أصدر الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل بن فهد أمس قراراً يقضي بتشكيل فريق عمل لدراسة التخصيص وتطوير الاستثمار الرياضي برئاسة الأمير عبدالله بن مساعد، ووكيل الرئيس العام لشؤون الشباب المشرف على إدارة الخصخصة وتنمية الاستثمار بالرئاسة الدكتور فهد بن محمد الباني نائباً للرئيس، وعضوية كل من خالد البلطان، ومحمد آل الشيخ، ومحمد النويصر، ومنصور المنصور، وعامر السلهام، وفهد المرشودي، وفراس التركي، وراكان الحارثي، وفادي طبارة. ويأتي القرار بتشكيل فريق العمل لدراسة مشروع التخصيص وتطوير الاستثمار في المجال الرياضي وتنظيم آليات الاستثمار الذي يشهد تطوراً متنامياً في العالم من خلال الاستفادة من الإيجابيات والتجارب الدولية في تنمية موارد الأندية الرياضية وإيجاد شراكات متطورة مع القطاع الخاص بمختلف مجالاته وتهيئة المناخ الاستثماري المناسب خصوصاً وأن الرياضة أصبحت شريكاً إعلانياً مربحاً للشركات المستثمرة فيها إلى جانب تفعيل الخطط والبرامج الاستثمارية الرياضية. وأكد الرئيس العام على أهمية الدور الذي سيضطلع به فريق العمل وما سيقدمه من رؤى لتطوير مجال الاستثمار في الرياضة ونجاحه بما يعود نفعه على الرياضة السعودية. وقال الأمير نواف "سيستفيد فريق العمل مما أنجزته إدارة الخصخصة وتنمية الاستثمار في الأندية الرياضية بالرئاسة من خلال تجربتها في السنوات الماضية وما توصلت إليه لجنة الخصخصة وتنمية موارد الأندية من معلومات ودراسات سابقة"، مشيراً إلى أن فريق العمل هو فريق للدراسة والتطوير، لذلك فإنه يحتاج إلى وقت للقيام بمهامه وإجراء الدراسات اللازمة على أكمل وجه. وطالب الرئيس العام وسائل الإعلام بعدم استعجال نتائج عمل الفريق، مبيناً أنه سيتم الإعلان عما يتم التوصل إليه أولاً بأول حيث سيبدأ فريق العمل دراساته بكرة القدم ثم ستشمل الدراسات بقية الألعاب الرياضية الأخرى. "الوطن" رصدت مرئيات عدد من أعضاء فريق العمل وبعض المهتمين بالشأن الرياضي من رؤساء أندية ورجال أعمال وإعلاميين حول هذا العمل الذي يراهن عليه كثيرون لإحداث نقلة نوعية في الرياضة السعودية عموماً وكرة القدم خصوصاً. نموذج مناسب وأعرب رئيس فريق دراسة التخصيص وتطوير الاستثمار الأمير عبدالله بن مساعد عن شكره وتقديره للأمير نواف بن فيصل للثقة التي أولاها له لرئاسة هذا الفريق، مشيراً إلى أن فريق العمل سيبدأ في القريب العاجل، متمنياً أن يخرج بنتائج إيجابية تعود بالخير على الرياضة السعودية بمختلف مجالاتها، وقال "الخصخصة مطلب لكي تتواجد كفاءات ترفع من مستوى الرياضة التي هبط مستوى ألعابها في العشر سنوات الأخيرة، وهذا ليس صعباً، فقد كنت أبحث في فترة مضت عن زيادة دخل لنادي الهلال الذي كان آنذاك ثلاثة ملايين ريال فقط، وتوقعت أن يصل إلى 50 مليون ريال، ضحك الجميع ولكنه وصل اليوم إلى 80 مليون ريال". وتابع "ستمنح هذه العملية كل ناد فرصة لزيادة إيراداته، لكننا لا نريد أن نكون كالدوري الإسباني حيث يحصل ريال مدريد وبرشلونة على الدخل الأكبر من النقل التلفزيوني.. نريد المشاركة في إيرادات النقل أسوة بأندية الدوري الإنجليزي بالتساوي وحسب الترتيب". وعن العوائق التي قد تطرأ قال "الذكاء يكمن في حل مشكلة أو مشكلتين تمثل حلاً لبقية