حوار-عبدالعزيز عركوك سلط الكاتب والمحلل الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين المتخصص في الاستثمار والقطاع المصرفي الضوء على الخصخصة خلال الحوار التي أجرته معه صحيفة" البلاد" عقب صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تخصيص الأندية الرياضية التي تشارك في بطولة الدوري السعودي لأندية الدرجة الممتازة لكرة القدم ( دوري المحترفين)، وتحويل الأندية الرياضية التي يتقرر تخصيصها إلى شركات بالتزامن مع بيعها، وتتولى الهيئة العامة للرياضة منح هذه الشركات تراخيص وفق شروط تضعها لذلك. وإليكم ما جاء خلال الحوار… ماهي الخصخصة بشكل واضح ؟ ببساطة… الخصخصة أو التخصيص هو تحويل الممتلكات من القطاع الحكومي إلى ممتلكات خاصة، ويتم بيعها بشكل جزئي أوكلي لأفضل عرض مقدم من قبل الأشخاص الذين يرغبون في الاستثمار، والجميع يعلم أنه صدر في الفترة القريبة الماضية قرار مجلس الوزراء بتحويل أندية رابطة دوري المحترفين بمنشآتها وملاعبها المملوكة للحكومة وانتقال الملكية إلى الأفراد أو الشركات الربحية. هل ترى أن الانتقال إلى الخصخصة أمر إيجابي للأندية؟ بلا شك اتخاذ قرار تحويل الأندية الرياضية إلى الخصخصة من القرارات الإيجابية للرياضة بشكل عام ولإدارات الأندية على وجه الخصوص؛ نظرا لكثرة المشاكل التي تعاني منها تلك الأندية على المستوى المالي ووجود الكثير من المديونات عليها لأسباب مرتبطة بإشراف القطاع الحكومي عليها وعندما تتحول هذه الأندية إلى شركات خاصة سيكون المستثمر أكثر حرصا على التوازن المالي في هذه الأندية وعدم تحويلها إلى مديونات كبيرة، كما حدث سابقا، ولا زال يتكرر حتى يومنا الحالي، كما سيحرص المستثمر على العمل وفق رؤية القطاع الخاص وليس وفق رؤية القطاع الحكومي. كيف سيتم تحديد القيمة المالية للأندية ؟ حسب ما أشار إليه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام للهيئة الرياضية فإنه من المتوقع أن تتراوح أسعار الأندية السعودية المتواجدة في رابطة دوري المحترفين بين 80 مليونا كحد أدنى و800 مليون كأعلى سقف، ولكن من وجهة نظري ستعتمد القيمة وتختلف بحسب نوعيتها فهناك أندية ستحقق مبالغ كبيرة والعكس صحيح أيضا، ويرتبط ذلك بعدة معايير لتقييم الأندية ومنها العقارات والشهرة والقاعدة الجماهيرية للأندية وجميع هذه المعايير وخاصة الجماهيرية تعتبر قاعدة استثمارية لكل من يبحث عن الاستثمار داخل النادي. المبالغ التي يدفعها المستثمر ستذهب لصالح من ؟ بكل تأكيد ستذهب المبالغ التي يتم بها شراء النادي من المستثمر إلى الحكومة ممثلة بوزارة المالية والتي بدورها ستنشئ صندوقا لجميع مبالغ تلك الأندية التي تم استثمارها لدعمها مستقبلا في حالة التعثر؛ إما من خلال القروض أو تقديم المساعدات للأندية متدنية الدخل، لأن الأندية الرياضية وجدت لتبقى، ولن تقبل الحكومة بإغلاقها واخراجها من السوق حتى وإن تحولت إلى شركات ستظل أندية رياضية من أهم مقومات المدن والمحافظات والمجتمعات. هل يحق للدولة المطالبة بمبالغ من المستثمر في حالة النجاح أو بيع النادي لمستثمر آخر؟ لا .. أبدا لن تستطيع المطالبة إلا بما يفرضه النظام لها، بمعنى أن الهيئة العامة للرياضة لها جزء من النقل التلفزيوني وغير ذلك ولنفرض أنه تم بيع ناد بقيمة 500 مليون وبعد فترة ارتفعت أسهم النادي إلى مليار ونصف المليار فتصبح تلك الزيادة من حق المستثمر وفي المقابل لو انخفضت قيمة النادي إلى 100 مليون فبكل تأكيد سيتحمل المستثمر تلك الخسارة. ماهي التنظيمات الجديدة من حيث الإشراف على الأندية؟ في البداية، أحب أن أوضح أن هناك ملكية للنادي ستكون للمستثمرين الذين اشتروا هذه الأندية، وبالتالي كل ماله علاقة بالجوانب المالية مرتبط بالملاك، وهناك أيضا إشراف على الأندية وستظل التنظيمات الحالية هي المشرفة والمتمثلة في الهيئة العامة للرياضة والاتحاد السعودي ورابطة دوري المحترفين بالنسبة لكرة القدم. ماذا عن مقرات الأندية، هل ستدخل ضمن الخصخصة؟ هذا الجانب مهم جدا، والجميع يعلم أن مقرات الأندية السعودية تعود ملكيتها إلى الدولة، وهنا يعود الأمر للمستثمرين إن كانوا قد اشتروا النادي بمقراته بذلك سيكونون ملاكا لهذه المواقع الرياضية أما أن تم استئجار الأراضي من قبل الهيئة العامة للرياضة السعودية سيكون هناك فصل بين ملكية الأصول وملكية النادي. هل يمكن للمستثمر إنشاء مقر جديد للنادي ؟ نعم، إذا اشترى المستثمر النادي وتم امتلاكه فسيكون له كامل الحرية في إيجاد المنشآت والمواقع المناسبة مثل أية شركة أخرى، والجميع شاهد الكثير من الشركات التي تعتبر قادرة على بناء مقرات أخرى وبناء استثمارات وبالتالي ستتمكن من الاستثمار في هذا القطاع متى أرادت. هل يحق للمستثمر نقل أي ناد إلى مدينة أخرى؟ هذا الأمر تنظيمي والقرار راجع إلى الهيئة العامة للرياضة ولكن من وجهة نظري لا أعتقد أن يتم نقل الأندية إلى مدن أخرى، وليس من المعقول أن يتم نقل نادي ريال مدريد الأسباني إلى برشلونة. في حالة هبوط النادي إلى دوري الدرجة الأولى كيف سيكون وضع الخصخصة؟ طالما تم تخصيص النادي فالملاك سيحتفظون بهذا النادي سواء كان في الدرجة الممتازة أم هبط إلى دوري الدرجة الأولى أو الثانية طالما أن البيع تم، والحكومة تسلمت المبالغ المالية فالمستثمر في هذه الحالة قد امتلك النادي. ما هي الفترة المحدودة للمستثمر داخل النادي؟ لا توجد فترة محددة، فمتى ما اشترى المستثمر حصة النادي سيصبح مالكا له مالم يقم ببيعه، ومثال ذلك ما يحدث في بريطانيا، وقد شاهدنا الرئيس العام للهيئة العامة للرياضية اشترى في فترة سابقة ناديا في بريطانيا، وأيضا مستثمرين إماراتيين وسمعنا أن مستثمرين من روسيا قاموا بشراء ناد انجليزي، وبالتالي تتناقل الملكية مثل ما تتناقل ملكية أية شركة في سوق الأسهم. ماذا عن تخوف الجماهير من تسبب المستثمرين في تدهور الأندية؟ وضع الخصخصة يختلف عن الفترة السابقة لرياضتنا السعودية، فاليوم أصبحت الأندية مرتبطة بالاستثمار مثل ماهي مرتبطة بالرياضة لذلك ملاك النادي سيحرصون في الدرجة الأولى على استثمارهم وأن يكون هناك عائد مجز بالنسبة لهم، وهذا لن يتحقق إلا من خلال أداء النادي وقدرته على تحقيق البطولات والألقاب والإنجازات، بالإضافة لشراء وجلب العديد من اللاعبين المفيدين والمميزين وبيع آخرين والحصول على عقود رعاية، وكل ذلك لن يحصل إلا في حالة واحدة أن يكون النادي جيدا. هل الخصخصة ستعزل المشجعين عن النادي، واتخاذ القرارات؟ الأكيد لا، لن يتم تجاهل أهمية الجماهير كونهم لم يملكوا حق اتخاذ القرار، ولكنهم في الوقت ذاته لديهم القدرة على التأثير في استثمارات النادي من خلال ارتباطها بقوة الضغط كما يحدث في الدول الأوربية فالمشجع إذا لم يجد ما يسره داخل ناديه من الجانب الفني سيكون هناك ضغط على الإدارة لإيجاد حلول وتغييرات بما يساعد على انتشال النادي لتصحيح تلك الأخطاء. ماذا عن مبالغ عقود اللاعبين ودخول المباريات هل ستزيد مع الخصخصة؟ سيكون هناك منطقية وعقلانية في عقود اللاعبين وتذاكر المباريات أكثر من الوضع الحالي ومن الملاحظات في الفترة الحالية أنه يمكن لرئيس النادي أن يوقع عقدا ويتم سداد الدفعة الأولى، ومن ثم يمكنه ترك النادي والاستقالة وترك تلك المبالغ على الإدارة القادمة، ولكن في عالم الخصخصة لن يكون هذا الوضع متاحا؛ لأن المستثمر لن يستطيع التخلص من هذه المديونية، لأنه يملك النادي ولو قام المالك ببيع النادي فإن المشتري سيدقق في الديون وبالتالي ستخصم قيمة النادي الشرائية من هذه الديون، ومن هنا سيكون الملاك أكثر عقلانية في تحميل النادي أية مديونية جديدة. هل يمكن للمالك بيع النادي دون الإفصاح عن قيمة المديونيات؟ لن يستطيع نهائيا؛ لأن نظام الشركات عند بيعها أو الاستحواذ عليها أو شرائها هناك ما يسمى بفحص الدفاتر الرافع للجهالة، ويعني ذلك التأكد من جميع التزامات النادي وبالتالي لن يقدم أي مستثمر على شراء النادي إلا ولديه علم ويقين بكل ما على النادي من التزامات مالية وكل ماله من حقوق، وأيضا في السابق لم يكن هناك إلزام للأندية بإصدار القوائم المالية ولكن بعد الخصخصة ستلزم الشركات بإصدارها لتوضيح جميع التزامات النادي. هل ستقف الديون السابقة عائقا أمام الأندية في الدخول إلى الخصخصة؟ النظام الجديد يؤكد بأنه لن يسمح ببيع النادي الذي تفوق مديونياته أكثر من 40 مليون ريال إلا في حالة واحدة وهي أن يتكفل المستثمر أومن يريد شراء النادي بشراء مديونيته، ويعني ذلك أن تتحول الديون من ذمة النادي إلى ذمة المالك، أما من كانت ديونه تبلغ 40 مليون ريال أو أقل فسيسمح بطرح النادي وسيكون جزءا من بيع الأصول بمعنى أنه من يشتري النادي سيتحمل تلك الديون وسيستفيد في الوقت ذاته من الأصول، ويدخل في ذلك عقود الرعاية التي أبرمها النادي سابقا فمن حق المستثمر أن يستفيد منها. ماذا عن نظام الوظائف في الأندية بعد الخصخصة؟ أي شركة ستخضع فيما يتعلق بالوظائف إلى نظام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وثانيا الذي سيتكفل بالتزامات الرواتب للموظفين هم ملاك النادي والذين سينظرون إلى الموظفين بنظرة إنتاجية وفي حالة تحقيقهم انتاجهم محققه فسيستمرون، والعكس صحيح أيضا. وماذا عن تقييم عقود اللاعبين ؟ ستكون بطريقة تحقق العدالة بعيدا عن المبالغة السابقة؛ حيث يتم تحديد اللاعبين وفق معايير محددة بحيث لن يقبل أي مستثمر دفع مبالغ خيالية بلا فائدة، وتوقعي أن عقود اللاعبين لن تستمر بحجم المبالغ الضخمة حاليا. هل هناك إمكانية لتخفيض قيمة عقود اللاعبين الحالية؟ مستحيل أن يحدث ذلك، لأن العقد شريعة المتعاقدين، وأود أن أشير إلى أن اللاعبين الذين أبرموا عقودا سابقة فستستمر كما هي عليه بنفس المميزات، ولكن بعد نهايتها سيتم التقييم مرة أخرى حسب الأداء والإنتاجية. مرتبط