دخلت الدبابات التركية مدعومة بمقاتلات حربية وقوات خاصة وباسناد من التحالف الدولي لمكافحة المتطرفين، الى سورية الاربعاء في عملية غير مسبوقة لطرد تنظيم «داعش» من مدينة جرابلس السورية الحدودية. وتقدم الولاياتالمتحدة دعمها للعملية التي تشارك فيها ايضا فصائل معارضة سورية مدعومة من أنقرة، فيما نددت دمشق ب»خرق سافر» لسيادتها. والعملية التي أطلق عليها اسم «درع الفرات» تهدف الى «انهاء» المشاكل على الحدود التركية ولا تستهدف فقط تنظيم «داعش» وانما المقاتلين الأكراد كما اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وقال اردوغان «منذ الساعة الرابعة فجرا (1,00 ت غ) اطلقت قواتنا عملية ضد مجموعتي داعش وحزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي) الارهابيتين». وافادت وكالة انباء الأناضول التركية المقربة من الحكومة ان فصائل المعارضة السورية المدعومة من انقرة سيطرت على قرية ككلجة على بعد خمسة كيلومترات من جرابلس في الهجوم الذي انطلق فجر الاربعاء. وقالت الوكالة ان فصائل المعارضة السورية المعتدلة «سيطروا على قرية ككلجة على بعد 5 كلم الى الغرب من جرابلس و3 كلم داخل الأراضي السورية». من جهته قال القيادي في «فرقة السلطان مراد» احمد عثمان، احدى فصائل المعارضة السورية، «بدأت الاعمال العسكرية صباح اليوم (الثلاثاء) بتمهيد من المدفعية التركية لتغطية العمل في منطقة جرابلس وبعد عدة ساعات توغلت قواتنا من محورين المحور الشمالي والمحور الغربي».واضاف «تمت السيطرة على قرية ككلجة (...) هذه اول مرحلة. والمرحلة الثانية تبدأ بعد ساعات للدخول إلى بلدة جرابلس التي تبعد عن قواتنا حوالى كلم». وكانت انقرة اعلنت في نهاية الاسبوع الماضي عزمها على لعب دور اكبر في سورية ، وهذه العملية هي الاوسع نطاقا التي تنفذها تركيا منذ اندلاع النزاع في سورية قبل خمس سنوات ونصف. ومن المحتمل انجاز العملية بصورة سريعة وقال وزير الداخلية التركي افكان آلا، «اعتقد ان هذا الخطر سيتم استئصاله في مهلة قصيرة (...) وجرابلس ستطهر سريعا من عناصر داعش». وبدأت العملية مع وصول نائب الرئيس الاميركي جو بايدن قبل الظهر الى انقرة حيث يلتقي رئيس الوزراء بن علي يلديريم ثم الرئيس رجب طيب اردوغان لاجراء محادثات تتناول بصورة خاصة الملف السوري. وافادت شبكة «ان تي في» التلفزيونية الخاصة ان طائرات اف-16 تركية وطائرات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة القت قنابل على اهداف لتنظيم «داعش» في جرابلس، في اول هجوم من نوعه منذ ان اسقطت القوات الجوية التركية طائرة حربية روسية في نوفمبر فوق الحدود التركية السورية. وتقدم الولاياتالمتحدة دعماً للعملية التركية الجارية داخل الحدود السورية ضد تنظيم «داعش» كما أعلن مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه. وقال المسؤول الذي يرافق نائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته الى تركيا الاربعاء انه في الوقت الراهن اتخذ الدعم شكل تبادل معلومات ومشاركة مستشارين عسكريين أميركيين ويمكن ان يصبح دعماً جوياً اذا طلب الاتراك ذلك. كما أكد ائتلاف المعارضة السورية دعمه للعملية. وقال الائتلاف في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نسخة منه إنه «يؤكد دعمه للجيش السوري الحر الذي بدأ، بمشاركة عدد من الفصائل المقاتلة في حلب، هجوماً على مدينة جرابلس لتحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، ولإبعاد خطر الإرهاب وتنظيمات حليفة للنظام عن تلك المنطقة».