أكد السفير الصيني لدى المملكة لي شانج وين على الأهمية التي تكتسبها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى الصين غدا الخميس، مشيرا إلى أن الزيارة ستساهم في تعزيز الشراكة الصينية السعودية الاستراتيجية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية وتوطيد العلاقة وتعميق التعاون المتبادل. وأوضح السفير الصيني في حوار أجرته معه «عكاظ» أن الصين تعتبر المملكة دولة عربية وإسلامية كبرى تتمتع بمكانة مرموقة دوليا، مشيرا إلى أن الصين والمملكة حققتا قفزات إيجابية في التواصل والتعاون في مختلف المجالات الاستراتيجية بين البلدين، وأضاف السفير الصيني أن سمو ولي العهد سيجري لقاءات مكثفة مع القيادات الصينية حول سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية ومناقشة القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وتابع قائلا «الحكومة الصينية تعلق آمالا كبيرة على هذه الزيارة حيث يحرص الجانب الصيني على الحفاظ على التواصل الرفيع المستوى مع المملكة لتعميق التبادل والتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والمشاركة في استراتيجية التنوع الاقتصادي الاستثماري بين البلدين». وزاد «أن تعزيز الحوار الاستراتيجي في القضايا الدولية والإقليمية وتقوية التعاون في الأممالمتحدة ومجموعة العشرين وغيرها من المحافل الدولية سيدفع التعاون الصيني السعودي على نحو شامل وأوسع لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة الشرق الأوسط». وفيما يلي نص الحوار: • بداية كيف تنظرون لأهمية زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للصين باعتبارها الأولى لسموه منذ تقلده هذا المنصب؟ في الحقيقة دعني أوضح بداية أن الشعب الصيني يكن مشاعر الصداقة والمودة تجاه الشعب السعودي، كما أن جذور التواصل الودي ضاربة بين الصين والعالم العربي في عمق التاريخ حيث تربط طريق الحرير الجانبين منذ ما قبل 2000 سنة، ونحن نسعى إلى تنمية وتعزيز الصداقة الصينية السعودية والعربية التاريخية المتينة. فالصين تهتم دائما بعلاقاتها مع المملكة وننظر لها من الزاوية الاستراتيجية وعلى المدى الطويل، باعتبار أن المملكة دولة عربية وإسلامية كبرى تتمتع بمكانة مرموقة دوليا، وتعتبر مقرا للأمانة العامة لمجلس التعاون ومنظمة التعاون الإسلامي، وهي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين الاقتصادية. وفي السنوات الأخيرة، حققت الصين والسعودية ثمرات إيجابية في التواصل والتعاون في مختلف المجالات وتنمو علاقة الصداقة الاستراتيجية بين البلدين باستمرار. وفي الواقع أن الزيارة المرتقبة لسمو الأمير سلمان للصين باعتبارها الأولى لسموه منذ تقلده هذا المنصب، تكتسب أهمية كبيرة جدا في توطيد العلاقة الثنائية وتعميق التعاون المتبادل. محادثات مكثفة • ما هو برنامج لقاءات سمو ولي العهد في الصين وما هي القضايا التي ستكون محور البحث؟ في الواقع أن سمو ولي العهد سيجري لقاءات مكثفة مع القيادات الصينية لتبادل وجهات النظر على نطاق واسع حول العلاقة الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. والحكومة الصينية تعلق آمالا كبيرة على هذه الزيارة حيث يحرص الجانب الصيني على الحفاظ على التواصل الرفيع المستوى دائما، لتعميق التبادل والتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والثقافة وغيرها، والمشاركة في استراتيجية التنوع الاقتصادي بصورة نشيطة وتوسيع التعاون في المجالات الجديدة، ودفع الحوار الاستراتيجي والمفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج، والتواصل الوثيق مع الجانب السعودي في القضايا الدولية والإقليمية وتعزيز التعاون في الأممالمتحدة ومجموعة العشرين وغيرها من المحافل المتعددة الأطراف، مما يدفع التعاون الصيني السعودي على نحو شامل وأوسع. وإنني واثق بأن زيارة الأمير سلمان ستساهم في إثراء المضمون الاستراتيجي للعلاقة الثنائية ودفع علاقتهما الاستراتيجية إلى الأمام. مشاريع الطاقة • ما هي آفاق التعاون في المجالات الاقتصادية والنفطية ومشاريع الطاقة بين البلدين؟ في الحقيقة أن الصين والمملكة تتمتعان بإمكانات التكامل القوية في التعاون في مجال الطاقة. وفي عام 2013م، استوردت الصين 53.9 مليون طن من النفط الخام من المملكة ما يمثل خمس إجمالي واردات النفط للصين، وتظل المملكة أكبر مصدر للنفط الخام لها. وإضافة إلى التعاون في مجال الطاقة، لدى البلدين آفاق واسعة في تعاون الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الرياحية والطاقة النووية وغيرها. وتغلب السياسة السعودية تنويع مصادر توليد الطاقة على نظرتها البعيدة المدى، والصين تسعى أيضا إلى تنمية قطاع الطاقة المتجددة، حيث تصل صناعات الكهروضوئية والطاقة الرياحية والطاقة النووية إلى المستوى المتقدم في العالم من حيث التقنية والحجم، ويمكن للجانبين تعزيز التباحث والتعاون في المجالات المعنية. وفي السنوات الأخيرة، أسس الجانبان الصيني والسعودي عبر الاستثمارات المشتركة شركات للتكرير والكيمياويات، وشاركت المؤسسات الصينية في مجال البنية التحتية السعودية بنشاط أكبر، الأمر الذي يرتقي بالتقنيات ويأتي بالخبرات ويخلق فرص العمل الكثيرة. ويمكن