وجدتُ أن بعض القناعات تترسّخ في مجتمعاتنا هنا في جزيرة العرب، ولو لم تكن تلك القناعات الاجتماعية، أو البدنية، أو العلاجية، مبنية على رصد علمي مُوثّق ودقيق . يكفي أن توجد الظاهرة، فيتبادل أخبارها الناس لفترة قصيرة، ثم تلتصق بالمفهوم الاجتماعي، غالبا بين عامة الناس. وبدت في ذهني قناعة علاج عضة الحيّة، وأغلب الناس يطلقون عليها الدّابّ. فقد سرى بين الناس قبل حوالي القرن، بأن العلاج يكون بواسطة خرزة من الزجاج ، يُقال إنه خرزة خاصة تأتي من بلاد بعيدة، ويكفي أن توضع على مكان العضة حتى « تمتص ! « السم إلى الخارج . البعض قال إنه رأى « الزّبد « يخرج من العضة، ثم لا يلبث أن يُشفى المصاب . تلك « الخرزة « يحتفظ بها البعض في البلدة، لاستعمالها مجانا لمساعدة معضوض، طلبا للأجر والثواب. وأذكر أنني سألتُ أستاذا كان يُدرسنا في الابتدائية، وعرف عنه حبّه لبحث الجديد في الرعاية، والضماد، وتجبير الكسور، فقال إنه يرى أن في الخرزة تلك جذبا نفسيا، أكثر منه عمليا. والخرزة مجرّد وهم علاجي يجعل الجسم يتفاعل داخليا ويُقاوم السم. .وهذا مجرّد احتمال . جانب آخر من الموضوع، وهذه المرة بيئي، أو له صلة بمكافحة الحشرات، أو التخلص من من طيور أو نحوها. فقد اعتمد الناس في السابق على كون الخفاش يُزعج المصلين، وربما تخلّص من فضلاته أثناء تأدية المصلين في المسجد، بين صلاتى المغرب، والعشا. فكّر أهل الحارة حينها، أنهم لو علّقوا كرات من شوك شجر العوسج . تُعمل بإتقان، وتُعلّق في سقف المسجد، فتلك كفيلة بالقضاء على الخفّاش أو إبعاده، على اعتماد أن الخفاش لا يُبصر، فهو حتما سيصطدم بواحدة من تلك الكرات الشوكية، وهو يتحرك جيئة، وذهابا فوق رؤوس المصلين. عندها سيعلق جسم الخفاش بالكرة الشوكية، وينفق في الحال ويسقط على الأرض . الفكرة بحد ذاتها اجتهاد يفتقر إلى الدقة العلمية، وغاب عن أذهان الآباء أن الخفاش يسير بالسونار، ويحسّ بالعائق، فيعمل حركة سريعة، وذكية لتجنّب ذلك السلاح . ومرّ زمن قبل أن يُشاهد سكان الحارة، أو جماعة المسجد خفاشا واحداتعلّق بالشوك، أو سقط على الأرض . مع كل هذا ظل المحسنون يتبرعون بأجرة من يزوّد المساجد الجديدة بما يكفي من الكرات تلك .