يوم تاريخي ونقلة كبيرة للرياضة السعودية الذي أعلن فيه تطوير وإعادة هيكلة القطاع الرياضي في المملكة، وما حمله اجتماع المجلس حيال توصية التخصيص والرفع بذلك إلى مجلس الوزراء، بالإضافة الى إنشاء صندوق لتنمية الرياضة، وهو تطوّر سينقل رياضتنا في المستقبل الى مستويات أعلى، ويجعلها تعيش نهضة شاملة. سمو ولي ولي العهد حفظه الله برهن بقرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على اهتمام المجلس بقطاع الشباب والرياضة، وحرصه على نقل رياضتنا إلى العالمية من خلال التخصيص وصندوق التنمية. «الرياض» استعرضت هذا الملف التاريخي مع عدد من المتخصصين في الاستثمار الرياضي والإدارة الرياضية من خلال التقرير التالي: في البداية تحدث خبير التسويق الرياضي الدكتور مقبل بن جديع بقوله: «مفهوم التخصيص باختصار هو انتقال ملكية الاندية وتحديداً قطاع كرة القدم من القطاع العام «الحكومة والمتمثلة في هيئة الرياضة»، الى القطاع الخاص «أفراداً او شركات»، وتصبح بذلك الاندية كيانات تجارية ينطبق عليها نظام القطاع الخاص في البلد، والتخصيص يحرر الاندية من القيود والبيروقراطية الحكومية وينقلها الى القطاع الخاص ذي الكيانات التجارية المستقلة». وأكد على أن لجنة التخصيص درست الوضع الحالي للأندية واستعرضت التجارب العالمية وبمقارنات دقيقة توصلوا لأنسب النماذج التي سيرتكز عليها نظام التخصيص في المملكة، وزاد: «حسب علمي ان التخصيص سيكون لكرة القدم فقط وهذا شيء منطقي وصحيح لأن لعبة كرة القدم هي النشاط الوحيد القادر على جذب المستثمرين والمعلنين وقبل ذلك الجماهير الغفيرة، وأحب ان اطمئن الجميع بأن تطبيق التخصيص سيكون وفق قوانين وتشريعات درست بعناية لتكون قاعدة لنظام شامل ومتكامل يقود لعمل مؤسساتي منظم يسير وفق قانون واضح يمثل خارطة الطريق التي تحفظ الحقوق وتوضح علاقة المستثمر بالأندية وبالسوق الرياضي». الرشيد حذّر من التجربة الصربية.. وابن جديع يؤكد: المستثمرون قادمون ووصف الدكتور مقبل الأمير عبدالله بن مساعد ب»عراب» هذا المشروع، وقال: «كان الأمير عبدالله قد اعلن في وقت سابق بأن أندية دوري المحترفين ال14 سيتم تخصيصها، وهذا شيء منطقي كمرحلة أولية، رغم ان اي ناد سعودي ممكن ان يتم تخصيصه وفق تسعيرة خاصة بكل ناد ولعل اهم المعايير التي يتم تقييم الاندية بموجبها هي العلامة التجارية والقاعدة الجماهيرية والإرث البطولي والنجوم والموجودات «المقرات»، هي الركائز الأساسية في تقييم سعر النادي قبل الشراء ورأس ماله بعد الشراء». وأضاف «الجميل في الموضوع ان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لم يكتف برفع توصية لمجلس الوزراء بتخصيص اندية دوري المحترفين فقط، بل زاد على ذلك بأن وجه بإنشاء صندوق تنمية الرياضة وأيضاً قرر تكوين لجنة اشرافية على مشروع التخصيص برئاسة الامير عبدالله بن مساعد وهذا سيساهم في ضمان نجاح المشروع من خلال مراقبة التنفيذ عن طريق اللجنة الاشرافية المشكلة، التي ستذلل الصعاب وتزيح العوائق أولاً بأول كي ينجح المشروع الوطني الكبير، كما ان صندوق تنمية الرياضة المنتظر سيشكل مورداً مالياً مهماً لهيئة الرياضة حتى تصرف بذلك على الاتحادات والالعاب المختلفة والفئات السنية، وهذا يعطي مؤشرات ايجابية بأن مشروع التخصيص سينجح بإذن الله لأنه روعي فيه كافة الجوانب ولعل من اهمهما انشاء هذا الصندوق الذي سيعاد انفاق دخله من التخصيص على تطوير الرياضة السعودية بشكل عام، لنكون بذلك موعودين بنهضة رياضية شاملة وليس كرة القدم فقط، أما المردود على الاندية التي سيتم تخصيصها فيكفي ان نعرف بأن الاندية ستعاد هيكلتها من جديد وسيستقطب اشخاص مؤهلين يساهمون في تحويل الاندية لكيانات تجارية بشكل صحيح ومثمر بعيداً عن