نركض كل لحظة داخل وقت مسروق منّا.. أحياناً لا نعرف من يسرقه؟ وأحياناً نعرف ولكن نعجز ونتوقف عن مطاردة السارق، ليس لأنه يستحق ماسرقه ولكن لأنّ السارق هو نحن هو أنت وأنا من يسرق وقتنا أو وقتك، من يغتال الساعات والأيام دون أن يكون للوقت بصمة في تغيير الحياة أو تحقيق إنجاز ما، بل على العكس قد نستخدم الوقت لتمزيق شرايين الحياة من خلال تبديده والاستغناء عنه وموارة تفاصيله رغم أهميتها التي قد تغير عالماً كاملا ً وتخلق آخر..! في منافسات أوليمبياد ريودي جانيرو بالبرازيل التي تقترب من اختتام منافساتها غداً الاثنين يتوقف المشاهد عند عروس الألعاب الرياضية "ألعاب القوى" ومنافسات السباحة الجميلة والتي يتجسد في بعض مسابقاتها أهمية الوقت بشكل دقيق وكيف أن الثواني هي من يصنع الفارق وليس الأيام أو الشهور أو الساعات.. أبطال عالميون وبطلات عالميات صنعن الفرق لدول لم تكن معروفة أو يتردد اسمها في المحافل الدولية.. من خلال الفوز بهذه المسابقات السريعة والتي لا تتجاوز مدتها 10ثوانٍ.. فقط..! ففي سباق 100 م مستوية و200متر صنع العداء العالمي الجامايكي "يوسن بولت" تاريخاً منفرداً عندما سجل نفسه كأسرع عداء في التاريخ في سباق 100 م عندما سجل زمن "9:58" وسجل "19:19"في سباق 200 م نتحدث عن ثوانٍ وليس دقائق.. هذا الزمن الذي ينحصر في أقل من عشر ثوانٍ خلق منه "بولت" المعجزة من خلال استغلاله لموهبته الفارهة وتحقيقه كافة الألقاب الرياضية وتحطيمه لكل الأرقام السابقة وإنجازاته الهائلة في تحقيق الذهب في ثلاث بطولات أولومبية وهو لايزال في التاسعة والعشرين من عمره ودخوله إلى موسوعة أعظم الرياضيين المعاصريين وأعلاهم أجراً وأكثرهم تواضعاً وقرباً من الناس.. ومرحاً فهو عقب فوزه منذ يومين وقبلها توجه لجمهوره وحياهم والتقط معهم صور السليفي بهدوء وارتياح وعدم شعور بالعظمة أو التعالي أو الاختلاف عن الآخرين.. يصنع بولت الفرق في التاريخ الرباضي من داخل دائرة ثوانٍ وليس دقائق بإبداع وتفوق.. وقدرة غير اعتيادية جعلت العلماء يحاولون تفسير السر وراء سرعته الاستثنائية وعدم قدرة الخصوم على تجاوزه رغم تقدم سنه في هذه البطولة، وتوصل العلماء إلى أن بولت من خلال نموذج حسابي أوصلهم للقوة والطاقة التي يبذلها للتغلب على قوة السحب التي تسببها مقاومة الهواء..! " جامايكا"الدولة الجزرية والتي هي جزء من جزر الأنتيل الكبرى في البحر الكاريبي ويسكنها 2:8مليون نسمة أصبحت دولة متقدمة في رياضة ألعاب القوى حيث إنها ليست بولت فقط بل تتميز بعدائين في مختلف المسابقات وعداءات بارعات حصدن الميداليات في كثير من المسابقات.. ويبدو أن بولت المحتفي بالزمن الغارق في ديمومة ثوانيه التي لا نعرفها هو من صنع الأسطورة ورصف الطريق للآخرين ليتفوقوا ويعتنوا بالزمن الذي هو وجه الرياضة الحقيقي.. جامايكا الدولة السياحية بامتياز.. أصبح علمها معروفاً. للعالم من خلال بولت ورياضييها الآخرين وهو يرتفع عالياً ويعزف السلام كلما حقق بطل ميدالية ذهبية في المسافات القصيرة.. بالتحديد..! متعة الرياضة انها تحتفي بالزمن وألعاب القوى هي وجهه الحقيقي.. وإذا كانت أميركا وجامايكا ودول الكاريبي ترنيدداد وتاهيتي هي الأقوى في مسابقات الثواني فإن "كينيا وأثيوبيا وبالتحديد كينيا.. أبطالها نجوم الزمن الممتد لمسابقات 10000 الف متر و5000 متر و3000 متر وإن كان البطل المسلم البريطاني محمد فرح قد كسر ذلك وفاز بميدالية 10000م وسيدخل 5000 الف متر.. ما أريد قوله ان الزمن في الرياضة يسرقنا ولا نسرقه، وأن الذي يريد أن يتعلم كيف يحافظ على وقته ولا يسلمه للفراغ أن يتابع الرياضة وكيف تتغير الأمور وتتحقق المعجزات في جزء من الثانية، وكيف تتحول الطوحات الصعبة إلى وقائع على الأرض.. تظل بعدها للأبطال والدول كنوزاً متجسدة للأجيال..! يحتفي الأبطال بالثواني من الزمن، والآخرون يبددون الأيام ويحتفون بالفراغ وكأنه الأكثر جاذبية.. رغم أنه هو من يمسح صفحات التاريخ ويكتبها فارغة..!!