لقد انتهت تلك الأيام التي تستطيع فيها أن تتصل بشاعرك أو كاتبك المفضل، لتتحدث معه في ليلة عن الفلسفة الألمانية بينما يحتسي الابسنث ويدخن السجائر في منزله. في سنة 2016، التعالي الأدبي - والذي أصبح يعني ذكر أسماء أفلام ومقالات من مجلة ذا نيويوركر أو أي كتاب لا يعرفه الطرف الثاني من الحادثة - هذه أمريكا على كل حال - إننا نحب صالات التمارين، موسيقى البوب، الحرب، وتلفزيون الواقع. ولكن رغم هذا الكبرياء ضد التعالي، فإن هنالك اعتقادا مؤثرا يقول بإمكانية تحليل مواضيع مثل الرياضة، موسيقى البوب، وبرامج تلفزيون الواقع. وهنا حيث تبدأ الأشياء بالتداخل؛ أليس من النخبوية الحديث عن موسيقى البنك كما لو كانت نصًا؟ ووصف تمرين شديد القسوة بأنه يذكرنا بكافكا؟ ولكن مَن يهتم! الحقيقة هي أن كل شيء بإمكانه أن يكون سيئًا، يعتمد الأمر على الطريقة التي ننظر بها إليه. هذا جزء من مقدمة كتاب "ضد كل شيء"، والذي يضم مجموعة من المقالات لمارك غريف، ليناقش عدة مواضيع شهيرة مثل التمارين الرياضية، الطعام، ثقافة البوب، من وجهة نظر معاكسة للبوب، ليرى كيفية عمل الميكنيزمات الداخلية لكل واحد منها، وليفهم ما تعنيه فعلًا لنا. وبينما يظهر العنوان بشكل عدائي تمامًا، إلا أن غريف لا يحاول في هذا الكتاب أن يخبرنا كيف نعيش، ولكنه يشجعنا على تفهم وإدراك طريقة عيشنا ("معنى الحياة،" الجزء 1 إلى 4). مارك غريف كاتب مختلف، ويعتبر أبرز نجوم الكتابة النقدية في القرن الجديد، قال عنه ويليام دييزفيز في مجلة هاربر: مارك غريف مثقف، نقطة.. هنالك الكثير من ليونيل في كتابة غريف، وأيضًا الكثير من سوزان سونتاغ... ما يتشاركه مع هذين الاثنين، ومع الطريقة التي يكتب بها هو إحساسه بالثقافة -بالفكرة، بالعقل- كممثل واعٍ لكل ما يحدث في العالم. وخلال إحدى عشرة سنة ماضية، استمر غريف في نشر العديد من المقالات الشهيرة في مجلة n+1 والذي ساهم في إنشائها بنفسه. تعالج هذه المقالات عدة قضايا في الحياة الثقافية، السياسية، المعرفية لعصرنا. المعنى الفلسفي لفرقة Radiohead على سبيل المثال، صعود وسقوط الهبسترز، تأثير ووال ستريت، وأزمة الشرطة. وأخيرًا معنى الحياة من وجهة نظر فلسفية. كل مقالة في كتاب "ضد كل شيء" فريدة من نوعها ومسلية أيضًا، برغم أنها من جادة من بدايتها حتى نهايتها.