المشاكل، والتخصيص أحد هذه الحلول لأن الأندية مملوكة للدولة وأمامها اعتبارات لا يعرفها الجميع". واستطرد "أرى أن يتم تخصيص أندية كرة القدم في الدرجة الممتازة وتوجه موازنة الرئاسة العامة نحو دعم بقية الألعاب، بمعنى إذا خصص ناد كرة القدم فقط، تعود الأموال إلى الرئاسة العامة لترفع بها موازنة لعبة أخرى في النادي أو حتى ينشأ بها ناد مستقل باللعبة". وأشار الأمير عبدالله بن مساعد إلى أن الذي يقوم بشراء ناد صغير أو متوسط يكسب أكثر من شرائه لناد كبير عليه ضغط لتحقيق البطولات وجلب أفضل اللاعبين والمدربين، تزيد مصروفاته وتتغالب عليه الديون". دوري المحترفين وأوضح المدير التنفيذي لهيئة دوري المحترفين السعودي، عضو فريق عمل لدراسة التخصيص وتطوير الاستثمار الرياضي محمد النويصر أن الخصخصة تتمثل في أن كل ناد أو اتحاد رياضي يخصص اللعبة التي سيجد فيها جدوى استثمارية وعوائد مالية سواء كانت كرة القدم أو أخرى كالألعاب البحرية أو السيارات. ويميل النويصر إلى تخصيص كرة القدم لأنها الأكثر شعبية، فيقول "نحن في هيئة دوري المحترفين نعمل منذ فترة على إيجاد المناخ المناسب لتهيئة الخصخصة، فقد فرضنا وجود رجل قانون في كل ناد يوضح العقود، وتعاقدنا مع شركات مالية مثل "كي بي إم جي" لترتيب النواحي المالية في الأندية، كما تعاقدنا مع شركة الاستثمارات الخليجية لوضع الهياكل التنظيمية في إدارات كرة القدم، ومع شركة صلة لوضع اللوائح التجارية، وسنطلب من إدارات الأندية في المرحلة المقبلة تفريغ عاملين متخصصين بحيث يكون لكل ناد محاسب ومدير تسويق ومدير مركز إعلامي ومدير إدارة كرة القدم وأمين عام ومدير احتراف، وذلك تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب". وبين أن "الخصخصة هي عملية تتسم برؤية محترفة تشتمل على لاعبين محترفين وإدارة محترفة وجهاز فني محترف مع وجود هياكل تنظيمية محددة الصلاحيات تعمل مع الجهات المنظمة للمسابقات، تكون على معرفة تامة بإيراداتها من وسائل التسويق كالنقل التلفزيوني وبيع المنتجات والتذاكر والرعاية، وعلى معرفة بمصروفاتها وعجزها وكيفية تغطيته، وتعمل على ترتيب الحقوق التجارية التي تنظم العلاقة بين النادي والشركة الراعية. وإذا حدث فصل للعبة كرة القدم مثلاً يجب أن تتحول إلى كيان تجاري". وأضاف "أن تخصيص الأندية متعدد، فهناك حالة ريال مدريد وبرشلونة لا أحد يملكهما بل شركات تديرهما، وهناك حالة أخرى تتمثل في ملكية مستثمر واحد كمالك تشيلسي الإنجليزي، بينما توجد أيضا ملكية جماعية لعدد من المستثمرين يملكون ناديا واحدا كما يحدث في أندية الدوري الإنجليزي المتواجدة في سوق الأسهم". وعن شروط قبول الأندية في الخصخصة، قال "هذا يتم بعد تقييم النادي وموقعه وممتلكاته وتاريخه وبطولاته وجماهيره، لكن ليس من المفروض أن تدخل جميع الأندية في عالم التخصيص، إنما من يدخل سيجد نفسه في أحد النوعين إما الملكية الفردية أو الجماعية أو يستمر على ما هو عليه، وهذا التقييم يحتاج إلى شركات مالية متخصصة تعمل مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية والمجلس الاقتصادي الأعلى". وختم "ما حدث هو بداية الدخول في الخصخصة من خلال الرعاية وبيع المنتجات والتذاكر وحقوق النقل التلفزيوني وتوفير البيئة القانونية