لي هوا شين* يطيب لي بمناسبة حلول الذكرى ال 67 للعيد الوطني لجمهورية الصين الشعبية، أن أتقدم نيابةً عن سفارة الصين لدى المملكة، وباسمي الشخصي، إلى المواطنين الصينيين العاملين والدارسين في المملكة؛ بأصدق التهاني والتبريكات، كما أعبر عن شكري الخالص إلى قادة المملكة وشعبها على اهتمامهم الكبير ودعمهم الدائم للصين ولتطوير العلاقات الصينية – السعودية. تأسَّست جمهورية الصين الشعبية عام 1949م، الأمر الذي فتح عهداً جديداً في تاريخ الصين، ومسيرة جديدة للشعب الصيني في السعي إلى تحقيق الحياة السعيدة. وخلال ال 67 سنة الماضية، حققت الصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، واعتماداً على حكمة شعبها ونضاله؛ إنجازات مرموقة في العالم، حيث شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في قوتها الوطنية الشاملة وتأثيراتها الدولية، وتكميلاً مستمراً في نظامها القانوني الديمقراطي، وتقدماً مطرداً في مختلف القضايا الاجتماعية، وأخيراً إنجازات باهرة في النمو الاقتصادي. وقد تجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي للصين بنهاية عام 2015م 10 تريليونات دولار أمريكي، وقارب نصيب الفرد الصيني ال 8000 دولار أمريكي. هذا وتحافظ الصين على مكانتها في العالم كثاني أكبر اقتصاد وأكبر دولة تجارية للسلع وثالث أكبر دولة للاستثمارات المباشرة في الخارج. وتخلص أكثر من 700 مليون صيني من الفقر وارتفعت نوعية ومستوى المعيشة للشعب بأكمله والبالغ عدده أكثر من 1.3 مليار نسمة، ارتفاعاً كبيراً. وفي الخلاصة، فإن الصين أكملت خلال عشر سنوات فقط مسيرة التنمية التي استغرقت في إتمامها دول أخرى مئات السنين. لكن في الوقت نفسه، علينا أن ندرك إدراكاً واعياً أن بلادنا ما زالت دولة نامية، حيث يحتل نصيب الفرد لناتجها المحلي الإجمالي المرتبة ال 70 في العالم، وما زال هيكلها الاقتصادي في المستوى المتوسط والمنخفض بشكل عام، إلى جانب وجود فجوة واسعة بين قوتها الشاملة للعلوم والتكنولوجيا ومستوى العالم المتقدم، والمناطق الريفية والوسطى والغربية المتخلفة نسبياً، إضافة إلى بقاء أكثر من 70 مليون نسمة من الفقراء فيها. وعليه، ستواصل الصين تعميق الإصلاح بشكل شامل وتوسيع الانفتاح على الخارج. ولدينا الثقة والقدرة على الحفاظ على معدل نمو من متوسط إلى مرتفع، وتحقيق هدفنا لبناء المجتمع الرغيد على نحو شامل، وتوفير فرص أكثر للعالم تزامناً مع تنمية الصين بذاتها. شراكة شاملة شهدت العلاقات الثنائية بين الصين والمملكة تطورات كبيرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1990م، حيث أصبح البلدان حالياً شريكين تربطهما العلاقات الاستراتيجية الشاملة، كما شهد تعاونهما الودي في مختلف المجالات نتائج مثمرة. والدولتان تتمسكان بالاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل، وتحترم إحداهما الأخرى في التقاليد الثقافية والنظام الاجتماعي والمصالح والاهتمامات الجوهرية، كما ازدادت الثقة السياسية المتبادلة بينهما بشكل مستمر، وتتمتعان بالمواقف المشتركة تجاه حماية السيادة الوطنية وحل النزاعات حول سيادة الأراضي والبحار عبر الوسائل السلمية، مثل المشاورات والمفاوضات، ومعارضة جميع أشكال الإرهاب، ودعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وأخيراً حل القضايا الساخنة في المنطقة بطرق سياسية. وتعمل الصين والمملكة على تعزيز التواصل الثقافي ودفع التبادل والحوار المنصفين بين الحضارات، ما جعل علاقاتهما نموذجاً للتنوع الحضاري الممهور بروح التسامح والاستفادة المتبادلة. كما حقق التعاون العملي بين البلدين في المجال الاقتصادي إنجازات ملحوظة، حيث ظلت المملكة أكبر مصدر نفطي عالمياً وأكبر شريك تجاري للصين على مستوى غربي آسيا وإفريقيا لسنوات عديدة، وفي المقابل أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة عام 2015. كما يتعمَّق التعاون العملي للجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتجارة والاستثمار والقدرة الإنتاجية والأقمار الصناعية والعلوم والتكنولوجيا والطاقة النووية والطاقة المتجددة وغيرها. وأشعر بكل فرح وسعادة لما حققته العلاقة الصينية - السعودية من تطور سريع في السنوات الأخيرة. وفي يناير هذا العام، قام فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة المملكة، حيث تمت خلال ذلك إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، ارتقت معها علاقات البلدين إلى مستوى تاريخي جديد. ومؤخراً، قام الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بزيارة الصين وحضور قمة مجموعة العشرين "هانغتشو"، حيث تم تأسيس اللجنة المشتركة الصينية - السعودية رفيعة المستوى، وانعقد الاجتماع الأول لها، وجرى التوقيع على 17 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم حكومية وعدة اتفاقيات بين الشركات، الأمر الذي يعزز التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، ويشكل دافعاً جديداً وقوياً لتطوير العلاقات بينهما. وحاليا تمرُّ كلٌّ من الصين والسعودية بمرحلة مهمة في التنمية، وتتطابق مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين مع رؤية السعودية 2030 بمستوى عالٍ، ما يضع أمام البلدين فرصاً تاريخية للتعاون. وجسدت اللوحة التي أهداها سمو الأمير محمد بن سلمان إلى فخامة الرئيس شي جين بينغ، مفهوم أن طريق الحرير القديم عاد على دوله بالتواصل والصداقة والازدهار، فعلى شعبي البلدين إحياء روح هذه الطريق التي يجسدها الماضي الأسطوري، وفتح آفاق أوسع في المستقبل. وإننا على استعداد كامل للتعاون مع الجانب السعودي في اغتنام الفرصة لتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة بيننا، من خلال التمسك بروح الاحترام المتبادل والآراء المشتركة وتعميق التعاون العملي في شتى المجالات، ما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدين ويعزز الرخاء لشعبيهما. قبل أيام، انتهى موسم الحج في هذه السنة الهجرية بكل سلامة وتناغم، وحظي المسلمون من شتى أنحاء العالم، ومن ضمنهم 14000 مسلم صيني، بكرم ضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وشعبه، وأدوا واجباتهم الدينية، واحتفلوا بعيد الأضحى المبارك. كما احتفل أمس الشعب السعودي بالعيد الوطني السعودي. وبهذه المناسبات، أشارك الجميع سعادة الأعياد وأشعر بكل سرور لما حققته السعودية من تنمية وازدهار وأمن واستقرار. وأنتهز هذه الفرصة لأتقدم بتحياتي المخلصة للسعودية الصديقة قيادة وشعباً، متمنياً لها مزيداً من التقدم والازدهار بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. أخيراً، أهنئكم مرة أخرى بمناسبة الذكرى ال 67 للعيد الوطني لجمهورية الصين الشعبية، وأتمنى أن تتطور العلاقات الصينية - السعودية باطراد، وتظل الصداقة بين الشعبين مزدهرة إلى الأبد. * السفير الصيني في المملكة