إذا اتفقنا أن التغيير الثقافي هو تغيير بعيد المدى، لا يمكن حصد نتائجه إلا بعد سنواتٍ طوال، فإنه من المبكر جدا الحكم على تجربة مسابقة اقرأ الوطنية؛ ولكن ما هو مؤكد من خلال المواسم الثلاثة الأخيرة لهذه المسابقة القرائية، أن ثمة ظاهرة ثقافية جادة تمضي بثبات لتحقيق أهداف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (مبادرة أرامكو السعودية)، كون المسابقة أحد برامج المركز الهامة والأكثر جماهيرية إذا تذكرنا أنها تستهدف طلبة المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية. الموسم الرابع من مسابقة اقرأ، والذي سيختتم أواخر سبتمبر القادم، انتهى من مرحلته الثانية الخاصة وهي إقامة ملتقى اقرأ الإثرائي في المنطقة الشرقية، بعد أن رشح للمشاركة في الملتقى "36" قارئا وقارئة، من أصل "140" اجتازوا مرحلة لجنة تحكيم المقابلات الشخصية الأولى، بعد أن تقدم للمسابقة ما يقارب ال"14" ألف متقدم ومتقدمة، في ازدياد ملحوظ عن دورة العام 2015، والتي تقدم لها عبر الموقع الالكتروني ما يزيد على ال"6" آلاف. ملتقى اقرأ الإثرائي الذي انعقد بين (7-23) من شهر أغسطس الجاري، كان أشبه برحلة استثنائية إلى عوالم الثقافة والفنون الحية، ذلك من خلال البرنامج اليومي الغني بالأمسيات الفكرية والأدبية والفنية في أجواء من التفاعل بين المشاركين وضيوف ملتقى صار بمثابة المكافأة الأدبية المجزية لطلاب وطالبات تمكن منهم "10" فقط من الوصل للمرحلة النهائية والتنافس للفوز بمسابقة قارئ العام، ولكن ليس من خلال المنافسة التقليدية، فالمشاركات والمشاركون في هذا الملتقى خرجوا من الملتقى بشعور واحد يجمعهم وهو الامتنان للتجربة؛ إلى جانب الانتماء لهذا المشروع الثقافي المتجدد، عاما بعد عام. أخيرا يمكن القول ان استمرارية مسابقة اقرأ الوطنية، وما تبعها من تفاعل جماهيري شاب، هو بلاشك، واحد من الأمنيات الثقافية التي بدأت تتحقق. أليس وجود كل هذا الاهتمام بالقراءة، مدعاة للثقة والاطمئنان بأن هناك من يحرض دوما على الاتصال بالكتاب بين أوساط الأجيال الشباب، لنصل إلى جيل من القرّاء والقارئات سيكونون هم وآخرون، نواة التفكير النقدي وزاد التطور المعرفي الذي نريد.