يسير هيروشي شيبويا في ممر داخل متنزه يويوجي العام الكائن في وسط طوكيو عصر يوم أحد، ويتوقف من آن لآخر ليرفع هاتفه الذكي عالياً بعيداً عن نظره. وعلى الرغم من رذاذ المطر الذي يتساقط بين حين لآخر، يعد شيبويا وهو موظف أنيق المظهر يضع نظارة على عينيه واحداً من عشرات الأشخاص الذين يغامرون بالخروج من منازلهم وسط هذا الطقس، ليمارسوا لعبة "بوكيمون غو" الإليكترونية التي تلقى رواجاً كبيراً على هاتفه المحمول داخل المتنزه. ويقول شيبويا الذي رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي "أنا آتي إلى هذا المتنزه في كل عطلة نهاية الأسبوع، وهذه اللعبة جعلتني أتجول غالباً خارج منزلي أكثر من ذي قبل". ويضيف شيبويا إنه انضم إلى محبي هذه الصرعة سريعاً بعد أن دشنت شركة نينتندو هذا التطبيق الإليكتروني في يوليو الماضي، على الرغم من أنه نادراً ما يمارس ألعاب الفيديو في منزله. ويتجول زوجان من كوريا الجنوبية يقيمان في حي أداتشي الكائن بالناحية الشرقية من العاصمة اليابانية أيضاً في أنحاء المتنزه وهما يبحثان عن شخصيات البوكيمون. ويقول الزوج "كل ما أريده هو اصطحاب زوجتي خارج المنزل لأنها تقضي كثيراً من الوقت داخله، ونحن نذهب إلى حدائق أخرى لكي نمارس هذه اللعبة". وأوضح تاتسو نومورا كبير مديري الإنتاج بشركة "نيانتك" التي طورت اللعبة بمهرجان الصناعات الابتكارية في مجال الاتصالات "سبايكس آسيا"، الذي استضافته سنغافورة في سبتمبر الماضي قائلاً: "هذه هي الطريقة التي بدأ بها المشروع". وتنتمي هذه اللعبة لما يعرف باسم "الواقع المعزز"، وهي تكنولوجيا متطورة مختلفة عما يعرف باسم " الواقع الافتراضي"، حيث تقوم على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية لتوفر معلومات إضافية أو تكون بمثابة موجه له من خلال أجهزة مثل الهاتف الذكي، وتتيح اللعبة التي أثارت ضجة عالمية هذا العام للاعبين البحث عن شخصيات بوكيمون التي يولدها الكمبيوتر من خلال الهاتف، حول المواقع الجغرافية في العالم الواقعي. وتشير شركة "جونيبر ريسرش" البريطانية لأبحاث السوق إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي عدد تنزيلات لعبة بوكيمون غو من الإنترنت إلى قرابة نصف مليار تنزيل بحلول عام 2017. كما تقدر الشركة أن عدد تنزيلات ألعاب الفيديو الأخرى التي تنتمي "للواقع المعزز" يمكن أن يبلغ نحو 17 مليوناً بحلول نهاية العام الحالي. ويتوقع المحللون زيادة هذا العدد بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة، حيث أن إنتاج ألعاب "الواقع المعزز" يحتاج إلى نفقات أقل مقارنة بألعاب الواقع الافتراضي، التي تتطلب استخدام جهاز كبير لسماعة الرأس وطريقة خاصة للتصوير وعمل تحريري خاص. ويقول المحللون إنه من المرجح أن تتطور بعض ألعاب الواقع المعزز لتصل إلى جيل يأتي بعد محبي لعبة بوكيمون الحاليين وبالتالي سيتم توسيع السوق، وجذبت بوكيمون جو البعض مثل شيبويا الذين لم يكونوا متحمسين من قبل لممارسة ألعاب الفيديو. وتتوقع شركة جونيبر للأبحاث أن تنمو سوق ألعاب الواقع المعزز من 515 مليون دولار عام 2016 إلى 7ر5 مليار دولار عام 2021، وستأتي معظم الإيرادات من الاشتراكات ورسوم التصاريح، ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه التصاعدي في الإيرادات. وأطلقت شركة نينتندو لعبة "بوكيمون غو بلاس" في سبتمبر الماضي، وهي مزودة بأداة إضافية تنبه اللاعبين باقتراب إحدى شخصيات بوكيمون منهم وتسمح لهم بمحاولة الامساك به. ويقول المحللون إن عدد لاعبي بوكيمون غو تراجع منذ طرحها، وبالتالي تحاول نينتندو اجتذابهم إلى اللعبة مرة أخرى، ويتوقع محبو اللعبة أن يجدوا مزيداً من المفاجآت من جانب الشركة المنتجة للعبة قبل احتفالات أعياد الميلاد المقبلة.