أحبك.. حتى يتم انطفائي بعينين، مثل اتساع السماء، إلى أن أغيب وريداً وريداً، بأعماق منجدلٍ كستنائي، إلى أن أحس بأنك بعضي، وبعض ظنوني.. وبعض دمائي، أحبك. (نزار قباني) عندما أحاول ترك بعض التفاصيل جانبا وأغوص قليلا في الحالة الشكلية للإنسان عندما يحب تتجلى الحالة التآلفية ما بين الروح والشكل، وكأن كل شيء يقع نحو الأعلى وليس الأسفل، هي مشاعر ملتوية حنونة متبوعة بنبضات لينة تؤلف نغمات متراصّة تؤدي إلى حالة ابتهالية تتجلى في حركة السلام الداخلي. والحب يشدّ الإنسان نحو النهاية يوقظ فيه أكداس الشوق، فمشاعري مازالت حاضرة تجاه أمي فعندما توفيت، فكرتُ في الكثير من الأشخاص الذين يحبون بعضهم بعضا، لكنهم لا يستطيعون ضبط مشاعرهم على توقيت ساعة قلوب من يحبون، ولا يستطيعون نسيان أي إساءة سببها لهم من يحبون، فهم مستاؤون منهم طوال الوقت فلا يصفحون ليكملوا مشوار الحب، فنحن نخاف أن نعود مرة أخرى لمن نحبهم لخوفنا من جرح آخر قد يسببونه لنا، أو الخوف من إساءة مستقبلية قد تلحق بنا خسائر نفسية لا نستطيع تجاوزها، إذن الخوف هو العامل الرئيسي الذي يمنعنا من التقدم وهو يقف بيننا وبين من نحب كصخرة كبيرة تزن طناً عالقة في الوسط فلا نستطيع زحزحتها عن طريقنا، ولا يمكن أن نقفز فوقها، ولكن هل فكرنا بطرق أخرى واجتهدنا قليلا لفك اشتباكات مشاعرنا والحصول على الحب دون تعقيدات، تذكرت مقولة كنت أؤمن بها لصمويل جاكسون (تستعصي أشياء قليلة على الاجتهاد والمهارة، فالأعمال العظيمة لا تتحقق بالقوة، بل بالإصرار والعزيمة)، نعم إن ما ينقصنا هو العزيمة والإصرار، فلا تستطيع إجبار الآخرين على حبك أو العودة لك، ولكن حتما ستجبرهم على التفكير بك وبمشاعرك التي تفيض تجاههم وتحرك بداخلهم ألف سؤال وسؤال، وبعدها سوف يبدأ نهر المشاعر بالتدفق وحتما سيقتلع تلك الصخرة العالقة بينكم، ولكن لا يمكن أن ننسى أن بعضا منا علاقته مع نفسه عدائية، فهو يحس أنه محكوم بالضياع، فيكبله الخوف، وعندما يخاف بالتأكيد سوف يخسر كل شيء، فيدرك مدى هشاشة الحياة بداخله لأنه وضع افتراضات سلبية قد لا تحصل له أبداً، وهذه الشخصيات عادة تكون لا تؤمن بوجود الحب ولا أهميته في الحياة فيقعون في شرك الشك وعدم الثقة بالآخرين، وهذا لا يفتح قلوب الناس بل يغلقها. الحب هو عصب الحياة الذي لا نستطيع أن نعيش بدونه فتشوا حولكم ستجدون أن نفوسكم لا تهدأ، وأرواحكم لا ترتاح إلا عندما تمارسون أو تتعاملون مع شيء تحبونه، فالحب يبدأ دائما من آخر ضوء عند منعطف النفس المشبعة بالتفاؤل، والدرس الذي يجب أن نتعلمه أننا إذا أردنا الحب يجب أن نكون محبين لا متحدثين عن الحب فحسب.