لا توجد الآن قضية تشغل بال الرأي العام العالمي بالإجماع (شعوبا وحكومات) كقضية ارتفاع درجة حرارة مناخ الأرض التي أصبحت الشغل الشاغل ليس فقط لعلماء المناخ بل أصبحت تقلق عقول البشر وتؤرّق مضاجعهم لا سيما بعد تسجيل ارتفاع درجة حرارة المناخ الى مستويات غير مسبوقة في عدة أماكن متفرقة في شتى أصقاع المعمورة والذوبان غير المسبوق لجليد القطبين. وبالتالي أصبح يوجد الآن اعتقاد متزايد لدى شعوب العالم بأن واحدا من أهم أسباب ارتفاع درجة حرارة المناخ هو النشاط البشري من خلال تعامل البشر مع بيئتهم لإشباع حاجاتهم اليومية الضرورية من الموارد الطبيعية (كاستهلاك الوقود الاحفوري واجتثاث الغابات) التي حبا الله بها الانسان ولكن في نفس الوقت يؤدي هذا النشاط العشوائي للإنسان الى حدوث التغيرات المناخية أو ما يسمى: man-made climate change. وفقا لتقارير اللجنة العلمية IPCC (وهي تختلف عن لجنة اتفاقية المناخ) المكونة من ألوف العلماء الذين تم اختيارهم بعناية من قبل حكوماتهم من شتى أنحاء المعمورة بما فيهم حكومة المملكة ممثلة بنخبة من علماء المناخ (يحملون شهادة الدكتوراه) في مصلحة الأرصاد وحماية البيئة فانه يوجد – وفقا لهذه التقارير – حد أقصى يجب ألا تتجاوزه درجة حرارة مناخ الأرض والا فاذا بقيت الحرارة ترتفع بمعدلها الحالي فان الحياة ستنقرض تدريجيا الى أن تختفي نهائيا من كوكبنا الأرض. لقد أصبحت الآن نتائج الدراسات والبحوث العلمية التي تنشرها تقارير لجنة IPCC مؤكدة ومسلم بها الى الحد الذي أصبحت لا تجرؤ دولة في العالم مهما كانت عظمة هذه الدولة العلمية والاقتصادية والعسكرية أن تشكك في صحة هذه التقارير أو تقف في وجه التيّار الجماهيري المتصاعد الذي يطالب بإيجاد حلول عاجلة الزامية يتم فرضها وتنفيذها سواسية طوعا أو كرها على جميع الدول في العالم. حتى وقت قريب كانت أكثر (أو أصعب) دولتين عظيمتين لم يتمكن العالم ان يفرض عليهما بالقوة الالتزام بخفض انبعاث الغازات كما يقررها بروتوكول كيوتو هما الولاياتالمتحدةوالصين اللتان كانتا في الماضي تراوغان وتؤجلان – لكن لم تجرؤ أي منهما أن تعارض علنا – التوقيع على اتفاقية ملزمة لأن كل واحدة منهما كانت تشترط ان يكون توقيعها مشروطا بتوقيع الدولة الأخرى. لكن مؤخرا في الصين استطاعت الدول الاوربية مدفوعة بضغوط الجمعيات غير الحكومية الناشطة بيئيا ذات النفوذ المتزايد في الرأي العام الأوروبي أن تغتنم فرصة اجتماع دول العشرين في بكين لإقناع الولاياتالمتحدةوالصين بالموافقة على توقيع وثيقة مؤتمر مناخ باريس. الخلاصة: ما هو تأثير اتفاقية المناخ وما يصدر عنها من بروتوكولات واتفاقيات ملزمة للدول بتخفيض انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة المناخ على استهلاك الوقود الاحفوري (البترول، والغاز، والفحم) وبالذات التأثير على استهلاك البترول وهو فقط الذي يهمنا من اتفاقية المناخ. بالتأكيد الكثير منا قد سمع عن الحملة الناشطة واسعة النفوذ التي تطالب بالاستغناء عن الوقود الاحفوري وبقائه مدفونا تحت الأرض ولكن القليل منا الذين يعرفون انها في صالح البترول التقليدي الذي أصبح المتبقي منه القابل للاستخراج نادرا لا يتوفر تقريبا الا في دول الخليج السبع مرتبة حسب الاحتياطي من الأكبر الى الأصغر (المملكة، إيران، العراق، الكويت، الامارات، قطر، عمان). من البديهيات أنه لا حياة من غير طاقة وبأن الوقود الاحفوري الآن هو المصدر للطاقة فهو يمد الانسان بحوالي 88 % (البترول 33.5 %، الفحم 31 %، الغاز 23.5 %) بينما المصادر الأخرى ضئيلة أهمها المائية 7 % والنووية 3.5 % والرياح والشمسية لا تتجاوزا 1 % والباقي فتات لا يذكر. هكذا يصبح واضحا للعيان ان الاستغناء عن الاحفوري هراء أما الاستغناء عن البترول التقليدي مستحيل بل سيزداد الطلب عليه متحولا من الفحم والبترول غير التقليدي.