للجانبين اكتشاف القدرة الكامنة للتعاون في المجالات المعنية، على سبيل المثال، تحتل الصين موقعا متقدما في العالم من حيث تقنيات السكك الحديدية عالية السرعة وسرعة بنائها، مما يساهم مساهمة أكبر في بناء وترقية شبكة السكك الحديدية السعودية. وإذا وضعنا النظرة إلى أبعد، فيجب أن نفكر في توفير ديناميكية جديدة للنمو الاقتصادي القائم على البنية التحتية المتقدمة. وأعتقد أن الأصدقاء السعوديين قد بدأوا في وضع خطط التنمية لأعلى مدى أطول في مجالات العلوم والإبداع وغيرها، تماشيا مع استراتيجية التنوع الاقتصادي. ولقد استثمر فمجال الإنترنت في الصين، حيث إن الصين والسعودية كليهما على طريق الصعود في عملية التنمية والازدهار، ولهذا توجد فرص كثيرة في الاستثمار والتعاون المتبادلين. • ما هي رؤيتكم لمستوى التبادل التجاري بين البلدين؟ شهدت العلاقة الاقتصادية والتجارية بين الصين والمملكة تطورا مستقرا ويتوسع نطاق التعاون باستمرار في السنوات الأخيرة. ووفقا لإحصاءات الجمارك الصينية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 72.2 مليار دولار في عام 2013م، وتعتبر المملكة أكبر شريك تجاري للصين في غربي آسيا وأفريقيا، كما شهد التعاون التجاري زيادة كبيرة في حجم مشاريع المقاولات للشركات الصينية في السعودية. وأعتقد أن مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين لا يتوقف عند السنة الحالية، وإنما سيرتفع في المستقبل. وبالإضافة إلى آفاق التنمية المشرقة لكل من البلدين والعلاقة الثنائية الودية وتكاملهما الاقتصادي وغير ذلك من العوامل الإيجابية، إن بناء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون سيدفع التعاون الاقتصادي والتجاري بقوة إلى الأمام. ولقد وافق مجلس التعاون مؤخرا على استئناف المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة مع الدول والمنظمات الأخرى، الأمر الذي يصب قوة دافعة جديدة في هذا الصدد. كما أن الصين قد طرحت مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و «طريق الحرير البحري في القرن ال21» مع دول آسيا وأوروبا، وتقع المملكة في نقطة التلاقي بين طريقي الحرير البري والبحري، وهذا سوف يخلق فرصا وآفاقا جيدة للتنمية والازدهار المشترك للبلدين. فيجب علينا أن نبذل جهودا مشتركة لإحياء قيم طريق الحرير القديم، مما يعود على الشعبين الصيني والسعودي وشعوب الدول العربية بمزيد من المنافع الملموسة. إرساء السلام في المنطقة • كيف تنظرون لانعكاسات التنسيق السعودي الصيني إزاء إرساء الأمن في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز السلم العالمي؟ إن المملكة دولة عربية وإسلامية كبرى ذات التأثير الهام إقليميا ودوليا والصين بصفتها عضو دائم بمجلس الأمن للأمم المتحدة هي صديق موثوق به للعرب. والجانبان الصين والسعودي سيقومان بالتواصل والتنسيق بشكل مكثف في الشؤون الإقليمية والدولية حيث يعمل بلدانا على دفع عملية السلام بالشرق الأوسط، ودعم الشعوب العربية خاصة الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقهم الوطنية المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس. ويقدر الجانب الصيني مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة، والتى تظهر للعالم برمته الرغبة الصادقة والخيار الاستراتيجي الذي تعتمده الدول العربية في السعي للوصول إلى حل سلمي لقضية الشرق الأوسط. كما أن بلادي تدعم الحل السياسي للأزمة السورية واحترام اختيار الشعب السوري بإرادته المستقلة، وقد بذل البلدان جهودا جبارة في تخفيف الأزمة الإنسانية السورية. وتدعم الصين ضرورة احترام تقاليد وثقافات الآخرين، وأيضا حسن الجوار والحل السلمي للنزاعات بين دول منطقة الشرق الأوسط. ونتطلع إلى بذل الجهود البناءة والمستمرة مع السعوديين في إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودعم السلام والتنمية في العالم. • كيف يمكن للصين أن تساهم في تعزيز حوار الحضارات وثقافة الوسطية التي تتبناها المملكة من خلال مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الأديان؟ إن تعزيز مفهوم السلام والتسامح والحوار بين مختلف الحضارات يتمتع بمغزى مهم في توطيد الصداقة بين الشعوب والمحافظة على تعددية الثقافات وتدعيم السلام والاستقرار إقليميا وعالميا. إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار الحضارات اتفقت مع العصر وأظهرت الصورة الحقيقية للثقافة الإسلامية، وحظيت بالترحيب والتأييد على نطاق واسع في العالم. كما كانت للحضارة الصينية القديمة حكم فلسوفية مثل «السلام هو المثل العليا» و «الوفاق مع الاعتراف بالخلافات» و «لا تفرض على الآخرين ما لا تريده» وإلخ. ويوجد في الصين 56 قومية، بما فيها 10 قوميات مؤمنة بالإسلام وعدد سكانها أكثر من 20 مليون نسمة وهم جزء لا يتجزأ من الأسرة الصينية الكبيرة. ويبلغ عدد المساجد في الصين أكثر من 35000، وتحظى الشعائر الدينية للمسلمين الصينيين وثقافاتهم وتقاليدهم وعاداتهم بالاحترام الكامل. وتدعو الصين إلى احترام التنوع الحضاري وترفض أية أفكار عنصرية وتمييزية والإرهاب وفكر الانفصال والتطرف بكل الأشكال، كما تعارض ربط الإرهاب بشعب أو دين معين.