هل يكون هذا العام هو بداية تصحيح الكثير من التشوهات التي طالت السوق العقاري بيعا وشراء واستثمارا وتطويرا من قبل القطاع الخاص، وإدارةً وترخيصاً وتنظيماً من قبل القطاعات الحكومية؟ السوق أمام منعطف قد يكون هو بداية نضج السوق العقاري وظهور تنظيمات وبرامج ومشاريع جديدة تمهد لتصحيح المسار في سوق هو الأضخم من نوعه على مستوى المنطقة من حيث حجم الطلب على العقارات المتنوعة، وكذلك النمو السنوي. ورغم انخفاض أسعار الأراضي والمساكن إلى مستويات لم تصل إليها منذ 2012م، إلا أنه لازال هناك نوع من التخوف لدى شريحة عريضة من الإقدام على الشراء والتملك والاقتراض طمعا في انخفاضات أكبر، والواقع يقول إن الانخفاضات خارج النطاق العمراني مستمرة أما داخله فبعضها ثابت وبعضها منخفض بنسب متفاوتة حسب الموقع والخدمات المتوفرة. الضغوط على السوق العقاري آتت أكلها ولم تكن العملية منظمة بقدر ما هي انعكاس للمنطق وهو تجاوز الأسعار للقدرة الشرائية وقلة العرض وتنوعه وجودته وضعف قنوات التمويل. يضاف لها القرارات الحكومية التي حدت من الارتفاعات ومنها رسوم الأراضي البيضاء. بعد إعلان مؤسسة النقد رفع نسبة التمويل من 70% إلى 85%، وكذلك إعلان وزارة الإسكان عن تقديم دفعات جديدة من قروض الصندوق العقاري أصبح لدينا رأيان، الأول يرى أن التوقيت غير مناسب وهو بمثابة طوق نجاة للعقاريين لكبح جماح الانخفاضات التي تواجه العقارات عموما وهو رأي اقتصاديين ومختصين ومواطنين وهم الأغلبية ولا ينصحون بالشراء في هذا التوقيت طمعا في مزيد من الانخفاضات. ورأي ثانٍ يرى أن هذا القرار مهم ويجب تطبيقه لتمكين شريحة ليست بالقليلة من التملك عن طريق الاقتراض من البنوك وجهات التمويل بعد الانتظار لسنتين من تاريخ إقرار أنظمة التمويل. من المتوقع أن يكون هناك حركة في السوق العقاري خلال الفترة المقبلة، وستكون الغلبة لشراء الأراضي ثم الوحدات السكنية الجاهزة، بسبب أن المعروض من الوحدات السكنية الجديدة محدود بعد توقف معظم المطورين كبارا وصغارا عن العمل بسبب الركود الذي طال السوق، والغالبية تفضل شراء الأرض والبناء بنفسها بعد انخفاض مواد البناء بنسب تصل الى 30%، وكذلك ضمان الجودة وإمكانية تصميم عدة وحدات سكنية للأرض الواحدة يمكن استثمارها. المعارضون لتوقيت قرار تخفيض التمويل يطمعون بنسب انخفاضات سعرية أكبر وهم غير مُلامين بسبب ارتفاع الأسعار الى مستويات قياسية تملكا وإيجارا لعدة سنوات، وقلة كانوا ينتظرونه للاستفادة منه والتملك شريطة أن يكون بتسهيلات وفوائد مقبولة. والسؤال الذي لا يمكن لأحد التكهن به هو؛ إلى أي حد ستصل الأسعار انخفاضا؟ ومتى يكون ذلك؟ ويبقى قرار الشراء والاقتراض قرارا شخصيا تحكمه العديد من الاعتبارات منها الحاجة ودخل المقترض والعمر والسجل الائتماني والقدرة على تحمل القروض طويلة الأجل.