لتنظيم العمل، لقد كانت مرحلة تهيئة للمرحلة التالية وهي الخصخصة". النقل التلفزيوني ووصف عضو اللجنة التنفيذية، رئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي الدكتور حافظ المدلج، الخصخصة بشكل عام بأنها "نقل ملكية المنشأة من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهي في الرياضة السعودية تعني تحويل قطاع كرة القدم بالأندية السعودية إلى كيانات تجارية وفق ما يقره القانون السعودي". وأضاف "من المعروف أن رأس المال حذر أو كما يقال (جبان) فهو لا يقدم على الاستثمار إلا في المجالات المضمونة وفي بيئة مستقرة، ولذلك فإن ازدهار الاستثمار الرياضي سيجذب مزيداً من رؤوس الأموال للاستثمار في الرياضة السعودية وتحديداً كرة القدم". وتابع "حالياً تتحمل شركات الاتصالات مسؤولية الريادة في ظل إحجام قطاعات استثمارية عن رعاية البطولات والاتحادات والأندية، وفي نفس السياق يمثل النقل التلفزيوني أهمية قصوى كأهم مصادر الدخل للأندية والاتحادات المحلية والقارية والدولية، ولذلك فإن التطور المتلاحق في عائدات النقل التلفزيوني يشكل حجر الزاوية في الاستقرار المالي للأندية وبالتالي جذب المزيد من المستثمرين مما يعني الاقتراب أكثر من تحقيق الحلم". التوجه الاقتصادي ويرى مسؤول الاستثمار بنادي الاتحاد، عضو فريق عمل لدراسة التخصيص وتطوير الاستثمار الرياضي المهندس فراس التركي عدم قصر خصخصة الأندية على لعبة أو اثنتين، ليكون هناك مجال للشباب لقضاء أوقاته، فيقول "يجب أن تشتمل على الجانبين الاقتصادي والشبابي، في الخارج العملية اقتصادية بحتة (ربح وخسارة) لأن الأندية الاجتماعية مستقلة". ويعتقد التركي أن خصخصة الألعاب أفضل لأن تواجد ألعاب كثيرة في ناد واحد كالاتحاد مثلاً (لديه 12 لعبة تضم 1200 لاعب) يثقل كاهله بمصاريف عالية، فيما لا تتجاوز موازنة النادي 130 مليون ريال في السنة، وهذا يؤدي إلى عدم التركيز، لكن بالتخصيص ستحظى الألعاب بالاهتمام والتركيز فلن يشتري المستثمر سهماً في أي ناد بخلاف التشجيع إلا وهو يهدف إلى الربح، فيتغير الفكر الإداري الذي سيقوده رئيس تنفيذي يرجع إدارياً إلى مجلس الإدارة دون الاعتماد على المتطوعين إلا في أضيق الحدود. وعن عوائق الخصخصة قال "البعض سيرى أن الدعم الحكومي لا بد وأن يستمر وهذا أمر ممكن في ظل إشراف الرئاسة العامة التي سيرتفع الثقل من عليها وتركز على الشباب، بينما يصبح عمل الأندية تجاريا يتطلع إليه من خلال سوق الأسهم. وبوجود أنظمة مرنة وتعاون بين الرئاسة العامة والأندية بالعمل مع مكاتب استشارية عالمية سيتم النهوض بها". توظيف الأصول يرى رئيس نادي الفتح بالأحساء عبدالعزيز العفالق أن خصخصة الأندية لها إيجابياتها على المدى البعيد، لأن الأندية لن تتمكن من الاستغناء عن الدعم الحكومي في المدى القصير إذا ما اتجهت إلى الخصخصة، كون المجال الاستثماري في الرياضة بالمملكة لا يزال متأخراً عن نظيره في الدول المتقدمة. وقال "نحن قادرون على معادلة الخسارة على الرغم من العجز الكبير في الأندية إذا تم التعامل مع عقود النقل التلفزيوني بشكل جيد واستطاعت الأندية أن تحقق استقراراً مالياً ووظفت ما تمتلكه من أصول". وحول تأثير الخصخصة على الأندية الصغيرة، قال "يبدو أن العموم يتجه إلى خصخصة