"الإبداع لا بد له من إعداد جيد، ومران مستمر، وجهد عنيف في التدريب واكتساب المهارات اللازمة، كي يصير المرء قادراً على بلورة أفكاره وتشكيلها وتحقيقها في مجال معين" بهذا الرأي للناقد شاكر عبدالحميد، تتجلى شخصية الفنان المستقلة، التي تحمل قيماً جمالية وإبداعية وفنية وفكرية وثقافية ويتبعها استقلالية فلسفة ورأي وأسلوب ونمط حياة، لا شك أنها غاية يسعى إليها كل فنان ومبدع؛ فالفنان الحقيقي لا يخشى من السير عكس التيار، ولا يرضى بأن يكون ذا فن مستنسخ من تجارب الآخرين بأي حال من الأحوال. هنا نحاول أن نبحر في كيفية أن يكون للفنان أسلوبه وشخصيته الفنية الخاصة التي تميزه عن غيره؟ وهل هي عبارة عن فترة زمنية معينة عليه أن يقضيها؟ أم أنها حالة إبداعية يصل إليها البعض دون آخر؟ د. بدر الرويس: من الصعب تحديد فترة نضوج الفنان فنياً خبرة الفنان بداية يتحدث الفنان د. بدر الرويس، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود قائلاً: "الفنان التشكيلي يمر بعدة مراحل يتخللها تجارب عديدة ومراس للفن التشكيلي حسب تخصصه الفني، سواء أكان تصويراً تشكيلياً أو نحتاً أو خزفاً أو أي نشاط تشكيلي، هذه المراحل والتجارب تصقل خبرة الفنان وثقافته حول نشاطه الفني وتوصله إلى إيجاد الأسلوب الفني الذي يميزه عن غيره من الفنانين". سامية الشهري: كل فنان لديه القدرة لاستنطاق ذاته ويضيف: "من الصعب تحديد فترة نضوج الفنان فنياً وإيجاد الأسلوب الفني الذي يميزه عن غيره، فقد تقصر المدة لسنوات معدودة أو قد تطول وتتجاوز الثلاثين عاماً. بالرغم من أن هناك فنانين تشكيليين معروفين ولدوا فنياً بالفطرة بأسلوبهم الفني الذي يميزهم عن غيرهم من الفنانين، أمثال الفنان التشكيلي الهولندي فنست فان جوخ، وهناك فنانون كثر شعبيون وفطريون ولدوا فنياً ولديهم أسلوبهم الفني الذي لا يستطيعون تغييره، لكن الفنانين العالميين الكبار أمثال مايكل انجلو وليوناردو دافنشي في عصر النهضة مروراً بالفنانين بابلو بيكاسو وجورج براك وسلفادور دالي، حتى فنانين المملكة وعلى رأسهم الفنان القدير عبدالحليم رضوي ومحمد السليم وَعَبَدالجبار اليحيا رحمهم الله، والفنان القدير على الرزيزاء وغيره مروا بمراحل الفن المعهودة وبحثوا أعواماً عديدة عن أساليبهم الفنية التي تميزهم عن غيرهم حتى وجدوها، فعندما سٌؤل الفنان التشكيلي التونسي نجى مهداوي ذات مرة عن عمر لوحته فأجاب إن عمرها يساوي عمره منذ أن مارس الفن، لأن أسلوب الفنان التشكيلي وآخر إنتاجه من الأعمال التشكيلية هي بمثابة تجارب وخبرات واسعة امتدت طيلة حياته الفنية". خالد الصوينع: تميز الأسلوب هو الأمر المهم لكل فنان حالة إبداعية أما الفنانة سامية الشهري فتوضح قائلة: "كل فنان لديه القدرة لاستنطاق ذاته باستخدام أساليب تميزه عن غيره من الفنانين، سواءً كان أسلوبهُ بسيطاً أو معقداً، ويرتبط هذا الأسلوب تلقائياً بانفعالاته الوجدانية والحسية والبيئة المحيطه به". وتضيف:" قد يتطور هذا الأسلوب وينمو مع تغذيته البصرية ونشاطه الفني الذي يقوده للإبداع دون الحاجة إلى فترة زمنية يقضيها في ذلك، لأنها حالة إبداعية تتفاوت بدرجات من فنان إلى آخر تتلبسه وتبحر به في أعماق الفن".. تميز الأسلوب وأخيراً يرى الفنان خالد الصوينع أنه عندما يزاول الفنان ويمارس العمل التشكيلي بصفة مستمرة، من شأنه أن يمر بالعديد من التجارب التي من خلالها سيتولد خبرة لينتج تكنيكاً وأبداعاً تجعله ينساق مع خاماته بسهولة ويكتشف أسرارها، الأمر الذي عندئذ سيميزه عن الآخرين في أعماله الفنية. ويضيف:" الأساليب الفنية تختلف من فنان إلى آخر، فالبعض يتميز بأسلوبه من خلال استخدامه للخامة، والبعض في التكوين والفكرة، وقد يصل البعض منهم إلى اختلافه في طريقة العرض، ويبقى برأيي أن تميز الأسلوب في الأعمال التشكيلية هو الأمر المهم لكل فنان، وفي ساحتنا التشكيلية نشاهد أساليب مميزة يتعرف عليها المتلقي بسرعة دون النظر في توقيع الفنان". من أعمال فان جوخ، الذي تميز بأعمال ذات أسلوب مختلف عما هو سائد د. بدر الرويس خالد الصوينع