زوران فرض شخصيته الفنية في النصر لم تكن ظروف النصر في الموسم الماضي، ومعاناته مع تعاقب المدربين وطمس هويته الفنية، وحدها من واجهت مدربه الجديد الموسم الحالي الكرواتي زوران ماميتش، في بداية تسلمه مهام الفريق في الصيف الماضي، بل إن "المغامر" واجه الأحداث التالية في الفريق بكل شجاعة، متصدياً لهبوط مستويات بعض اللاعبين، ومشاكسات قائد الفريق حسين عبدالغني، التي انطلقت من المعسكر الإعدادي، ثم في دورة تبوك الودية، وأخيراً في منتصف الدور الأول من "دوري جميل"، فكان قرار الإبعاد النهائي عن الفريق هو ما اتخذه زوران ضد القائد بكل شجاعة، على الرغم من اهتزاز الثقة الإدارية في المدرب، قبل أن يجد الدعم الشرفي في اجتماع أعضاء الشرف ماقبل الأخير، ليواصل بعدها سياسته الناجحة في استبعاد أي لاعب لايراه يخدم خططه الفنية، مروراً باللاعبين الأجانب كإبن جلدته المدافع ايفان توميتشاك، ووصولاً للاعب الوسط البارغواني فيكتور إيالا، غير قراراته الانضباطية التي شملت الحارس عبدالله العنزي، والمهاجم نايف هزازي في أوقات متفرقة، والشابين في وسط النصر عبدالرحمن الدوسري وسامي النجعي، بسبب قصة شعر مخالفة ظهر بها قبل أحد المباريات، وهو الأمر الذي منح المدرب صلاحيات كبيرة في قيادة الفريق فنياً وانضباطياً، ولم تتوقف التحديات أمام المدرب الكرواتي الشجاع، فجاءت إصابة لاعب الوسط عبدالعزيز الجبرين بالرباط "المتصالب"، والإصابة الطويلة التي غيبت جوكر الفريق عوض خميس، فكانت المفاجأة باعتماده على الدوسري، ومنح الفرصة للنجعي، بعد أن راقب أداءهما جيداً خصوصاً مع المنتخب السعودي الشاب، وهو ما حدث في النصر للمرة الأولى بعد رحيل المدرب الكولومبي السابق للنصر فرانسيسكو ماتورانا، الذي قدم لاعب الوسط شايع شراحيلي موسم 2011-2012، كآخر اللاعبين الشباب الذين وجدوا الفرصة الكاملة مع النصر، حتى بات دعامة أساسية في صفوف الفريق. تذبذب مستويات النصر في بداية الدوري وخسائره في ثلاث مباريات، لم تثن مدربه زوران عن المضي قدماً في رسم شخصية فنية جديدة لفريقه، عنوانها الانضباط أولاً ثم البقاء للاعب الأجهز، على الرغم من الغيابات والإصابات المتكررة، والشائعات المتناثرة التي تحوم حول إطاحة الإدارة بالجهاز الفني في أي وقت، والتعاقد مرة جديدة مع الأروغوياني دانيل كارينيو، خصوصاً بعد أن فك الأخير ارتباطه باكراً مع المنتخب القطري، إلا أن كل ذلك لم يزد زوران سوى إصرار على تحمل مسؤولياته الفنية، وصناعة نصر جديد يسعد مدرجاته الصفراء، فكانت المناسبات الكبرى أمام الفرق المنافسة كالهلال والاتحاد والأهلي فرصاً مهمة ليستعرض من خلالها زوران أدواته الفنية وعبقريته في الملعب، مستفيداً من الحضور الذهني للاعبيه وحماسهم في مثل هذه التحديات، وهو ما تجلى في تجاوز مواجهة المنافس التقليدي الهلال في نصف كأس ولي العهد، عندما قلب الفريق طاولة التوقعات الباكرة بخروجه على يد متصدر "دوري جميل"، ليقدم درساً مهماً في النبوغ التدريبي وابتكار الخطط الفنية، التي باتت حديث المتابعين، وكانت مفاجآت زوران التي أعلنها قبيل اللقاء، بالاعتماد الكامل على الدوسري والنجعي في وسط الملعب، وتعزيز الثقة في نجم الفريق العائد "الليبرو" إبراهيم غالب، الذي قدم لمحات فنية رائعة، وكأنه أحد العناصر التي بدأت الموسم مع الفريق، على الرغم من غيابه الطويل عن الملاعب، بعد تعرضه لإصابة الرباط المتصالب الثانية. استطاع زوران أخيراً بعد مخاض عسير منذ بداية الموسم، في ترسيخ أفكاره الفنية بكل جدارة، وأثبت أنه ضالة النصر، حتى أضحت مدرجاته تعلن رغبتها بقوة في استمراره مواسم عدة، اقتناعاً بفكره التدريبي، على الرغم من كل العقبات التي واجهت طريقه مع الفريق، وارتفعت معها مستويات الثقة لدى إدارة النادي، التي أدركت أن تغيير الجهاز الفني في هذه المرحلة، لن يكون إلا لمجرد التغيير، واغتيالاً لشخصية فنية رسمها، بأبسط الأدوات، فبدأت تظهر الآن ملامحها الأولى مع بداية انتصاف الموسم الطويل.