الحياة السياسية في العراق ليست معطلة وغير صالحه للعمل، ففي العراق مظاهرات يقودها قطب ديني مهم مقتدى الصدر من أجل محاربة الإرهاب والفساد، وكذلك يوجد بها أحزاب دينية سياسية، وأيضا أحزاب تسمى تجاوزاً وطنية علمانية وإلا هي في حقيقتها شبه دينية، بهذه التنظيمات وليس المؤسسات تحيا العملية السياسية، تحركها فتوى دينية لمواجهة نخوة عشائرية، فالدين أو الفقه الإسلامي السياسي وتقاليد العشائر هما الثقافة السياسية التي تصنع الأحداث والمصالح، فالدين السياسي محتكر إيرانياً، والعشائر السياسية خذلتهم أمريكا وتناساهم العرب، ولم يتذكرهم احد الا بعد ان سكن داعش أراضيهم. اللعب على الصوت العربي يعني عراقياً فتح الباب لمحاكمات جديدة لحزب البعث، فالعروبة في العراق تم سحب معناها القومي والوطني منها ولم يتبقَ الا معناها العشائري، وهذا المكون السياسي يتوزع مذهبياً بين شيعة وسنة، إلا ان هذا التوزع المذهبي لم يخدم فكرة التنوع في القبيلة بل اصبح مصدراً قوياً لتمزيقها، وإن لم تتدارك القبائل العراقية فكرة تصنيفها مذهبياً ستحول مصيرها إلى مصير يشبه مصير بلدها العراق تحركه الطائفية وتعطله الطائفية. المحافظة على عروبة القبائل يعني الاعتراف بحقها في الانتساب لأجدادها وهذا حق لا ينازعها فيه أحد مشكلته بالأساس امتداداته الجغرافية فالقبيلة بالرغم من وجودها في بلد بعينه الا ان امتداها يتجاوز لبلد آخر، في الحالة العراقية هذا الامتداد ليس عيباً بل ميزة للقبيلة العراقية التي تتعرض اليوم للقتل والاعتقال، من هنا جاءت فكرة المؤتمر للمعارضة العراقية أو مؤتمر نصرة القبائل العربية العراقية، فعشائر العراق هم المكون الوحيد الذي واجه داعش وتحمل تبعات محاربة داعش، فتصنيف بعض العشائر العراقية بأنها مؤيدة لداعش جعل من استهدافهم من قبل قوات التحالف الدولي ومليشيات الحشد الشعبي امراً سهلاً، ساعد على ذلك في الحقيقة غياب المشيخات القبلية سواء داخل العراق او خارجه، فزعماء القبائل ضعف دورهم بسبب الإغراءات المالية التي تصرف عليهم في الداخل، او بسبب تطلعات شخصية لبعضهم خاصة الذين يبحثون عن دور سياسي حتى لو كان صورياً، الشيء الذي أدى الى جعل قبائلهم صيداً متاحاً لكل من أراد ان يسجل بطولة طائفية أو نجاحاً سياسياً، عند دائرة مصالحه أو مذهبه، فطرح فكرة القبائل العراقية والبحث عن إنعاشها من جديد أمر فرضه الواقع الذي أخرج العروبة من دائرة اللعب السياسي، والآن هو في طريقة لطرد القبائل العربية التي تتمسك في انتمائها العربي أو تقدمه على انتمائها المذهبي، فالعراق اليوم رجع لمصادر انتمائه الأولى فكل بعد حضاري سياسي للانتماء تم الإجهاز عليه، فإن استطاعت القبائل العراقية العربية ان تجتمع حول مصير واحد، وبمساعدة دائرة انتماءاتهم الداخلية والخارجية سوف تصل القبائل الى نتائج تجعل الفتوى الدينية الطائفية تفصل على مقاس النخوة العشائرية.