لا يوجد عمل لا تحدث فيه أخطاء، فالخطأ أمر طبيعي ومعتاد قد ينتج عن تقصير أو أمر طارئ أو أي أسباب أخرى ولكن المهم هو الإقرار بالأخطاء، والعمل على إدارتها ومعالجتها بالشكل الصحيح مع الاستفادة منها في تفادي أخطاء أخرى مستقبلاً، وقد أثبتت التجارب عبر الزمن أن التهرب من المسؤولية ومحاولات تبسيط الخطأ أو تعليقه على مشجب الآخرين أو على الظروف لن يجدي ولن يقود إلى درب السلامة، بل يزيد الوضع سوءا، وكما أن للنجاح أسبابه فاللفشل أسبابه، وبدون معرفة الأسباب والإقرار بها لن يتحقق النجاح ولن يتفادى أو يعالج الفشل. الأخطاء تحدث باستمرار وفي كل المجالات وهناك الكثير من الكتب التي ألفها قادة عظام عبر التاريخ تحدثوا فيها عن إنجازاتهم ونجاحاتهم وعن فشلهم وأخطائهم أيضا، وأقروا أنهم اتخذوا في مسيرتهم قرارات خاطئة تعلموا من نتائجها دروساً عظيمة. الإقرار بالخطأ عمل يتطلب إرادة وصدق وشجاعة وهي صفات يجدر أن يمتلكها القائد ليكون مؤثراً، وصراحة المسؤول مع موظفيه ومع من حوله من الناس تضعه في المكان اللائق به، وتعلي مكانته في عيون الآخرين، وتجعل منه قدوة يتعلم منها الموظفون دروساً عملية في تحمل المسؤولية. والسؤال هنا: ما الذي يمنع المسؤول من الإقرار بالخطأ ومواجهة الموقف والتصريح بشفافية؟ تمنعه أسباب كثيرة منها الكبرياء والغرور، أو الخوف من النقد ومن الحكم عليه بالفشل، أو الذعر من العواقب ومن ضياع المصلحة الشخصية، أو الفهم الخاطئ وهو عندما يظن أن المسؤول لا ينبغي أن يخطئ ولا يقبل منه الخطأ، مع أن العيب ليس في حدوث الخطأ ولكن في محاولة الالتفاف عليه. على كل مسؤول أن يدرك أن الأخطاء جزء من مسيرة العمل، والواجب مراجعة العمل والبحث في الأسباب التى أحدثت الخلل، وستظهر من خلال البحث نقاط الضعف التي أهملت ونقاط القوة التي لم تستغل، أما التبريرات ومحاولات النفي والإنكار وتبادل الاتهامات فلن تحول دون اعتبار ما حدث أنه خطأ، بل ستضيف عليه شيئاً آخر هو ضعف المسؤول وعدم مصداقيته. تصحيح الأخطاء محاولة لتغيير الواقع ومواجهة التحديات، وهو أمر مطلوب في العمل يضيف قيمة عالية إلى المسؤول، وفي كل مرة يقف مسؤول ليدافع عن نفسه ويدفع التهم عنه أو عن موظفيه ويتلاعب ويحجب الحقائق التي يريد الناس أن يعرفوها يسيء إلى نفسه، وإلى مؤسسته ويعجل في نهاية مسيرته المهنية بعد أن يصبح موضوعاً للتندر بين الناس. نتطلع إلى خلق بيئات عمل صحية، تدعم ثقافة الثقة والصدق والتعلم من الأخطاء، وتشجع على تحمل المسؤولية وعلى المواجهة والمبادرة.