لكل سوق خصائصه وظروفه ومنها السوق العقاري الذي يتأثر بالعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ويؤثر ببقية الأنشطة المرتبطة به، ومما لا شك فيه أن السوق يعاني من شبه شلل تام في حركته تداولا وتطويرا واستثمارا وتمويلا، والمعروف أن حركة السوق العقاري بطيئة في ارتفاعها وانخفاضها وهي دائما بحاجة إلى الوقت لتتضح الرؤية مع الارتباط الدائم بالأوضاع السائدة. منذ بداية عام 2013م بدأت موجة الهدوء في السوق العقاري مقارنة بالخمس سنوات التي سبقتها وبدء معها انخفاض حجم التداول والصفقات على معظم المنتجات العقارية مثل الأراضي والعقارات السكنية الجاهزة، وكذلك انحسار في العقارات التجارية التي ظلت مزدهرة لفترة بعد هدوء السكني، حتى وصلت إلى مرحلة الركود التي نشهدها اليوم. ورغم أن الطلب لدينا كبير على الأراضي والمساكن الجاهزة وهو طلب حقيقي ومن المواطنين، ونسبة الذين لا يملكون مساكن تصل إلى 70 بالمئة من المواطنين إلا أن الجميع أصبح عازفا عن التداول رغم انخفاض الأسعار في جميع المناطق وبنسب متفاوتة حسب الموقع وتوفر الخدمات، وهذا ما لم يكن يحلم به أكثر المتفائلين قبل خمس سنوات. ويعود هذا العزوف لعدة مؤشرات وحقائق يعيشها السوق العقاري منذ ثلاث سنوات تُؤكدها مؤشرات وإحصاءات وزارة العدل، وللسنة الثالثة على التوالي والذي من المتوقع أن يستمر أيضا في الربع الأول لعام 2017م حتى تتضح الرؤية فيما يتعلق بحجم الاعتمادات المالية لميزانية العام القادم وكذلك الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية، والأوضاع المحيطة بالمنطقة. ومن أهم أسباب العزوف عن التداول العقاري خلال الفترة الماضية انخفاض أسعار النفط، تقليص حجم الإنفاق على المشاريع الحكومية الجديدة، نقص السيولة لدى الكثير من القطاعات، الأوضاع العالمية بالمنطقة، أسعار العقارات تتجاوز القدرة الشرائية للمواطن رغم انخفاضها، عدم وجود مصادر تمويل وإن وجدت فهي تتجاوز قدرة المواطن وبشروط مجحفة وأرباح عالية، انتظار إنجاز مشاريع وزارة الإسكان، عدم صرف دفعات جديدة لقروض صندوق التنمية العقاري، خروج المضاربين من السوق، تخفيض البدلات لبعض الموظفين وفرض الرسوم على الخدمات، انتظار تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء بهدف زيادة المعروض من الأراضي داخل النطاق العمراني، وبالتالي انخفاض الأسعار أكثر، زيادة المعروض من الأراضي والوحدات السكنية وبأسعار أقل والتي لم تكن بهذا الحجم قبل عامين، ارتفاع مستوى وعي المواطن وعدم اندفاعه في الشراء مقارنة بالسابق، ملاحظة الانخفاض الملموس لأسعار الأراضي والعقارات السكنية حتى في المناطق المخدومة ورغبة الجميع بانخفاض أكبر يوازي قدرتهم الشرائية. ونتيجة لذلك فقد بدأت العروض تكثر وبأسعار أقل وتسهيلات أفضل ولا يقابلها شراء، ومن المتوقع استمرار هذا العزوف حتى تنخفض الأسعار أكثر لتكون ضمن القدرة الشرائية، والتي قد تحتاج إلى عامين أو ثلاثة لتعود الحركة العقارية إلى طبيعتها.