مع ظروف ومستجدات الأوضاع الراهنة، كانت ميزانية 2017 التي أعلنت يوم الخميس هي الأولى من نوعها، وجاءت غير تقليدية وميزها هذا العام مصاحبتها لظهور إعلامي لعدد من الوزراء للحديث عن مكوناتها وتوجهاتها، ولكن الأهم من ذلك هو توازنها في الأخذ بالاعتبار بالأوضاع الاقتصادية وتأثر إيرادات المملكة من انخفاض أسعار النفط ومحاولة تنويع وزيادة الإيرادات غير النفطية، حيث تم تقدير الإيرادات لعام 2017م ب692 مليار ريال ومصروفات ب890 مليار ريال، أي بعجز يقدر ب198 مليار ريال، وهو يقل عن العجز في عام 2016م الذي بلغ 297 مليار بحوالي 100 مليار ريال، وهذا نتيجبة للإجراءات الاحترازية والتقشفية التي تم تبنيها لمواكبة الوضع الاقتصادي، كثيرين يرون بأن هذه الميزانية كانت تقشفية ولكن الذي يراها من منظور آخر فهي ميزانية متوازنة في الإنفاق والمصروفات وبين الإيرادات المتوقعة يدعم ذلك تعزيز للإيرادات غير النفطية التي لابد من التركيز عليها لتفادي تقلبات أسعار النفط وعدم الاعتماد عليها مستقبلا، في الواقع ما يميز هذه الميزانية هو ما تضمنته من مبادرات تخص المواطنين من محدودي الدخل عبر الإعلان عن برنامج (حساب المواطن) الذي سيدعم أصحاب الدخول المنخفضة مقابل التوجهات في معالجة الدعم في أسعار الطاقة والذي سيبدأ في نفس العام بما يسمى برنامج التوازن المالي الذي أعلن عنه والذي سيعالج الاختلالات في أسعار الطاقة والدعم الموجه للشرائح، وتحميل شريحة الأجانب أيضا بعض التكاليف مقابل الخدمات التي يحصلون عليها واستفادتهم من مخصصات دعم السلع، وهذه المبادرات بلا شك ستعزز فرص توزيع الدخل ودعم الشرائح الأقل دخلا، وكذلك استمرار دعم الدولة لأهم قطاعين وهما التعليم والرعاية الصحية التي شكلت أكثر من 34٪ من إجمالي المخصصات، في الواقع بالرغم من التخوفات من حدوث ضغوط وتقشف في الإنفاق إلا أن آلية التعامل مع بنود الميزانية أعطى مؤشرا لنجاح الدولة في التوازن بين الظروف والمستجدات وبين الاستمرار في الإنفاق التنموي والتركيز على المواطن، ونتطلع بإذن الله إلى جهود وتركيز من الوزراء لإدارة مخصصات قطاعاتهم بما يحقق أهداف التنمية وبرامج التحول الوطني في إطار رؤية 2030م، والتركيز على سبل دعم المواطن فهو أساس التنمية وهدفها الأول، وكل عام والوطن والمواطن بألف خير.