ورحب الائتلاف بالدعم الذي تقدمه تركيا والتحالف الدولي للعملية، وأكد أن «التواجد العسكري للتحالف مؤقت ومحدود لأهداف المساندة اللوجستية والدعم، وأن مقاتلي الجيش الحر هم من يتولون العمليات القتالية الميدانية». وكانت تركيا امرت مساء الثلاثاء سكان كركميش (جنوب شرق) باخلاء المدينة الصغيرة المقابلة لجرابلس «لاسباب امنية». واوضحت وكالة الاناضول المؤيدة للحكومة ان العملية بدأت في الرابعة فجرا (1,00 ت غ) وهدفها «تعزيز أمن الحدود وحماية وحدة اراضي سورية «.وقال وزير الداخلية لوكالة الاناضول الاربعاء ان «تركيا لن تسمح بان يكون امنها مهددا وستتخذ كل التدابير الضرورية». واضاف «لن نسمح بان تهاجم منظمات ارهابية تركيا امام انظارنا». وتحرص تركيا على منع تقدم قوات سورية الديموقراطية من منبج الى جرابلس وتسعى لمنع الأكراد من التمركز بشكل اكبر على الحدود. وقوات سورية الديموقراطية هي تحالف فصائل من العرب والأكراد يقاتل تنظيم «داعش». وتنظر انقرة بقلق الى اي محاولة من أكراد سورية لتشكيل وحدة جغرافية ذات حكم ذاتي على طول حدودها. وتعتبر تركيا تنظيم «داعش» والوحدات الكردية منظمتين ارهابيتين وتحاربهما، وهي بذلك على خلاف مع حليفها الأميركي حول الأكراد، حلفاء واشنطن في الحملة ضد المتطرفين في سورية. وندد صالح مسلم احد قادة الوحدات الكردية بشدة بالعملية وكتب على تويتر «تركيا في المستنقع السوري ستهزم مثل داعش».وقال سونر جاغابتاي المحلل في معهد واشنطن المتخصص في شؤون تركيا انه «بعد رحيل (رئيس الوزراء التركي السابق) أحمد داود اوغلو، مهندس السياسة الخارجية التركية في العقد الأخير، إعادة انقرة تركيز سياستها السورية لمنع تقدم قوات سورية الديموقراطية». ونددت دمشق الاربعاء بعبور دبابات تركية الى أراضيها، معتبرة ذلك «خرقا سافرا»، وفق مسؤول في وزارة الخارجية السورية. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسية «سانا» عن المصدر «تدين سورية عبور دبابات ومدرعات تركية عند الحدود السورية التركية الى مدينة جرابلس تحت غطاء جوي من طيران التحالف الأميركي الذي تقوده واشنطن وتعتبره خرقا سافرا لسيادتها». واعتبر المصدر ان «محاربة الارهاب ليست فى طرد داعش واحلال تنظيمات ارهابية اخرى مكانه مدعومة مباشرة من تركيا» مشددا على ان «محاربة الارهاب على الاراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري».وتصنف الحكومة السورية كافة الفصائل التي تقاتلها منذ بدء النزاع في منتصف مارس 2011 ب»الارهابية». وتتهم دمشقانقرة بدعم «الارهابيين» عبر ابقاء الحدود مفتوحة امامهم لاستقدام التعزيزات الى سورية . وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم صرح نهاية الأسبوع الماضي ان بلاده ستؤدي دورا أكثر فاعلية في النزاع من أجل «وقف اراقة الدماء» في سورية. وبعدما اتهمت تركيا لفترة طويلة بالتساهل حيال مقاتلي تنظيم «داعش»، تؤكد الآن بشكل حازم ان هدفها هو القضاء على التنظيم المتطرف. واسفر اعتداء وقع السبت في مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا قرب الحدود مع سورية عن 54 قتيلاً بينهم عدد كبير من الأطفال خلال حفل زفاف كردي. وتدل جميع المؤشرات على ان هذا الاعتداء الأكثر دموية في تركيا منذ مطلع العام يحمل بصمات تنظيم»داعش».