غالبا ما نسمع كمتذوقين للفنون الجميلة بجميع أفرعها كلمة سمبوزيوم symposium" "وتتكرر هذه الكلمة كثيرا في دعوات إقامة مهرجانات للفنون في مختلف بلدان العالم فنجد على سبيل المثال دعوة لإقامة سمبوزيوم للفنون التشكيلية في هذا البلد أو ذلك، والكلمة في حد ذاتها مأخوذة من لغات أجنبية وتستخدمها البلدان العربية كمصطلح علمي متعارف عليه دوليا فيما يخص إقامة أنشطة تتعلق بالفنون التشكيلية، هذه الأنشطة مبنية على فكرة المشاركة الجماعية الحية لمجموعة أو مجموعات من الفنانين التشكيليين يلتقون بهدف إنتاج أعمال في فترة زمنية يحددها السمبوزيوم حيث أن هذه المشاركة تثمر عن ولادة أعمال تعتمد اعتمادا كليا على الحدس التجريبي في أغلب الأحيان كما أنها تمثل حصيلة تجارب متعددة ومختلفة من الآراء والمدارس والاتجاهات الفنية المتنوعة من قبل الفنانين المشاركين ويمكن ان يستفيد المشارك في مثل هذا النشاط بالتبادل الثقافي والمعرفي من خلال رؤية ممارسة أقرانه من المشاركين من دول مختلفة وكيفية صياغة أعمالهم من حيث الفكرة والتقنية وتنوع المواضيع التعبيرية. كما تقام على هامش النشاط محاضرات نقدية لأعمال المشاركين تهدف الى تهذيب الإدراك، وتعزيز الثقافة البصرية وتربية العين على تمييز ومقارنة عمل المشارك مع أعمال أقرانه مؤكده بذلك على رفع مستوى الحس البصري المعرفي. عارف الغامدي هناك العديد مثل هذا النشاط يقام في بلدان مختلفة من عالمنا العربي والعالمي، لم يكن الفنان السعودي غائبا عن المشاركة بها ونحن نتطلع الى عمل مماثل تقيمه الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون "فرع بيشة" بمبادرة تستحق التقدير لإقامة سمبوزيم محلي يشرف عليه الفنان السعودي عارف الغامدي المشرف والمعلم التربوي ورئيس قسم الفنون التشكيلية بالجمعية حيث بدأ انطلاق هذا النشاط يوم الاثنين 28 /10/2013م ويستمر لأكثر من أسبوع، يشارك به أكثر من خمسة وعشرين فنانا من مختلف مناطق المملكة ونظرا لمحدودية المساحة نذكر بعض من الاتجاهات الفنية. لهؤلاء المشاركين فعلى سبيل المثال لا الحصر: الفنان علي الطخيس المعروف بتاريخه الطويل وممارسته المتميزة في مجال تشكيل منحوتات مستمدة عناصرها من بيئته الجبلية "الدوادمي" قد اختلف مع قرينه الفنان طلال الطخيس في الطرح والأسلوب بل ونوعية الحجارة المستخدمة في أعمالهم النحتية وكذا الحال مع النحاتين حمدان الزهراني وعلي مرزوق نجد من خلال مشاركتهما التنوع في النزعات الفنية والطرح المختلف فالبعض أعماله ترتبط ارتباطا مباشرا بقيم النحت التراثي والآخر يعتمد على الإيحاء بأشكال هندسية تحدث تأثيرا مباشر على المتذوق يخاطب العقل والوجدان، كما نجد الأساليب الفنية المختلفة في أعمال كل من الفنان مفرح عسيري الذي استخدم تركيبات لونية اصطبغت بالأبعاد الرمزية وانغمست في شحنات من الانفعالات فتركت بذلك بصمات مركبة على سطح اللوحة، وفي لوحات الفنان محمد شراحيلي نجد مزج بين الواقع السريالي والتكوينات اللونية التي تحولت