سعد الحريري مرّت الجلسة الرقم 45 لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بلا أية نتيجة، وحدّد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الجلسة المقبلة في 31 أكتوبر المقبل، وذلك بعد مرور عامين ونصف العام على الشغور الرئاسي. وبعد عودته أخيراً الى لبنان يحاول رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري القيام بمروحة اتصالات تنشّط الحوار حول شخصية الرئيس العتيد، وفي حين لم يصدر أي اسم واضح عن الحريري، فإن أوساطه تقول ل"الرياض" بأنه أبلغ رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية بطريقة دبلوماسية بأن مفاعيل ترشيحه له تراجعت وسط انسداد الأفق أمام هذا الخيار، وتشبّث العماد ميشال عون بترشحه مدعوما من "حزب الله". وبحسب أوساط الحريري فإن رئيس "التيار الأزرق" يحاول فتح كوّة في الجدار الرئاسي السميك كونه رئيس أكبر كتلة برلمانية في المجلس النيابي. ويلاقي الحريري في منتصف الطريق المجتمع الدّولي الذي يضغط في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة، كي لا يتحوّل لبنان الى دولة شبه فاشلة وخصوصاً أن الانتخابات التشريعية ستكون في 2017، وبالتالي فإن وزارة الداخلية ستعمد الى دعوة الهيئات الناخبة في بداية السنة، وأي برلمان جديد يحتّم فراغاً في رئاستي البرلمان والحكومة سوياً. ويبدو بأن رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون يدرك جيدًا هذا المأزق الدستوري، ويعرف أن الفريق الآخر وخصوصاً الحريري وقوى 14 آذار لا يرغبون بتعديل اتفاق الطائف، لذا يحاول زيادة الضغط عليهم لاختياره مرشحاً رئاسياً تجنّباً لمغبّة سقوط "اتفاق الطائف" تلقائياً بفعل شغور الرئاسات الثلاثة التي قد يؤدي الى إعادة التفكير بصياغة النّظام. وإذا كان الرئيس سعد الحريري يترك الأبواب مفتوحة أمام الإحتمالات كلّها بهدف ملء الفراغ الرئاسي، فيبدو بأنّ خيار ترشيح العماد ميشال عون لا يلاقي شعبية في داخل كتلته النيابية نظراً الى مواقف عون الحادّة سابقاً تجاه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتجاه "تيار المستقبل" وتجاه سعد الحريري نفسه الذي يستعدّ لجولة مشاورات جديدة مع الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وسواهم من الشخصيات. في هذا الإطار يبدو بأن عون أرجا تحريك تظاهرات في أنحاء لبنان بأكمله تحت شعار "الميثاقية" مطالباً بالشراكة الحقيقية في الحكم إفساحا في المجال أمام مشاورات الحريري. وتقول أوساط في "تيار المستقبل" ل"الرياض": "بأن المعارضين لخيار عون كثر، وفي مقدمتهم الرئيس فؤاد السنيورة والنائب أحمد فتفت، الى وزراء محسوبين على تيار الحريري كوزير العدل أشرف ريفي، وبالتالي سيكون صعباً على الحريري تسويق اسم عون". ويضيف المصدر في "تيار المستقبل" بأنّ:" الخيار الأسلم هو البحث عن اسم رئيس توافقي تقبل به جميع الأطراف السياسية في لبنان كما يطرح حزب "الكتائب اللبنانية". إلا أن هذا الخيار يبدو مستبعدا لغاية الآن بسبب تشبّث "حزب الله" بخيار عون لحسابات تتعلّق بالغطاء المسيحي الذي يوفّره له عون وتياره الواسع، وكون الأخير لن يعارض سياساته الإقليمية، وسيقبل بمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة". وقد وضع "حزب الله" معادلة أساسية أخيراً هي رئاسة الحكومة مقابلة رئاسة الجمهورية مستعيضاً بها عن "المؤتمر التأسيسي" الذي لم يلق قبولاً لبنانيّاً، في حين لم يقدّم أية ضمانات لغاية الآن بعدم إسقاط الحكومة مهما كانت الظروف على غرار ما فعل مراراً.