كرة القدم للمحترفين كون فرقها تملك إيرادات كبيرة وأكثر استقراراً ولديها منشآت جيدة في مواقع مميزة، وهنا تكون مجدية في توظيف أصولها بصورة سليمة، أما الأندية التي لا تمتلك أصولاً ستعاني، لهذا يمكن خصخصة الأندية الأكثر اكتمالاً، فالأندية الصغيرة ستتعرض للإفلاس وعلى الدولة ألا تعرض مؤسسة قائمة على الدعم المالي إلى الإفلاس سوى من يقدر أن يربح وينمو بينما تؤجل البقية". دراسات طويلة في المقابل، يؤيد رئيس نادي نجران مصلح آل مسلم بقوة الاتجاه إلى الخصخصة إذا ما تمت دراستها لجميع الأندية دون قصرها على خمسة أندية كبيرة فقط، لأن جميع الإمكانات موجودة والمستثمر سيقبل طالما هناك مردود مالي ومنشآت رياضية كبيرة مواقعها متميزة، فنادي نجران على سبيل المثال يقع على شارع رئيس ومساحته شاسعة وهو النادي الأكبر في المنطقة، ولهذا سيكون مطمع كثير من المستثمرين. وقال "إذا كانت العقود طويلة الأجل ومردود الخصخصة عالياً فستتخلص الأندية تلقائياً من الدعم الحكومي شرط وجود دراسة عالمية مستقبلية على المدى الطويل وليس لسنوات معدودة، وهنا لن يتضرر أي ناد بل سيزداد دخله، فبدلاً من أن يحصل نجران مثلاً على دخل سنوي يقارب 7 ملايين ريال من حقوق النقل التلفزيوني والدعم الحكومي، قد يدر عليه التخصيص 15 مليوناً". ويشدد آل مسلم على أهمية الدراسات لضمان دخول المستثمرين وعدم تخوفهم من اقتحام المجالات استثمارية المختلفة التي تحقق المكاسب كالأسواق والمحلات التجارية وال"كافيهات"، أي استثمار كامل بجميع تخصصاته. قاعدة استثمارية وشدد رجل الأعمال، رئيس نادي القادسية عبدالله الهزاع، على أهمية توجه الأندية نحو الخصخصة فيقول "يجب تسويق منتجات النادي وخدماته باعتباره واجهة إعلامية لشركات ترغب في ذلك، واستغلالها داخل النادي يتطلب نوعا من الاستثمار الداخلي يتحول إلى زيادة الموارد وتنميتها. كما أنه عندما تكون هناك حقوق للنادي لكي يتحكم بعائداته من النقل التلفزيوني، سيستطيع أن يوازن بين مصروفاته وإيراداته بالشكل السليم". ويؤكد على أهمية وجود أنظمة وكوادر للاستثمار وتسويقه وتهيئة النادي بأسس استثمار لتنمية موارده واستغلال منشآته لزيادة الدخل، بالإضافة إلى تشجيع المستثمر الذي يمتلك الرغبة وتوجيهه إلى القناة الصحيحة إذا كان يفتقد المعلومة. تقييم شامل من جانبه، طالب رجل الأعمال سالم بن محفوظ بدراسة مستفيضة لأن أي تاجر لن يساهم في مشروع إلا وبنود العقد مدروسة وواضحة. وقال "لا بد أن تتنازل الجهات المختصة أولاً عن الأندية ومنشآتها وتعلن عدم ملكيتها لها، ثم تخضع الأندية إلى تقييم شامل وتحديد سعرها في السوق وفقاً لتاريخها وبطولاتها. لكننا لن نستطيع أن نبدأ حالياً في الخصخصة لأننا لم نصل بعد إلى مستوى الرياضة في أوروبا، فهناك مقاعد مدرجات الملعب محجوزة طوال العام، وحقوق النادي واضحة، وعلى وزارة التجارة أن تحمي شعار النادي الذي يغزو أسواقنا. عندما قابلت رئيس نادي ريال مدريد سألته كيف استطاع أن يشتري كل الكوكبة من النجوم فقال "بعت 3 ملايين قميص لنجوم الفريق ووضعت قيمتها في صفقات". وختم أن تطوير الرياضة السعودية بيد الأمير نواف بن فيصل لأنه شاب طموح شرب من بيت رياضي وترعرع مع والده فيه فهو من يعرف كيف يحول الأندية إلى كيانات خاصة.