عادة نسمع أن التعادل هزيمة صغرى بفقدان نقطتين مهمتين لكنه لم يكن كذلك مساء ذلك "الخميس الأخضر" الذي لعب فيه المنتخب السعودي مع استراليا أقوى منتخبات قارة آسيا وخرج متعادلاً 2-2 بعد أن تأخر في النتيجة حتى قبل نهاية المباراة ب11 دقيقة، ذلك أن مرور الوقت لم يثن لاعبي المنتخب على تغيير النتيجة بروح عالية وقتالية وإصرار عجيبين أعادا للأذهان جزءاً من بريقه الساطع في الأيام الخوالي من تاريخ الكرة الآسيوية وأعادا كذلك السعوديين جميعاً للملاعب والشاشات للمتابعة، والتفاعل معه وتشجيعه كباراً وصغاراً رجالاً ونساء جمعهم حب الوطن فتلاشت الألوان، وامتزجت الأعلام بلا تعصب وبلا احتقان ووحدت الحناجر الهتاف للجميع بلا استثناء، وهذا يحدث للمرة الأولى منذ زمن طويل بعد أن استطاع وعي الجمهور السعودي خلع رداء التعصب للأندية ولاعبيها الذي حاول بعض الإعلام أن يلبسه إياه بربط الدعم والحضور بعدد لاعبي ناديه في المنتخب أو المقاطعة فحضر الجمهور من كل الأطياف والميول ودعموا جميع اللاعبين وتعاطفوا مع من أصيب منهم وغلفوا تعاطفهم بأمنيات في غاية الطهر بالشفاء والعافية وكان النقد ايجابياً يقتصر على مستوياتهم بمعزل عن شخصياتهم وأنديتهم وهو ما كان عليه الإعلام في تعاطيه مع منجزات المنتخب حتى ولغ المتعصبون في إنائه. انتهى المهم وزرع أداء "الأخضر" الرائع هيبة لدى جميع منتخبات مجموعته وهو يتقاسم الصدارة مع "الكنغر" القوي وبقي أن يستثمر ذلك في المباراة الأهم بعد غد الثلاثاء مع منتخب الإمارات إذ نحتاج فيها الروح العالية ذاتها والمدرج المرعب فلا زالت لهم كلمة في مشوار التأهل الصعب ولا شيء ينقصهم لمواصلة الانتصارات. "الأخضر" الذي ظهر بشكل مغاير في جدة يلوح في أفقه مستقبل مشرق لن يتحقق إلا بشرط حماية لاعبيه ممن امتهنوا الإساءات وتلفيق التهم ونشر الشائعات عنهم بقوة القانون من قبل الاتحاد السعودي نفسه والجهات ذات العلاقة فلن يبدع اللاعب وحقه الأدبي ضائع وعرضه مستباح والبعض ينهش في سمعته وأخلاقه ولم يعد الأمر مقتصراً على الغوغاء بل امتد لبعض المحسوبين على الإعلام الرياضي . عودة الروح تعني أن نعيد صياغة الطرح الإعلامي المقروء والمشاهد والمسموع نحو كل ما له علاقة بالوطن ومنجزاته والأخذ على يد من يحاول تقزيم ذلك وتهميشه بدواع لها علاقة بالميول فقد أسرف المرجفون في الإعلام كثيراً وآن الأوان أن تكون لهيئة الرياضة ووزارة الإعلام ووزارة الداخلية دور في ردعهم وتحجيم تأثيرهم بإبعادهم عن جميع المنابر الإعلامية.