عندما يتحدث البعض عن نشر وتوزيع الكتب أو يتم التطرق للصحافة الورقية نسمع من يردد، لقد انتهى زمن الورق، وبالطبع نقرأ هذا في مواقع التواصل الاجتماعي وبالذات تويتر أو الفيسبوك، وهذه مع غيرها تعد من الإعلام الجديد، المشكلة ليست في هذه المواقع بل بمن يستخدمها ويطلق هذه الآراء، وكأنه يمارس القراءة عبر الحاسب والهاتف والأجهزة اللوحية طيلة اليوم، والحقيقة أن الأكثرية من هؤلاء علاقتهم مجرد تصفح وإهدار وقت بدون فائدة، ولوسألت أحدهم عن الكتاب الذي انتهى من قراءته عبر تلك الأجهزة، فربما يحتج أن قراءة الكتاب عبر الحاسب متعبة، ربما البعض وهم قلّة يطالعون بعض المقالات عبر المواقع الالكترونية، ولكن الغالبية كما اسلفت، لا يقرأ، وبكل جرأة يقول لقد انتهى عصر الورق. ياسادة نحن العرب نحتاج الى زمن طويل لنستغني عن الورق، بالذات في مجال القراءة، فالقراءة تكون ممتعة أكثر عبر الكتاب الورقي، بالذات في المجال الإبداعي، والصحيفة الورقية لها أجواؤها الخاصة والجميلة، لايعرفها من ليس له علاقة بالقراءة. أشعر بأن علاقتنا بالورق أبدية، ومتعة الحصول على كتاب ورقي، او تكوين مكتبة خاصة ولو كانت صغيرة، ليس لها مثيل، من جانب آخر أجد أن القراءة متعة فمن استطاع ان يستغل التقنية الحديثة للقراءة، إضافة الى الحصول على المعلومة، فهذا جيد، ولكن من يكتفي بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي ويعتقد انها بديل للقراءة، فأرى انه يهدر وقته وحواسه بمتابعة صخب يعج بالنشاز، فلا يستفيد مطلقاً، ويكتشف بعد زمن ان ما يمارسه مجرد عبث. بالطبع أنا لا ارفض مواقع التواصل او الإعلام الجديد بل إنني استخدمها بالصورة التي احتاجها، وهنالك اسماء أحرص على متابعتها للفائدة أولاً وللحصول على المعلومة او الخبر الجديد ثانياً، مشكلتي او بالأحرى ما يزعجني أولئك الذين ليس لهم علاقة بالقراءة ولايهمهم الكتاب، وغالباً لم يتصفحوا أي جريدة منذ سنوات، هؤلاء يكررون عبر وسائل التواصل مقولة انتهى زمن الصحافة الورقية او لا مجال للكتاب الورقي. نحن نحارب ونهدر حبر المطابع لتوعية الناس بأهمية القراءة، وجعل الكتاب خير صديق، ونطالب بتشجيع الأبناء على اقتناء الكتب وقراءتها، ليكون الكتاب رفيقاً للإنسان من المهد للقبر، وهؤلاء يكرّسون مواقف مجانية تجاه المعرفة الحقيقية بحجة التطور والتوجه إلى استخدام التقنية الجديدة والتي للأسف لايستفيدون منها كما يجب. أنا لا أحب جدلية الورقي والإلكترونية، ونحن العرب لم نصل بعد الى مرحلة المفاضلة بينها لأن المحتوى العربي الرقمي محدود جداً، والمؤسسات الثقافية التي تعتني بالرقمنة لاتزال في خطواتها الأولى وهي للأسف تعمل بشكل انفرادي بمعنى كل مؤسسة على حدة مما يوجد كثير من التكرار اضافة الى وجود اجتهادات من قبل مهتمين بالكتاب الالكتروني لتكوين مكتباتهم الرقمية الخاصة مما جعل الوضع أشبه بالحراج، بما يعنيه من فوضى، وتكرار، وملفات متراكمة، لا يمكن الوصول لمحتواها لعدم قابلية البحث في محتواها. هنالك مشاريع رائدة مثل مبادرة الملك عبدالله للمحتوى الرقمي، والمكتبة الرقمية السعودية، ومشاريع مكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة للمكتبات الرقمية، وعلى مستوى الوطن العربي مشروع الذخيرة اللغوية، ولكن كما اسلفت كل تلك المشاريع تمثل بدايات لعمل يحتاج عشرات السنين لنصل إلى الرقمنة الحقيقية، وهنا يجب علينا أن نعيش في العالم الورقي الذي ندين له بالفضل بإيصال المعرفة، وجلب المتعة.