العشوائية السابقة، ومن هذا المنطلق ستعيش انديتنا بإذن الله طفرة تجارية مميزة». وعن اقبال الشركات الكبرى والبنوك على الدخول في الرياضة بعد الخصخصة، قال: «اذا كانت الشركات قبل التخصيص تتهافت على الأندية السعودية لرعايتها بحثاً عن الانتشار والظهور الاعلامي والوصول للشريحة المستهدفة فما بالك بعد أن يتم التخصيص، أكاد اجزم بأن مزيداً من الشركات ورجال الأعمال سيدخلون في المجال الرياضي ليس فقط بحثاً عن الترويج والظهور الاعلامي كنشاط تسويق محض، بل كمستثمرين يبحثون عن ماهو ابعد من التسويق، ولكن ذلك يحتاج بضعة اشهر بعد أن يراقبوا الوضع ويتأكدوا من أن انظمة وقوانين التخصيص طبقت بالشكل الصحيح الذي سيحميهم ويضمن لهم حقوقهم». ووصف المختص في الإدارة والتسويق الرياضي يوسف الرشيد الأمير عبدالله بن مساعد ب»عراب» مشروع التخصيص، وقال: «بالتأكيد أن ما وصلنا له في المرحلة الحالية وإقرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالتوصية على تخصيص أندية الدوري الممتاز المحترفة والرفع بذلك لمجلس الوزارء للموافقة، هي خطوة تاريخية لم تأت بين ليلة وضحاها وقد مرت بالعديد من الدراسات والاجتماعات التي وضعت اللبنة الاولى في طريق تخصيص الأندية الرياضية، ورئيس الهيئة العامة للرياضة يعتبر عراب هذا المشروع الضخم منذ البداية وهذا أمر مطمئن، وهنا نؤكد بأننا كمختصين من المهم أن تكون مساهمتنا فاعلة في تقديم الدعم عبر النقد الهادف أو المقترحات التي قد ترى اللجنة المختصة مناسبتها، لذا لا شك أن خصخصة القطاع الرياضي يجب أن تأخذ بالاعتبار تجارب دول مشابهة لنا بتفاصيلنا الاقتصادية، وندرس تلك الخطوات لمحاكاة نجاحها أو تجاوز عثراتها، فَلَو أخذنا على سبيل المثال التجربة الماليزية فقد ركزت بشكل كامل على وضع إطار كامل لما بعد الخصخصة عبر حوكمة وهيكلة القطاعات الرياضية المرتبطة بالدوري المحلي، ليتوافق ويتؤام مع تحولات ما بعد الخصخصة، مع الأخذ بالاعتبار إبراز الحقوق للملاك الجدد وسن القوانين المشددة لحمايتها». وأضاف «في حين هناك تجارب فشلت أو تعثرت في بدايتها لضعف الإطار القانوني في تحول الرياضة مِن القطاع العام الى الخاص كالتجربة الصربية على سبيل المثال، لذا من المهم أن تأخذ اللجنة الإشرافية على عاتقها مهمة دعم وتطوير المؤسسات الرياضية للتواكب مع التحول المقبل في قطاع الرياضة، مع حوكمة الأنظمة الرياضية المرتبطة بمرحلة التخصيص». وحول المفهوم الحقيقي لخصخصة أنديتنا قال: «هو تحول العمل الرياضي في الأندية السعودية وتحديداً أندية الدوري الممتاز من القطاع العام إلى القطاع الخاص أو التجاري عبر خصخصة الأندية، وهذا يعني أن هناك تغييراً كاملاً أو خفض الدور الذي تلعبه الحكومة في القطاع الرياضي، والخصخصة قد تشكل أيضاً علاقة أو شراكات ناجحة بين القطاعين العام والخاص بهدف خلق أجواء تنافسية أفضل مما هو قائم حالياً، وأداء رياضي أيضاً أقوى على المستوى الفردي والنادي بشكل عام يساهم في جذب مزيد مِن الاستثمارات في القطاع الرياضي، وبشكل عام وبسيط فإن تحول ملكية الأندية من الحكومة إلى منشآت أو مستثمرين تجاريين هو الجوهر العام للخصخصة». واستطرد بقوله: «الأندية الجماهيرية ستكون بلا شك لها السبق في تحقيق النجاح بالتحول إلى القطاع الخاص، فهي تملك من الجاذبية مايدفع المستثمرين للحصول على حصة الأسد من أسهم تلك الأندية، غير أن هذا الأمر لن يمنع الأندية المحترفة الأخرى من التحول للقطاع الخاص، وتحديداً مع تواجد صندوق تنمية الرياضة وهو الخطوة الأخرى الجميلة وغير المسبوقة في تاريخ رياضتنا، اذ يضع المساهمة في تخصيص الأندية الرياضية احد أهم أهدافه الرئيسيّة، فلا نستبعد على سبيل المثال لا الحصر أن يتم تمويل خصخصة أندية الوسط