إذا كانت عملية التوظيف عملية جوهرية ومؤثرة في نجاح المنظمات الحكومية وغير الحكومية فإن العنصر الذي لا يقل أهمية هو ما يتبع ذلك من تقييم وتطوير يطبق على كافة المستويات.. يحصر السيد ريتشارد فين ما مجموعة 101 من الأخطاء التي تحصل في التوظيف في كتاب بعنوان: 101 خطأ توظيف ترتكبها المؤسسات، وكيف يمكن تفاديها. لن نستعرض كل هذه الأخطاء ولكن نحاول عرض بعضها لغرض الفائدة والتعرف على تجارب مختلفة علنا نستفيد منها في توطين الوظائف. وقد تطرقت في مقال سابق إلى مقابلة التوظيف تحت عنوان (باب ما جاء في مقابلات التوظيف)، وهذا المقال امتداد له لكنه يتطرق إلى إجراءات التوظيف بشكل عام وليس المقابلة فقط. 1- البدء من الصفر: حين يتم تكليف أحد الموظفين بمسؤولية التوظيف للوظائف الشاغرة ثم يبدأ من الصفر متجاهلا قاعدة البيانات التي تحتوي على ملفات متقدمين للعمل تتوفر فيهم الصفات المطلوبة، ولكن لم يتم توظيفهم وتم حفظ ملفاتهم بسبب عدد الوظائف الشاغرة. 2- الفهم المختلف بين مدير وآخر للمصطلحات الإدارية والصفات الشخصية المطلوبة للوظيفة. 3- عدم الاستفادة من موظفي جهات أخرى اضطرت إلى تقليل عدد الموظفين. 4- مقارنة المتقدم للوظيفة بالمتقدمين الآخرين وليس بمتطلبات الوظيفة. 5- مقابلة مرشحين مع معرفة مسبقة بأنه لا يمكن توظيفهم لأسباب نظامية. 6- عدم الأخذ في الاعتبار عدد المؤهلين الذين لا يبحثون عن وظيفة. 7- عدم الاستعانة بالمتقاعدين. 8- عدم استهداف الشباب قبل تخرجهم. 9- عدم استثمار معارض التوظيف بشكل جيد.. بعض المؤسسات تنجح في الاستفادة من هذه الفرصة لأسباب متعددة منها اختيار الشخص المناسب لتمثيل المؤسسة والتعريف بها، وبناء علاقة مع زائري جناح المؤسسة.. هذه الوسيلة للتوظيف تتطلب عملا جديا قبل وأثناء وبعد المناسبة. 10- التوظيف اعتمادا على معيار العلاقات الشخصية. 11- التمسك بالانطباع الأول عن المتقدم للوظيفة. 12- التوظيف رغم وجود تردد وعلامات استفهام حول شخصية المتقدم واتجاهاته. 13- عدم وجود برنامج تعريفي للموظف الجديد.. يبدأ هذا الموظف عمله دون معرفة بتفاصيل الجهة التي سيعمل فيها وخاصة أنظمتها وثقافتها.. وقد يجد نفسه مرتبكا أمام النمط الإداري لمديره ولا يجد حوله من يساعده.. المعروف أن بعض الجهات تضع جدولا تعريفيا للموظف الجديد.. ما يحصل أحيانا أن الموظف يبدأ العمل لأسبوعين أو أكثر ثم يأتي التعريف لاحقا ليتفاجأ الموظف بتعليمات لم يسمعها من قبل ونماذج تحتاج إلى توقيع ومعلومات كان يفترض أن يتعرف عليها قبل التوظيف. 14- عدم تدريب من يجري مقابلات التوظيف قد ينتج عنه طرح أسئلة غير مقبولة. 15- عدم تزويد الموظف الجديد -وخاصة المتخرج حديثا من الجامعة- بتغذية راجعة عن أدائه هو بأمس الحاجة إليها. 