احتفلت المملكة يوم الجمعة الماضي باليوم الوطني لتوحيد المملكة، في مناسبته السادسة والثمانين، اليوم الذي توجت فيه ملحمة الكفاح التي قادها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه مع رجاله المخلصين، على مدى اثنين وثلاثين عاماً، بإعلان قيام المملكة العربية السعودية، ابتداء من يوم الخميس الحادي والعشرين من جمادى الأولى عام 1351ه، الموافق للأول من الميزان، والمقابل للثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م باعتبار أن هذا التاريخ المجيد، هو الموعد السنوي الذي يخلد ذكرى إقامة هذا الكيان الذي جمع شمل أبناء المملكة، ووحد أركانها تحت مظلة راية التوحيد. الاحتفال بهذه المناسبة في هذا العام، يتميز بمواكبته لانطلاقة رؤية المملكة 2030، التي تؤكد وثيقتها على أن ثروة المملكة الأولى التي لا تعادلها ثروة هي شعبها الطموح، الذي معظمه من الشباب، مصدر فخرها وضمان مستقبلها بعون الله، معيدة التذكير بأنه بسواعد أبناء المملكة قامت هذه الدولة، في ظروف بالغة الصعوبة عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وبسواعد أبنائه سيفاجئ هذا الوطن العالم من جديد. إن أحد محاور رؤية المملكة 2030، هو المجتمع الحيوي الذي تبدأ الرؤية منه وإليه تنتهي، ويمثل المحور الأساس لتحقيق هذه الرؤية، وتأسيس قاعدة صلبة لازدهارها الاقتصادي، حيث ينبثق هذا المحور في الرؤية من الإيمان بأهمية بناء مجتمع حيوي يعيش افراده وفق المبادئ الإسلامية، ومنهج الوسطية والاعتدال، معتزين بهويتهم الوطنية، وفخورين بإرثهم الثقافي العريق، من منطلق أن الاعتزاز بالهوية الوطنية، والفخر بالإرث الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي، والمحافظة عليه، هو من أهم ما يعزز الوحدة الوطنية، ويرسخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة، فأرض المملكة عرفت على مر التاريخ بحضارتها العريقة، وطرقها التجارية التي ربطت حضارات العالم بعضها ببعض، مما اكسبها تنوعاً وعمقاً ثقافياً فريداً، من ثم فإن مما تعتزم الرؤية المحافظة عليه، هو هوية المملكة الوطنية، وإبرازها والتعريف بها، ونقلها إلى الأجيال القادمة، وذلك من خلال غرس المبادئ والقيم الوطنية، والعناية بالتنشئة الاجتماعية، واللغة العربية، وإقامة المتاحف والفعاليات، وتنظيم الأنشطة المعززة لهذا الجانب، إضافة إلى الاستمرار في العمل على احياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي القديم وتسجيلها دولياً، وتمكين الجميع من الوصول إليها بوصفها شاهداً حياً على إرث المملكة العريق وعلى دورها الفاعل وموقعها البارز على خريطة الحضارات الإنسانية. إن التاريخ هو الملهم بلا شك للناس كافة بمختلف فئاتهم واطيافهم، والعامل المؤثر بالذات في الأجيال الناشئة، التي نركن دوماً لطاقتها وحيويتها كي تتقدم بالمجتمع إلى الأمام، لذا ينطلق الاهتمام باليوم الوطني والاحتفال بمناسبته، إلى الرغبة في احياء هذا التاريخ لدى الشباب من جيل اليوم، لتوعيتهم به، وحفزهم للمشاركة في تأمل التجارب التاريخية الثقافية والاجتماعية، والاستفادة منها في ربط الماضي بالحاضر واكتساب مهارة صياغة المستقبل، لذا كم كانت المناسبة في هذا العام بأمس الحاجة للفعاليات والأنشطة التي تبعث على الاعتزاز بالهوية الوطنية، مما كان يمكن أن ينظم تحت رعاية الهيئة العامة للسياحة، ولو بالحد الأدنى الذي تضمنته الرؤية، لا سيما وأن الحدث واكب بداية مسيرتها المباركة بإذنه تعالى.