الإرهاب الإلكتروني كما يعرّفه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي وعدد من مراكز الدراسات المختصة أنه أي هجوم إلكتروني متعمد بدوافع سياسية أو دينية أو أيدولوجية يتم فيه استهداف برامج أو أنظمة إلكترونية أو بيانات ينتج عنه تعطيل أحد أجزاء البنية التحتية الوطنية أو تخويف للمدنيين أو الحكومات، أو ينتج عن ذلك أعمال عنف تجاه الأبرياء. نقض الكونغرس الأميركي فيتو أوباما وتم إقرار قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب "جاستا", حيث يسمح القانون للمحاكم الأمريكية بالنظر في مطالبات المدنيين ضد أي دولة أجنبية للحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التي قامت بتقديم دعم جوهري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسؤولة عن أنشطة إرهابية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية. الإرهاب الالكتروني الذي يستهدف الولاياتالمتحدة كبد الاقتصاد الأميركي الكثير وهو في تزايد حيث تشير عدد من الدراسات أن الخسائر قد تصل إلى أكثر من 400 بليون دولار سنويا، ظهرت أهمية هذه الهجمات الالكترونية حيث كانت أحد محاور مناظرة مرشحي الرئاسة الأميركية التي قالت فيها هيلاري كلينتون أن الولايات تعاني من الهجمات الالكترونية التي ترعاها دول مثل روسيا* وغيرها هدفها جمع معلومات والتجسس وغيرها, آخر الهجمات كان اختراق الأحزاب السياسية الاميركية ونشر آلاف الوثائق مما يؤثر على مجريات الانتخابات الرئاسية وهذا يعد كارثة أن تملك دولة منافسة هذا النوع من التأثير, أما أحد أسوأ الاختراقات فقد كان استهداف نظام البريد الإلكتروني الخاص بوزارة الخارجية الأميركية وتسريب آلاف الوثائق السرية, وخلال نفس الفترة تعرض مكتب إدارة شؤون الموظفين الفيدرالي لهجوم روسي كلفهم سرقة ملايين البصمات الخاصة بالمواطنين الأميركيين. روسيا ليست الا واحدة من الدول الراعية للإرهاب الالكتروني كما تراه الولاياتالمتحدة، ينضم لقائمة الدول الراعية للإرهاب الإلكتروني كل من الصينوإيرانوكوريا الشمالية. عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة تعاني من الإرهاب إلكتروني كما يمكن وصفها، على سبيل المثال كانت شركة قوقل آنذاك أحد أكبر ضحايا الهجمات الالكترونية التي تمت برعاية صينية حيث كبدت خسائر مالية فادحة ووترت الساحة السياسية بين الدولتين آنذاك، كذلك هجمات السد الأميركي في نيويورك وعدد من البنوك والمؤسسات المالية الأميركية التي وقف خلفها دولة إيران كما أشارت له نتائج التحقيقات الأميركية، فهذا لا يعدو كونه إلا أن يكون إرهاباً. أما دولة كوريا الشمالية، فكانت خلف سرقة آلاف الوثاق الأميركية المتعلقة بالشؤون العسكرية الدفاعية، وكان أبرز المسروقات هو تصاميم أجنحة المقاتلات الأميركية أف 15 وتصاميم عدد من طائرات التجسس الأميركية. أجزم أنه لا يمكن أن تتجرأ الإدارة الأميركية بالسماح باستخدام "جاستا" لمقاضاة دول مثل روسيا أو الصين بل ولا حتى كوريا الشماليةوإيران جراء ما عانته من إرهاب إلكتروني استهدف المدنيين والحكومة بشكل مباشر وغير مباشر، هذا جزء مما عانته الولاياتالمتحدة من الإرهاب الالكتروني. أما في حال استخدمت الدول المتضررة "جاستا" أو غير المتضررة مبدأ المعاملة بالمثل وسمحت لمواطنيها بمقاضاة أميركا، فتاريخ الولاياتالمتحدة الأميركية حافل بالانتهاكات الأمنية الإلكترونية التي يمكن أن تُوصف بالإرهاب الإلكتروني بتعريف الأمريكان أنفسهم. أبرز هذه الانتهاكات كانت فضيحة التجسس على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وطاقم عملها وكذلك التجسس على عدد كبير من المسؤولين في الحكومة الألمانية وذلك كان برعاية وكالة الأمن القومي الأميركي. امتد الانتهاك ليصل لحلفائها في أوروبا و"اسرائيل"، حيث تورطت أمريكا بعمليات تجسس على هواتف والبريد الإلكتروني لقادة أوربيين أبرزهم آخر ثلاث رؤساء فرنسيين هم هولاند وساركوزي وجاك شيراك، وأيضاً التجسس على رؤساء دول أفريقية وأفراد عائلاتهم. الصين كذلك كانت تعرضت لهجمات إلكترونية التي يمكن أن تصنف إرهابية بتجسسها على شركات الاتصال الصينية لعدة سنوات وتمكنت أيضاً من التجسس على أحد أكبر مراكز الدراسات البحثية. أما إذا أردنا التوسع في تبادل الاتهامات فيمكن كذلك وصف الولاياتالمتحدة بأنها راعية لكبرى شركات التواصل الاجتماعي والرسائل الفورية التي تعد إحدى أهم وسائل التنسيق والتجنيد للجماعات الإرهابية حول العالم دون اتخاذ تدابير وقائية جادة وسن قوانين تجبر هذه الشركات على التعاون مع الدول المتضررة من الإرهاب وقائمة التهم تطول. كل هذه الانتهاكات الأمنية الإلكترونية بشكل أو بآخر يمكن اعتبارها إرهابا إلكترونيا تعطل أحد أجزاء البنية التحتية الوطنية وترهب المدنيين والحكومات، وقد ينتج عن ذلك أعمال عنف تجاه الأبرياء. "جاستا" شرارة فوضي دولية عارمة ليست على المستوى الواقعي فقط ولكن حتى على المستوى الافتراضي الإلكتروني، ستكون الولاياتالمتحدة الأميركية ابرز ضحاياه. * أكاديمي ومختص في تقنية المعلومات