الى عناصر تشكيلية تستحوذ على مخيلتنا بغرابة طبعها وبوقار مرآها، الفنان علي مرزوق من الفنانين المتنوعين سواء في طرح المواضيع أو استخدام الخامة فيعد من قلة الفنانين على الساحة أصحاب التجارب المميزة إنه يمتلك أكثر من ملكة إبداعية في شتى المجالات التشكيلية فجمع بذلك إيجاده في التعبير عن طريق استخدامه خامات متنوعة بين النحت واللوحة بطرح معاصر يميل الى النزعة المفاهيمية في أغلب أعماله وليس جميعها، الفنان فايز أبو هريس استطاع توظيف الخط العربي معتمدا في لوحاته على عامل التأليف بين الخط واللون وبذلك استطاع أن يبدع أنغاما صافية بسيطة في تركيبها، والمتأمل لأعمال كل من: أحمد الجدعان ، وفهد غرمان الشهري، ومحمد العمري، وإبراهيم الخبراني، وعبد الله الحبي، ونهار مرزوق والفنان أحمد البار، وسعد الملحم، وسعيد الضاوي، والفنان أيمن حافظ، وجابر الفهمي، وعارف الغامدي، يجد أن رغم ميولهم الى اختزال العناصر وتبسيط الألوان بحيث تمنح المشاهد نوعا بنائيا لونيا يبعد كل البعد عن الانطباع الحسي الظاهر إلا أننا نجد طابعا مميزا وأسلوبا منفردا لكل فنان نستطيع أن نلمسه من خلال قدرات تتفاوت في التعبير والطرح وتراكمات الممارسات الفنية لدى كل فنان فالبعض يميل الى الصورة الغنائية للعمل الفني والآخر قد يهمه التقنية التأثيرية، أو استخدام الألوان بتركيباتها الثلاثية الأولية في بناء عناصر اللوحة. بينما نجد في أعمال الفنان عبد الله نوواوي وأحمد الخزمري الانطباع التجريدي الذي يعتمد على نشوة الإحساس باللون وإتباع معالجته باستخدام الدرجات المتنوعة بحيث تشعرك بالضوء والظل وثقل وقوة وجاذبية نستخلص منها قيم الإيقاعات اللونية البراقة التي تعبر عن الحياة المفعمة بالتناغم الحسي المشرق. وفي أساليب أخرى نجد الفنان رجا الله الذبياني قد اهتم بالعناصر المباشرة المستمدة من البيئة واستخدام تلك العناصر بمنظومة حسية لونية منسجمة وغيرهم. من خلال ما ذكر نستنتج أن بعض المشاركين قد تعدى بخبرته وممارسته الفنية أكثر من ثلاثة عقود من الزمن والآخر قد يكون أقل من هذا بكثير مما دفع هؤلاء الفنانين للإقبال والانفتاح والتعاطف مع فكرة إقامة هذا النشاط بما يحويه من فائدة بتبادل الخبرات والاستمتاع بالعمل الجماعي وإمكانية إنتاج أعمال فنية تحتوي على وحدة أصيلة في الطرح مع اختلاف الفكر والخبرات. مما يجعلنا نأمل أن تقام أنشطة مماثلة مستقبلا في جميع مناطق المملكة ونخص منها مدينة الرياض حيث أنها المدينة الكبرى وعاصمة الوطن. كما أن إقامة نشاط مماثل من الممكن أن تنتج عنه لوحات فنية تقتنيها المنطقة المنظمة للنشاط وتعد متحفا مصغرا يعرف المنطقة على اتجاهات وأساليب فناني الوطن من كافة المناطق، مع الأخذ بالاعتبار أن نجد هناك مستقبلا أسماء تشكيليات مشاركات التي لم يتضمنها هذا النشاط. من أعمال نهار مرزوق من أعمال رجاء الله الذبياني من أعمال عبدالله الحبي من أعمال فايز أبو هريس من أعمال عبدالله نواوي من أعمال مفرح عسيري من أعمال محمد شراحيلي