اريد ان ابدأ مقالتي هذه بسؤال بسيط ألا وهو: هل يمكن الاستفادة من الفشل كبذرة للنجاح؟ سؤال مهم من وجهة نظري يجب التمعن فيه جيدا, ونفكر فيه طويلا قبل الاجابة عنه, فالاجابة عنه في رأيي المتواضع يمكن ان تكون بنعم, ولكن نعم هذه, ولكي تكون حقيقية, مرهونة بتحقيق شرطين مهمين, ويمكن ان تكون الاجابة بلا, واذا بما يتحقق هذان الشرطان. الشرط الاول ان يكون لدى المرء نية الاستفادة من التجارب التي يمر بها, وان يتحرى اسباب فشله, ويسأل لماذا الفشل اصلا؟ وكيف يمكن ان ينجح في المرة التالية؟ وهنا يستطيع ان يلتمس طريق النجاح. اما الشرط الثاني, لاتنسوا انها تمثل وجهة نظري من واقع تجارب شخصية, ان يكون لدى المرء التصميم على النجاح والاقرار داخليا ان الناجح يحتاج الى اعادة محاولة مرة او اثنتين او ثلاث, حتى ينجح لان النجاح باستمرار لايأتي من اول محاولة. يجب ان يتعلم المرء من المحاولة الاولى, ويستفيد منها في المحاولة الثانية, اما لوأخذ الفشل في اول مرة واعتبره مسألة عادية فهذا بلاشك يمثل قمة الاستسلام, ولو توافرت لديه ارادة النجاح فسيجد طريقه اليه باذن الله. فالتصميم ليس مجرد الالحاح في الطلب وحسب, ولكنه ايضا سعة الحيلة واعادة دراسة الموقف ومعرفة اسباب عدم النجاح, فتكرار المحاولة والاصرار بعد الفشل لاتعني اليأس ابدا, لان الفشل ما هو الا بذرة للنجاح واولى مراحله حتى لو لم تتوافر ظاهريا اسباب النجاح, فالنجاح له دروبه ومسالكه, اهمها ألا يستسلم المرء للفشل حتى لو كانت فرص النجاح ضئيلة من اول وهلة. ودراسة الموقف في كل مرحلة من مراحل العمل امر حتمي للبحث عن الخلل, وعما اذا كان شخصيا ام في الطريقة المتبعة؟ ان النجاح الحقيقي لا يأتي بسهولة او بضربة حظ كمن يرث مالا مثلا, وهذا لايدخل في مفاهيم النجاح المعروفة, ولا يسمى نجاحا ما لم يكن مقرونا باستمرار العمل الجاد الذي بدأه غيره, وذلك ببذل الجهد المتواصل والسعي الحثيث في سبيل تحقيق هدف محدد وواضح. كمثال هدف دخول الجنة الذي يتطلب العمل الجاد الذي يرضي الله ورسوله, اذ يقول الله سبحانه عن الذين سعوا لدخول الجنة ونالوها بسعيهم واجتهادهم (ووجوه يومئذ ناعمة, لسعيها راضية, في جنة عالية) سورة الغاشية. ولو برع الانسان في مجال من المجالات ونبغ لكان ذلك اثراء للتراث الانساني كله وليس فقط, ارضاء لطموحه الشخصي, ولا شيء بالتأكيد يمنع الانسان من التفوق والابداع لو كان لديه طموح ورغبة في ذلك. وقد لايكون طريق النجاح سهلا, بل هو بالفعل ليس سهلا, ولكن النجاح في نهاية المطاف شيء له طعم ومذاق خاص عندما يتحقق. ومن شروط النجاح قابلية الانسان للتعلم من اخطائه, وإلا فسيظل يرتكب الخطأ نفسه طوال حياته ولا يتعلم منه شيئا. فالشخص الذي يكرر اخطاءه, ولا يتعلم منها ليتجنبها سوف لايكتب له النجاح مهما بذل من جهد. لذلك يجب على الشخص ان يتحلى بالشجاعة التي تمكنه من وضع يده على اخطائه ومواجهتها بحسم وعزم, ويحللها بموضوعية ليتعلم منها, ولايظل حبيسا لها, بدلا من وضع (الحظ العاثر) شماعة يعلق عليها اخطاءه. فاذا توافرت للشخص قابلية التعلم من اخطائه, عندئذ لن يكون فشله نهائيا, بل سيكون الفشل في هذه الحالة بذرة جيدة للنجاح في المحاولة التالية. وقد تأتي تلك المحاولة بنجاح اكبر من توقعات الشخص نفسه. واخيرا يجب الا يفوتنا ان الاخفاقات الاولية تفجر الطاقات الكامنة عند الانسان نوازع الضعف والاستسلام والخمول والتواكل ليكون انسانا قويا مؤثرا في بيئته.