تلعب المتاحف الوطنية أو الشخصية، دوراً رئيسياً في تنشيط الحركة السياحية والثقافية لمناطق المملكة المختلفة، فهي بمثابة الإطلالة على جانب من تاريخ المناطق أو المدن، فالمملكة ليست طارئة على التاريخ، فهي تحملُ إرثاً كبيراً، والمتاحف هي إحدى النوافذ التي يعرف من خلالها الزائر على تاريخنا الذي نفخر به، لذا فأولى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني اهتماماً كبيراً بالمتاحف الوطنية، وكذلك الخاصة، فخصص جائزة سنوية للمتميزين من أصحاب تلك المتاحف، كما خصص لأجلهم لقاءً كل سنتين، كل ذلك ليقينه بدورها في عرض جانب من تاريخ وطننا. الأحساء تتكئ على أربعة آلاف سنة قبل الميلاد "هو تاريخ الاستيطان البشري فيها"، وهي جزء من منطقة ضاربة في عمق التاريخ الممتد ل12 مليون سنة. "الرياض" دخلت المتحف برفقة مدير الهيئة العامة السياحة والتراث الوطني بالأحساء المكلف وليد الحسين ورصدت جانبا من تاريخ أكبر واحة نخيل في العالم. حماية التراث يسلط متحف الأحساء "الذي يقع على مساحة 4000م2 وافتتح عام 1404ه الضوء، على تاريخ الواحة الغني بإرث تاريخي وديني ضخم، وذلك عبر جمع نحو (1400) قطة أثرية وتراثية وعملات إسلامية ومخطوطات وصور، ويشير الحسين إلى أن المتحف أنشئ لتحقيق مجموعة من الأهداف منها: صيانة وحماية المواقع الأثرية، وتيسير تسجيل المواقع واستقصائها، واحتواء القطع الأثرية والتاريخية، وتقديم أفضل الطرق لتوثيقها وصيانتها وخزنها، واستقصاء وتسجيل ألوان التراث الشعبي المادي والشفهي، وإيجاد مركز لجمع قطع التراث الشعبي المحلي، وكذلك اطلاع الجمهور على الآثار والتاريخ والتراث الشعبي المحلي. يجمع نحو «1400» قطعة أثرية وتراثية وعملات إسلامية ومخطوطات وصوراً مقتنيات أوضح الحسين إلى أن أقدم مقتنيات المتحف هي أدوات من العصر الحجري الحديث (قبل 3500 سنة)، عثر عليها في العديد من المواقع المختلفة في الأحساء، وأخرى في يبرين وعين قنّاص في شمال الهفوف، ويلفت الحسين النظر إلى أن العثور على هذه الأدوات الحجرية يحمل دلالة واضحة على أن الحياة الطبيعية كانت غنية جدا، مع توفر الغطاء النباتي والحيوانات بها. إطلالة يحتوي المتحف على قاعة مكونة من ثلاثة أقسام، أولها صالة تعرض خريطة للمواقع الأثرية بالمنطقة الشرقية، ولوحة تعرّف متحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي، وأخرى تبين تاريخ التنمية الحديثة بالمملكة وتتضمن صوراً للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- أثناء تدشينه لبعض المشروعات بالمنطقة الشرقية، ويعرض عددا من الصور القديمة للأحساء، التقطت في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، كما خصص جزء من صالة الاستقبال لعروض المتاحف الخاصة، وتوجد صالة المحاضرات والعروض، ويضم خزائن العرض الزجاجية واللوحات التوضيحية الملونة والخرائط التفصيلية حسب التسلسل الزمني والتاريخي للمنطقة. تاريخ 12 مليون سنة يضم الجزء الأول معروضات تاريخية وآثار المنطقة منذ (12) مليون سنة، وحركة القارات والأزمنة الجيولوجية وعمر الأرض، ومقارنة آثار المنطقة بآثار المملكة بشكل عام، وأهمية المنطقة الزراعية والتجارية والخليج العربي، وتشكله منذ بداية تكوينه إلى وقتنا الحاضر. ويوضح فترات العصر الحجري القديم والوسيط والحديث، ويعرض نماذج من أدوات ومواقع كل عصر، ومنها موقع عين قناص بالأحساء الذي يمثل آخر مراحل العصر الحجري الحديث، وما كشف فيه من حظائر تدل على استئناس الحيوان وما يعاصرها، كموقع الدوسرية وما عثر فيه من نماذج لمساكن الأكواخ البدائية مع عرض لتأثر المنطقة بالحضارات المجاورة في وادي الرافدين، كحضارة العبيد التي تعود إلى حوالي 3500– 2500 ق.