في قصيدة للشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن ، يظهر اختياره لرمز من رموز الصبر والتحمل ، فهو يعنيه وإن عبر بصيغة الفرد لا المجموعة إلا أنه يقصد عموم ساكني الصحراء وصفاته ، يقول فيها: يابنت انا للشمس في جلدي حروق وعلى سموم القيظ تزهر حياتي اطرد سراب اللال في مرتع النوق ومن الظما يجرح لساني لهاتي عاري جسد والليل هتان وبروق دفاي انا والبرد سمل العباتي إن عذربوني بعض خلانك صدوق يابنت انا عشق الخلا من صفاتي وشم على رمل المتاييه مدقوق لاشك من منهم يسوي سواتي انا بدوى ثوبي على المتن مشقوق ومثل الجبال السمر صبري ثباتي ومثل النخيل انا خلقت وهامتي فوق ما اعتدت انا احني قامتي الا فصلاتي والي افتخر بفعال يمناه مخلوق يابنت انا فعلي شهوده عداتي الله خلقني وكلمة الحق بوفوق ملكت الارض وراس مالي عصاتي أنا بدوى ثوبي على المتن مشقوق ومثل الجبال السمر صبري ثباتي إذا من خلال حصر وتخصيص نظرة المتلقي الأولية للصورة في زاوية الغزل صار للمفاجأة حضورها المتميز؛ بما هو أرقى بكثير من بوح محب وغزل شاعر يتخيل أو يتمنى أو يشكو فراقا أو يأمل لقاءً قد يكون خيالا لا واقع له، والحقيقة أن القصيدة جراء استهلالها بذلك مهدت لنقل الفكرة من وهم وغموض كان في المقدمة إلى تراجع بعيد حتى التلاشي، واستدعاء مفاجأة الرقي بالمعاني والارتقاء بالقصيدة لغرض أكثر سمواً ورفعة من خصوصية ضيقة الزاوية إلى رحاب فسيحة من حيث كونها تقديرا للذات واعترافا واعتزازا بها ووفاء للمكان وأهله. ويتواصل المعنى متجددا ويتصل في كل جزئياته و عباراته في تتابع مرتب , إنه يصف حياة صعبة فرضها الواقع واستجاب لها الشاعر ليس منفردا منغلقا على نفسه ذاتي العبارة والمقصد، وإنما ممثل لساكن الصحراء الذي تظهر عزته وصبره في كل مستجدات الصور الفنية ومن تماسك القصيدة وشدة ارتباطه ببعضها من بداية الشطر الأول حتى نهايتها يرافق المتلقي هذا التتابع في الأبيات مؤيدا ومعززا لما قاله الشاعر دون أن ينصرف ذهنه لأي شيء آخر، وإنما تركز فعلا في مراد الشاعر، فخر واعتزاز إضافة إلى استجابة بقية مضامين القصيدة من تصوير فني رزين والتزام بفخامة العبارة وقوة الكلمة وجودة التراكيب التي وإن كانت الأوصاف وفنيات القصيدة أشبه بالمبالغة في عرضها إلا أنها تستجيب أيضا للواقع. لقد حشد الشاعر جيش مفردات يتطلبها الموقف وكلها تتوافق مع البيئة القاسية يقابلها صبر ذلك العصامي الذي يتحدى وفي الوقت نفسه يتحد مع مكانه بحب وتوافق وتزهر حياته بين ثنايا قسوته. هذه المفردات، العطش، الحروق، الثوب المشقوق والمقصد هو المظهر الذي لا يعني شيئا بالنسبة لمن همه مجابهة الصعاب والانتصار عليها، لأن المحصلة النهائية قوله : على سموم القيظ تزهر حياتي . أما في اختيار المخاطب أو المنادى " يا بنت " فتتضح مع صفحة الإشراق التي يريد أن يخط الشاعر قصيدته وفق اتجاهها بحروف تجذب المتلقي وترتقي أيضا بالكلمة فهي تدل على فخر واعتزاز بها ومكانتها في موطن الرفعة وبعزة يعلنها تبرز صفات كثيرة يذكرها الشاعر في قصيدته أولها الصمود والتحمل واعتبارها لذة بالنسبة لساكن الصحراء وقد تعود على مواجهة الشدائد حتى ألفها . واستمتاع ساكن الصحراء بجمالها وتعامله وتفاعله مع كل ما فيها بألفة ورغبة في مكوناتها التي أصبحت جزءا من ذكرياته كلها . وكثير من الشعراء تغنوا في قصائد بذلك، حتى بعد فراقهم ديارهم والبعد عنها يتوحدون منتظرين لحظات العودة ولقائهم بأرضهم ومعالمها التي تمثل في رؤيتهم مصدرا مهما من مصادر شعورهم بالأنس والأمان والراحة . يقول الشاعر حزام العايض يانجد ما ترخص غلاك السواليف لوكان مالي فيك يا نجد ألايف يانجد لك قيمه وهيبه وتشريف طيبك وطيب أهلك بكل الصحايف اما المصايف في ليالي المخاريف تزين لاجاها من الناس ضايف جمالها وهبة ودونه تكاليف روس الجبال الطايلات النوايف صحيح فيها يكرم الجار والضيف ويامن بها من كان بالحيل خايف وبلادنا فيها تزين المحاريف امن ورخا فيها الفصول اللطايف ويقول الشاعر عبد الله المسعودي رحمه الله : غريب دار وشوقتني بلادي الله يرجعني لها بالسلامة هيه هوى بالي وغاية مرادي هي المحبة والوفا والشهامة شوقي هواي ادواي بلسم فوادي في نجد في أبها في الشفا في تهامة شمالها وجنوبها فرع وادي غربيها شرقيها حد شامة حقيقة ساكن الصحراء التحمل و الصبر الشعراء اكثر اكثر توجد على الفراق