نجح مؤتمر المعارضة الإيرانية الحاشد بباريس السبت الماضي في التعبير عن مواقفه من بطش وظلم وتجاوز نظام الملالي الإرهابي الحاكم هناك، وتعرية أفكاره وطموحاته الاستبدادية الثورية، وسعيه إلى ترسيخ السلطة المطلقة لنظام الولي الفقيه، والتضحية في سبيل ذلك بحقوق ومقدرات الشعب الإيراني، وقمع الأقليات الدينية والعرقية، والتدخل في شؤون الآخرين، وتحريك المليشيات المأجورة الرخيصة في تفكيك وحدة الشعوب العربية، وإثارة الطائفية بينها، حيث واصلت ردود الفعل الدولية متعددة التوجهات تأييدها المطلق لمضمون رسالة المعارضة التي وصلت إلى العالم بإسقاط النظام، وشارك في نقلها والتعبير عنها رموز سياسية واستخباراتية من بينهم الأمير تركي الفيصل الذي أعلنها صراحة أيضاً: «وأنا أريد إسقاط النظام». دعوى بمثل هذا الحجم نتمناها، ونسعى لها؛ لأن ما يربطنا بالشعب الإيراني والحضارة الفارسية أكبر مما يخطط له أصحاب العمائم السوداء، ومن يقف خلفهم، ولكن علينا أن نعمل على تحقيقها؛ فالكلام، والإعلام، والخطابات لا تحقق نتائج بلا فعل ملموس، ومدسوس على الأرض، خاصة في هذه الظروف التي انتشر فيها السرطان الخميني داخل عواصم عربية، واحتلها علناً، بل جعلها منصة لتسيّد المشهد بالفعل وليس الكلام، وهذه حقيقة لم نصحو منها إلاّ بإعلان «عاصفة الحزم» التي قطعت الطريق على المشروع، وكشفت نواياه، وواجهته بالفعل، رغم أن المعاناة أكبر في سورية والعراق ولبنان، حيث لا نزال بحاجة إلى عواصف أخرى لتحرير الأرض العربية من المحتل الفارسي الجديد. السؤال الذي تبادر إلى الذهن: كيف نسقط نظام الملالي والغرب يدعمه ويقدمه كمشروع بديل في الشرق الأوسط الجديد؟، وهو سؤال مثير ومستفز، ويتزامن في توقيته مع مخرجات طائفية منتشرة بين الشعوب، وتدخلات سافرة على الأرض، ورعاية حصرية للإرهاب، وتهريب علني للسلاح لكل من يريد أن يوقظ فتنة، أو يشعل حرباً.. وهو سؤال محبط للشرفاء في المنطقة، ممن يناضلون على توحيد صفوفها، وكلمتها، ونشر السلم بينها، وتعزيز أمنها واستقرارها، واحترام سيادة دولها، وحقوق شعوبها.. وسؤال يكشف أيضاً أن خيوط المؤامرة ما زالت تلتف يوماً بعد آخر على خاصرة الدول المناهضة للمشروع الإيراني، وتقيّد تحركاتها، والنيل من عزيمتها في المقاومة وإدارة الصراع. مواجهة إيران الملالي الإرهابية بحاجة إلى أفعال، وقوى ناعمة تضرب في العمق، وتعرّي الإيدولوجيا، وتحمي الأقليات، وتقف إلى جانبهم، وتوحّد صفوف المعارضة، وتنقل مشروعهم، وأجنداتهم من الخارج إلى الداخل، وهو السلوك الذي يمكن أن نبني عليه عاصفة حزم جديدة في إيران، ليس بحثاً عن مواجهة عسكرية تقليدية بين إيران وقوات التحالف العربي، ولكن بين إيران الملالي وإيران المعارضة، وهي المهمة التي يكون الإعلام فيها شريكاً في إثارة الموقف، وصناعته، وتكوين رأي عام يتمدد في عروق الشعب لينتفض، ويثور، وهي مهمة ليست سهلة، ولكنها أيضاً ليست مستحيلة؛ فالخميني لم يحقق ثورته قبل 37 عاماً إلاّ حين خاطب الشعب بلغته، وإرادته، وولايته، ولم يصل إلى طهران قادماً من باريس إلاّ بعد أن ضمن أن الشعب في انتظاره، واليوم تعود باريس مجدداً وتحتوي المعارضة الإيرانية، وتدعم موقفها، وخطابها، وهي بداية على طريق طويل للخلاص من الملالي ومشروعهم الإرهابي الطائفي، ولكن الأهم أن نواصل على ذات الطريق، ولا نتراجع؛ لأن من يريد أن يسقط النظام في إيران عليه أن يتحمّل التبعات، ويتوقع السيناريوهات المحتملة على كل صعيد، وأن يختبر قدراته، وحلفاءه، وينهض إلى حيث يكون المستحيل واقعاً.