م. بيئات متنوعة يتحدث الجزء الثالث على نبذة عن الحياة الفطرية بالمنطقة؛ حيث تبين أهم النباتات الصحراوية والحياة النباتية للأشجار المعمرة والحولية في الأحساء، كما تعرض الحيوانات البرية وأنواع المظاهر السطحية التي تعيش فيها، كما تعرض مظاهر الحياة البحرية وأنواع الأسماك ومصائدها في الخليج العربي ونماذج لأدوات الصيد، وعرض نموذج مصغر لأحد المراكب وأدوات ومراحل صناعتها، إضافة إلى مهنة الغوص عن اللؤلؤ ومصائده (الهيرات) في الخليج العربي وتشريح الأصداف، ونماذج لسلال الغوص وموازين اللؤلؤ. ضم المتحف أقساماً تعتني بالتحف والأثريات وترممها وأخرى للمساحة والرسم وأستديو تصوير العصر البرونزي يبين الجزء الرابع مواقع الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد، ومدن العصر البرونزي في شرق الجزيرة العربية، وهو ما يطلق عليه فترة حضارة دلمون وأساطيرها وظهور رعاة الجمال 1700ق.م – 500ق.م (الفترة الآشورية والبابلية المتأخرة)، وعرض معثورات من مواقع العقير والجرهاء ترجع إلى عصر الجرهاء من 500ق.م – 400ق.م، إضافة إلى عرض خرائط تبين الطرق التجارية البرية والبحرية في الجزيرة العربية وما حولها. يبين الخطوط واللغات في شرق الجزيرة العربية قبل الإسلام، ونماذج لأنواعها مع عرض لشاهد حجري كتب بالخط المسند الحسائي، إضافة إلى نبذة عن الكتابة في التراث الإسلامي وتطورها وأدواتها، كما يبين الفترة الساسانية في شرق الجزيرة العربية 228–622م واتحاد القبائل العربية. سلسلة تاريخية يركز القسم السادس من المتحف على الفترة الإسلامية والخلافة في شرق الجزيرة العربية، وعرض معثورات منها. كما يعرض دور قبيلة بني عبدالقيس في الاقتناع بالإسلام والدخول فيه وتأسيسهم لأقدم المساجد فيها وكذلك مدينة هجر والأحساء والعقير في صدر الإسلام. ويتناول القسم السابع بشيء من التفصيل، يبين فترة الحكام المحليين للأحساء (العيونيون والعصفوريون والجبريون)، واستعراض تاريخ دولهم، كما يعرض للأحساء في العصر الإسلامي الوسيط وحكم بني خالد والفترة العثمانية الأولى، والدولتان السعوديتان الأولى والثانية والفترة العثمانية الثانية، واسترداد الأحساء على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-. ويحتوي على عرض لمواد وأدوات التراث الشعبي في حياة البدو، والمجتمع الريفي والحضري ومدن وأسواق الأحساء، ويعرض فيه عدد من العملات الإسلامية المنوعة وعدد من المخطوطات، كما يحتوي المتحف على أستديو، وقسم للترميم، وقسم المساحة والرسم. وعي واهتمام خلق وجود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وعياً بقيمة تراثنا وتاريخنا لدى شريحة عريضة من المجتمع، وهو ما تجسد في عثور مواطن في الأحساء (قبل بضع سنوات)، على آنية فخارية عثر عليها صدفة خلال تشييده لمنزله (شرق الأحساء)، وهي آنية فخارية نادرة يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الإسلام، وهي المرة الأولى التي يعثر في الأحساء على قطعة بهذا التاريخ، ووصفها حينها خالد الفريدة باحث الآثار بالآنية النادرة والجميلة؛ حيث لاقت هذه الآنية اهتمام شخصي من سمو الأمير سلطان بن سلمان، ومن سمو الأمير بدر بن جلوي محافظ الأحساء رئيس مجلس التنمية السياحية ليتم تكريم الشخص الذي عثر عليها، وحالياً تتصدر الآنية أبرز مقتنيات متحف الأحساء. وليد الحسين يشير إلى حجارة هي أقدم مقتنيات المتحف مخطوطات قديمة نقوش باللغة الحامية يعود تاريخها إلى 3500 سنة ق.م المتحف فخار يعود للعصر الإسلامي المبكر فخاريات نادرة عثر عليها في مواقع بالأحساء مقتنيات أثرية كبيرة يضمها المتحف