء المعنيين في المجالات التي يتوقع أن تطرح للنقاش، كما يقام على هامش الزيارة لقاء موسع بين رجال الاعمال السعوديين واللبنانيين مع الرئيس اللبناني، إضافة إلى عدد من اللقاءات الثنائية بين الوزراء المعنيين. من جهته نفى ربيع الأمين أمين سر مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة أن تكون العلاقات السعودية - اللبنانية قد مرت بأزمة سياسية على مستوى البلدين، واصفاً ما مرت به خلال الفترة الماضية بأنه "وضع ناشئ عن أزمة المنطقة من جهة، وتعطل المؤسسات الدستورية من جهة أخرى"، مؤكداً أن "المملكة كانت ولا تزال حريصة على انتظام عمل المؤسسات في لبنان"، مبدياً "تطلع المجلس اليوم مع انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة الجديدة، إلى فتح صفحة جديدة في هذه العلاقات التاريخية". وحول تأثيرات هذا الوضع بين أن بعضها ظهر بشكل مباشر بينما بعضها الآخر بدا بشكل غير مباشر، وقال: "من التأثيرات المباشرة ما ظهر في قطاع السياحة؛ إذ خسرت السياحة اللبنانية شريحة كبيرة من السائحين الخليجيين بشكل عام، والسعوديين على وجه الخصوص"، مضيفاً: "تشكل السياحة رافداً أساسياً من الدخل الوطني اللبناني يصل إلى 25 في المئة؛ أي نحو تسعة مليارات دولار سنوياً، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن خسائر هذا القطاع الحيوي بلغت خمسة مليارات دولار سنوياً منذ عام 2011 لتصل إلى 30 ملياراً خلال السنوات الست الماضية. وإذا نظرنا إلى أعداد السياح السعوديين عام 2010 فقد وصل إلى 200 ألف سائح، وظل يتدنى خلال السنوات اللاحقة ليصل إلى 40 ألفاً في العام، ولا يخفي تأثير ذلك على مؤسسات السياحة ووظائف هذا القطاع". وأشار إلى أن "من بين التأثيرات المباشرة تجميد المساعدات المخصصة للجيش اللبناني، والذي هو في أمسِّ الحاجة إليها. وكذلك انسحاب كثير من الاستثمارات الخليجية من السوق اللبنانية. كما قلص المستثمرون السعوديون، والخليجيون بشكل عام، استثماراتهم في لبنان بسبب ذلك الوضع". وبيَّن أن "من التأثيرات غير المباشرة تداخل الظروف السياسية مع انخفاض أسعار البترول والأزمة الاقتصادية العالمية، وما رافق ذلك من أصوات في لبنان شوشت على العلاقة بين الشعبين. كما بدا ذلك في انخفاض تحويلات المغتربين اللبنانيين من كل أنحاء العالم من عشرة مليارات دولار سنوياً إلى 2.5 مليار دولار، ولا شك أن عماد هذه التحويلات هم اللبنانيون المقيمون في منطقة الخليج العربي أولاً، وأفريقيا ثانياً". وتطرق أمين سر مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، إلى الزيارة التي بدأت مساء أمس للرئيس اللبناني إلى المملكة، مؤكداً أن "المملكة العربية السعودية وقيادتها تقف دائماً إلى جانب الشعب اللبناني وحكومته. وبوادر توجه العهد الجديد في لبنان تقدر هذا الأمر، وتؤكد الجدية في التعاطي مع ملف العلاقات مع المملكة العربية السعودية، والمؤشر الأول لذلك هو اختيار السعودية أول بلد يزوره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك حجم الوفد المرافق، ومدة الزيارة". وتمنى الأمين أن "تتوّج هذه الزيارة بمقاربة جديدة من شأنها ترسيخ العلاقات بين البلدين وتوطيدها، وأن تكون هناك رؤية اقتصادية لبنانية تحاكي (رؤية السعودية 2030)، كما نأمل تفعيل آليات التواصل بين مجتمع الأعمال السعودي ونظيره اللبناني". وفيما يتعلق بالملفات المتوقع بحثها خلال الزيارة أضاف: "تكتسب الزيارة أهمية خاصة كذلك من خلال الوفد المرافق لفخامة الرئيس؛ إذ يضم سبعة وزراء أو أكثر، وكذلك الكثير من المستشارين. ويشير اختصاص الوزراء إلى أن أبرز الملفات التي ستبحث خلال الزيارة هي: الودائع السعودية وقوانين الازدواج الضريبي وسهولة حركة التحويلات بين البلدين، المساعدات المجمدة، سبل تنشيط الاستثمارات بين البلدين الشقيقين، وإعلامياً بحث قضايا الإعلام العربي. كما يتوقع بحث آليات دعم التعاون المشترك في قطاع الصحة، وسياسياً بحث العمل العربي المشترك وتوجه الحكومة اللبنانية للانفتاح على دول الخليج، والمملكة تحديداً، والاستفادة من التجربة التي مرت بها خلل الفترة الماضية، وكذلك التنسيق فيما يتعلق بالشؤون الأمنية". وأبدى الأمين تمنيه بعودة السياح السعوديين إلى لبنان، وعودة المساعدات المخصصة للجيش اللبناني، وأن يولي صندوق الاستثمارات العامة السعودي اهتماماً بالسوق اللبنانية، معرباً أن أمله في أن تكون الفترة المقبل "فترة واعدة لترسيخ وتوطيد العلاقات الأخوية بين البلدين".