في الدوري الممتاز من إيرادات خصخصة نادٍ كبير مثل الهلال». واختتم الرشيد حديثه بقوله: «دائماً تهدف الخصخصة للوصول لأعلى مستويات الأداء والكفاءة، هنا نتوقع أن يرتفع مستوى أداء اللاعب السعودي والأندية كوّن هذا الأمر سوف يساهم في زيادة القيمة التجارية لمنسوبي الأندية، كما أن المنافسة ستتغير من حيث دخول مستثمرين في أندية عدة يساهمون في زيادة رقعة التنافس البطولاتي، مما يساعد على زيادة إنتاجية قطاع الرياضة وارتفاع مداخيله والتي سوف تنعكس على الاقتصاد السعودي بشكل عام وتحوله من قطاع استهلاكي ينتظر حصته السنوية من إعانات الدولة إلى قطاع منتج يساهم في نمو اقتصاد الوطن، الشركات الكبرى وكذلك البنوك التجارية تبحث عن الربحية وكذلك البيئة المناسبة لضخ الأموال والاستثمار، لذا متى ما كانت عملية التحول من القطاع العام نحو القطاع الخاص ذات إطار قانوني واضح يحفظ حقوق المستثمرين ومرتبطة أيضاً بهيئة ومؤسسات رياضية تشارك المستثمرين النجاح سوف نرى دخولاً كبيراً من المستثمرين للقطاع الرياضي يساعد على نجاح خطة التحول المستقبلية، وحقيقة هيئة الرياضة استعدت جيداً لهذه المرحلة وما إعلان إنشاء مركز التحكيم الرياضي السعودي كجهة فصل قانونية مستقلة مالياً وإدارياً ومحايدة كذلك إلا مرحلة استباقية لخصخصة القطاع الرياضي، وهي بذلك تطمئن المستثمرين بقدرة القطاع الرياضي على جذب استثمارات كبيرة وجريئة». من جهته تحدث المدير التنفيذي للجنة الاستثمار الرياضي بغرفة جدة المتخصص في الإدارة الرياضية مشهور الحارثي: «التخصيص مردوده كبير، اذ ستكون هناك نقلة نوعية بإذن الله سواء على الصعيد الرياضي أو الاقتصادي، فوجود الإدارات المحترفة واللاعبين المحترفين احتراف حقيقي حتماً سيوجد لدينا رياضة محترفة تنافس بقوة في الميادين الرياضية، وستكون هناك نقلة اقتصادية كبيرة بفتح المجال لآلاف الوظائف في الأندية المحترفة وشركات الاستثمار الرياضي وفي الوسط الرياضي بشكل عام، فالتخصيص كمصطلح اقتصادي هو نقل ملكية الكيان أو حق إدارته من الدولة إلى القطاع الخاص سواءً بشكل كامل أو جزئي، وبما إن الحديث هنا عن التخصيص في المجال الرياضي فالمعني به نقل ملكية الأندية من الدولة ممثلة بالهيئة العامة للرياضة إلى القطاع الخاص. وطالب الحارثي بتطبيق التخصيص الجزئي والمتدرج بحيث تكون البداية تخصيص كرة القدم فقط في أكثر الأندية جاهزية من الأندية الجماهيرية والمهيئة تمامًا لموضوع التخصيص، مع تخصيص نادٍ آخر من الأندية الأقل جماهيرية ليكون هناك نموذجين حقيقين للتجربة. وأضاف «أعتقد أن جميع أندية دوري المحترفين ستكون مطمعاً للمستثمرين ولكن سيكون الإقبال على الأندية بنسب متفاوتة، وبرأيي العامل الأهم سيكون في التقييم العادل لكل ناد، فأغلب المتقدمين للاستثمار في المجال الرياضي في ذلك الحين ستكون نظرتهم اقتصادية بحتة ولن يكون للميول تأثير فيها، فمتى ما وجد التقييم العادل للنادي الرياضي سيكون فرصة استثمارية واعدة للمستثمرين، وأعتقد سيكون لدينا فريقين من المستثمرين، فريق يرى الفرص في الأندية الجماهيرية مهما كان تقييمها عالياً، وفريق آخر يجد الفرص في الأندية الأقل جماهيرية ليحولها لكيان كبير بعد استحواذه عليها بمبلغ معقول نوعاً ما». وشدد الحارثي على أن تردد كثير من البنوك والشركات الكبرى في دخول سوق الاستثمار الرياضي سابقاً كان مثار استغراب المتخصصين، وقال: « أعتقد إن استمرت نظرة إدارات هذه المنظمات للاستثمار الرياضي بهذا الشكل فلن تكون النتائج مبشرة بتواجدهم، إلا إذا أتت إدارات متخصصة تعي أن الاستثمار الرياضي في كرة القدم السعودية بالأخص هو منجم ذهب للمستثمرين متى ما عرفوا كيف ومتى وأين يستثمرون؟». مشهور الحارثي د. مقبل بن جديع يوسف الرشيد