الابتعاث كان وما زال خطوة عظيمة أتاحت للفرد السعودي الفرصة ليقدم نفسه وثقافته ومجتمعه لدول العالم المتقدم، لا يخفى على عاقل الآثار العظيمة المترتبة على التلاقح الفكري والثقافي بين الثقافات المتعددة على المستوى العلمي والثقافي وعلى المستوى الاجتماعي بل والأخلاقيات والسلوك، وحيث انّ الغرض الأساسي من الابتعاث هو تحسين التحصيل العلمي والحرص على أن يكون ذا جودة عالية، حرصت وزارة التعليم على توفير قوائم بالجامعات الموصى بها والمتميزة في مختلف التخصصات والدرجات العلمية في مختلف دول الابتعاث محدثة باستمرار وذلك لتوفير العديد من الخيارات المتميزة للشخص الراغب في الابتعاث، ولكن وعلى الرغم من هذه الجهود تظل هناك بعض الممارسات المسيئة التي تصر على هدمها، والتي تضر كذلك بالمخرج العلمي حتى يصبح واهنا يتغذى على القشور، ويتناسى عامداً اللب التي تضافرت جميع هذه الجهود لتوفيره. ما نفتقده كمبتعثين هو الكتابة الأكاديمية ومهارة البحث والحس النقدي، ولما كانت هذه المهارات ضعيفة لدينا من الأساس؛ أصبح عديد من المتبعثين يبحثون عن خيارات بديلة بدلاً من أن يعيدوا بناء هذه المهارات أو يسعوا لتطويرها، هذه المهارات مهمة لمختلف التخصصات والمراحل العلمية وبالأخص مراحل الدراسات العليا، الحلول البديلة أصبحت هي الخيار الأوحد لبعض المبتعثين، كالمواقع التي تعد البحوث عوضاً عنهم، أو المدرسين الخصوصين الذين لا يهتمون بتلقينك المعلومة بقدر ما يهتمون بسلبك كل ما تملك، والقيام بعملك بدلا منك، بذلك فقد المبتعث تدريجيا ثقته بنفسه واستسهل أخذ عمل غيره ونسبه له. لا ننسى أن وجود مثل هذه العينة على كثرتها لا يلغي على الإطلاق وجود العديد من النماذج الرائعة والمميزة والمشرفة، وعلى الرغم من أن التعديلات الأخيرة على أنظمة الابتعاث قد كان لها إيجابية كبيرة قي رفع التنافسية بين المتقدمين ليحصل الأكثر جدية على الفرصة الأكبر، يظل حل هذه المشكلة معتمداً بالدرجة الأكبر على المبتعث نفسه ومدى إخلاصه وتفانيه في عمله، وكذلك تتحمل المنظمات التعليمية قدراً كبيراً من المسؤولية وتشكل جزءاً مهماً من الحل حيث يقع على عاتقها بناء مهارات البحث لدى النشء والتركيز عليها ومحاربة ثقافة النسخ واللصق، بل وتجريمها وعدم القبول بها أو التغاضي عنها، وبذلك نرقى بمستوى التعليم المحلي ونزيد من المستوى المهاري والعلمي لدى الطلاب الخريجين، وتزداد ثقة الطالب بنفسه ويكتسب شرف المحاولة والجد والاجتهاد، وبذلك ستتحقق الفائدة المرجوة وسيتغير المجتمع للأفضل.