اقتحم الجيش العراقي الثلاثاء قضاء الحمدانية الذي يبعد 15 كيلومترا جنوب شرق الموصل في اليوم الثاني لانطلاق العملية العسكرية لاستعادة المدينة من المتطرفين. وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان مقتضب ان "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة للجيش العراقي تسيطر على جهة الجنوب الغربي لقضاء الحمدانية". والحمدانية الذي يطلق عليه كذلك اسم قرقوش هو احد الاقضية التي تقطنها الاقلية المسيحية الذين تم تهجيرهم من قبل المتطرفين بعد استيلائهم على الموصل في 2014. وتقدمت قوات عراقية مؤلفة من عشرات الآلاف من المقاتلين الثلاثاء باتجاه الموصل فيما تستعد منظمات اغاثية لمواجهة موجة نزوح من المدينة. وقال قادة عسكريون عراقيون ان اليوم الاول من العملية التي طال انتظارها واطلقت الاثنين حقق اكثر الاهداف التي رسمت له رغم هجمات انتحارية بسيارات مفخخة نفذها المتطرفون. وتتقدم القوات العراقية الثلاثاء عبر سهول رميلة حول الموصل لمحاصرة عدد من القرى وتوجيه ضربات جوية ومدفعية ضد معاقل المتطرفين هناك ثم اقتحامها وتطهيرها. وارتفعت سحب دخان كبيرة حولت لون السماء الى رمادي على امتداد الافق، جراء اشتعال ابار نفط قريبة من قاعدة القيارة المقر الرئيسي للقوات الحكومية. وقال جندي عند نقطة تفتيش قريبة، ان المتطرفين احرقوا الابار بهدف تأمين غطاء امام الضربات الجوية خلال عملية استعادة السيطرة على القيارة. وما زالت هذه الآبار مشتعلة حتى الان. واطلقت القوات العراقية التي يمثلها حوالي ثلاثين الف مقاتل، العملية التي طال انتظارها وتعد الاكبر منذ انسحاب القوات الاميركية نهاية 2011. وتمثل استعادة السيطرة على الموصل التي اعلن منها المتطرفون "دولة الخلافة" منذ اكثر من عامين ضربة قاضية بعد ان كانوا ينتشرون في مناطق واسعة في العراق وسورية. وذكر قادة امنيون ان المتطرفين قاوموا تقدم القوات الامنية من خلال تفجير سيارات مفخخة يقودها انتحاريون لكن العملية تسير كما هو مخطط لها. وقال صباح النعمان المتحدث باسم قوات مكافحة الارهاب لوكالة فرانس برس ان "عددا كبيرا من القرى تم تحريرها خصوصا في المحور الجنوبي والشرقي" من الموصل. واضاف ان "القوات الامنية حققت جميع اهدافها واحيانا اكثر، لكن نحن حريصون على ان تسير العملية كما هو مخطط لها وبدون استعجال". وتتقدم القوات العراقية بصورة رئيسية عبر جبهتين، المحور الجنوبي من الموصل حيث تتحرك قوات حكومية انطلاقا من قاعدة القيارة، والشرقي الذي تتقدم من خلالها قوات البشمركة الكردية. ومن المحور الجنوبي تتحرك قوات ببطء على امتداد نهر دجلة وتتطلع للوصول الى قرية حمام العليل فيما تتواجد على مقربة من قرقوش احدى اكبر البلدات التي يسكنها مسيحيون في العراق. وتريد القوات العراقية استعادة السيطرة على مناطق واسعة قبل الوصول الى اطراف الموصل فيما يدافع المتطرفون هناك عبر عبوات ناسفة واحراق نفط داخل خنادق وسواتر ترابية. ويقدر عدد المتطرفين داخل الموصل والمناطق المحيطة بها بما بين ثلاثة الاف الى 4500 مسلح، وفقا للقوات الاميركية. وقال النعمان ان "قواتنا استخدمت كل الاساليب ضد داعش ولدينا مفاجآت اخرى كلما اقتربت العملية من مركز الموصل". واعلنت قوات التحالف انها نفذت ضربات جوية اسفرت عن تدمير 52 هدفا خلال اليوم الاول من العملية. وقالت البنتاغون ليل الاثنين الثلاثاء ان اليوم الاول من عملية استعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش" سار كما هو متوقع، محذرا في الوقت نفسه من ان هذا الهجوم "صعب ويمكن ان يستغرق وقتا". وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية بيتر كوك خلال مؤتمر صحافي "المؤشرات الاولى تدل على ان القوات العراقية تمكنت من تحقيق اهدافها حتى الان، وانها تسير بحسب الموعد المحدد لهذا اليوم الاول" . أزمة نزوح في الوقت نفسه، تستعد المنظمات الاغاثية لمواجهة ازمة نزوح كبيرة، واعلنت منسقة الشؤون الانسانية لدى الاممالمتحدة ليز غراندي للصحافيين الاثنين ان عمليات نزوح قد تبدأ في غضون اسبوع وان منظمات الاغاثة قلقة ازاء الاستعدادات لذلك. وتعتبر غراندي ان "السيناريو المتوقع هو ان تكون هناك موجة نزوح مئتي الف شخص خلال "الاسابيع الاولى" وهو رقم قد يرتفع بشكل ملحوظ مع استمرار العملية. كما حذر المفوض الأوروبي للأمن جوليان كينغ من تدفق متطرفين من تنظيم "داعش" الى اوروبا في حال سقوط الموصل. بدورها حذرت منظمة العفو الدولية الثلاثاء من ان المجموعات المسلحة والقوات الحكومية في العراق قامت بعمليات تعذيب واعتقال تعسفي واعدام بحق الاف المدنيين الفارين من المناطق الخاضعة لتنظيم "داعش". وقالت المنظمة التي يوجد مقرها في لندن ان التجاوزات وبمعظمها هجمات انتقامية موجهة ضد مشتبه بهم من السنة بالتواطؤ مع تنظيم "داعش"، يجب الا تتكرر مع تقدم القوات العراقية الى معقل المتطرفين في الموصل. وقال فيليب لوثر مدير ابحاث الشرق الاوسط في منظمة العفو "بعد الفرار من رعب الحرب وطغيان تنظيم "داعش"، يواجه العرب السنة في العراق هجمات انتقامية وحشية على ايدي ميليشيات وقوات حكومية وتجري معاقبتهم على جرائم ارتكبها التنظيم". واضاف "العراق يواجه حاليا تهديدات امنية فعلية من تنظيم "داعش" لكن لا يمكن ان يكون هناك مبرر لعمليات اعدام خارج اطار القضاء وعمليات اختفاء قسري وتعذيب او اعتقال تعسفي". وتابع "فيما تنطلق معركة استعادة الموصل، من الضروري ان تتخذ السلطات العراقية خطوات لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات الشنيعة". معركة طويلة من ناحية اخرى حذر وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان الثلاثاء من ان معركة الموصل يمكن ان تستمر "عدة اسابيع او حتى اشهر". وقال خلال زيارة الى معرض صناعات الدفاع البحرية "يورونافال" في بورجيه قرب باريس "انها معركة ستكون طويلة، وليست حربا خاطفة. وستستمر لفترة طويلة، عدة اسابيع او حتى لأشهر". وحذر من ان "مدينة تضم مليونا ونصف مليون نسمة تعني مسألة طويلة الامد، عدة اسابيع او ربما عدة اشهر". واكد الوزير الفرنسي على الاهمية التي يوليها التحالف الدولي وخصوصا فرنسا لدعم القوات العراقية من اجل استعادة الموصل. وقال "انها بؤرة عدونا. انطلاقا من الموصل والرقة (سورية) دبرت الاعتداءات التي وقعنا ضحايا لها وتدبر خطط اخرى". وتابع "لذلك يجب ضربهم وهذا ما سنفعله مع العراقيين بدعم من التحالف". على صعيد آخر أفاد مصدر عسكري عراقي من قوات الفرقة التاسعة جيش عراقية أمس الثلاثاء بتحرير قرية العباسية بالكامل ضمن محور ناحية النمرود وسط اشتباكات مكثفة مع عناصر داعش في الموصل400/ كم شمالي بغداد./ وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن"قوات الجيش العراقي تمكنت من تحرير قرية العباسية ضمن ناحية النمرود بعد استكمال تطويق مركز ناحية النمرود الاثرية ". وأضاف أن" قوات الجيش أنجزت تحرير تسع قرى في ناحية النمرود وهي الآن تستعد لاقتحام مركز الناحية". من جانب آخر ، ذكر المصدر أن"طيران التحالف الدولي نفذ غارة جوية دقيقة استهدفت قرية المكوك ضمن ناحية القيارة 60 كم جنوب الموصل ما أسفر عن قتل قيادي بارز بمحور الجنوب في تنظيم داعش مع 13 من عناصر التنظيم جنوب الموصل. القوات العراقية تمركزت في النقاط الإستراتيجية قرب الموصل (أ ب)