16- الاعتماد الكلي على التقنية. تلك بعض الملاحظات التي يسجلها مؤلف الكتاب المشار إليه.. وهي ملاحظات تركز في معظمها على القطاع الخاص لكنها في الواقع توجد في القطاعين العام والخاص.. وهي أيضا لا تختص ببلد دون آخر فهي ذات طابع عالمي مع فروق جزئية مرجعها البعد الثقافي.. هناك عوامل مشتركة في عملية التوظيف.. في مقدمة هذه العوامل الأخذ في الاعتبار الجوانب الأساسية وهي المعرفة، والمهارات، والاتجاهات وعلاقة ذلك بطبيعة العمل.. قائمة المتقدمين للعمل قد تضم أشخاصا أكفاء، وقد يكون بينهم أكثر من متقدم يمكن أن يوصف بأنه مرشح مناسب.. هنا يكون قرار الاختيار الذي يجب أن يستند على متطلبات الوظيفة وطبيعة عملها وليس لأن شخصيته مناسبة وصاحب خبرة أو متحدث جيد. ويصعب تصور أننا في هذا العصر سنجد جهة عمل لا يوجد بها وصف وظيفي ومهام واضحة. يرى مؤلف كتاب حصر أخطاء التوظيف أن من أسباب الوقوع في هذه الأخطاء الاعتقاد بأن التوظيف هو مهمة محصورة بالموارد البشرية فقط، والأخطاء التي تقع في مقابلة التوظيف، وعدم المتابعة بعد المقابلة للتأكد من المرجعية المشار إليها في السيرة الذاتية. على مستوى استقطاب القيادات الإدارية يمكن ملاحظة أن الترشيح في تجربتنا في كثير من الأحيان يعتمد كثيرا على سمعة الشخص، ونجاحاته السابقة وقد لا تكون المقابلة واردة.. وفي معظم الحالات لا يطلب منه تقديم خطة عمل تتضمن رؤيته المستقبلية والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها والحلول التي سيعمل على تطبيقها. في هذه التجربة ينجح البعض ويفشل آخرون. وسبب الفشل عدم الأخذ في الاعتبار أن النجاح في مكان لا يعني ضمان النجاح في مكان آخر إلا في حالات نادرة وهذا راجع إلى عدم التوافق بين طبيعة العمل وشخصية القيادي، وكذلك يرجع إلى فريق العمل، وبيئة العمل. في المجال الرياضي مثلا يلاحظ أن المدرب رغم الإجماع على قدراته ينجح مع فريق ويفشل مع آخر، فهو مدرب جيد لكنه ليس القيادي المناسب لمتطلبات المرحلة التي يمر بها الفريق. نأتي إلى التوظيف اعتمادا على معيار العلاقة الشخصية فهذه ظاهرة عالمية ولكنها تحتاج إلى تفصيل. إذا كان المتقدم للوظيفة يمتلك المعرفة والمهارات والخبرات المطلوبة فليس من المنطق حرمانه فرصة التوظيف بحجة وجود علاقة شخصية، أما إذا تم توظيفه على حساب شخص آخر أفضل منه فهنا تنتفي العدالة ونكون أمام مشكلة الواسطة التي ينطبق عليها نظرية العبرة بمن تعرف.. وفي هذا الموضوع ومع التطور التقني وتطور إجراءات التوظيف وإيجاد قاعدة بيانات سوف يختفي تدريجيا البحث عن الكفاءات بالعلاقات الشخصية والاعتماد بدلا من ذلك على المعايير المهنية، وهذا لا يعني الاعتماد الكلي على التقنية في كل الظروف.. المهم هو تحقيق العدالة والتذكير بأن التعيين بالعاطفة فقط قد يقود إلى الفشل والندم وربما الجناية على الموظف نفسه. وأخيرا فإذا كانت عملية التوظيف عملية جوهرية ومؤثرة في نجاح المنظمات الحكومية وغير الحكومية فإن العنصر الذي لا يقل أهمية هو ما يتبع ذلك من تقييم وتطوير يطبق على كافة المستويات.